-
من إيران إلى العراق كورونا تقض مضاجع عمائم الدجل
حالة تردي ثقافي وغيبوبة فكرية في العراق وإيران.
نكاد أن نتفق جميعا على أن إيران والعراق في ظل وجود مجموعة يُطلق عليها عبثا (رجال دين)، بل أنهم عصابة دينية تعمل على غسل عقول الشباب وهم يُلقون الخطب من على المنابر، فهم يُقدسون الدجل والشعوذة. ورغم كل أفعالهم هذه وأكاذيبهم، لكن في نظر الكثير أنهم رجال تقوى وفضيلة لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم. وليس الأمر فهي غموض فطالما ظلت عمائم الدجل مصممة على أن تعبث بنا بسبب ممارساتها الكارثية وعدم النظر إلى ما وصلنا إليه من تخلف وبؤس، فهم يشعوذون كما يتنفسون، وطالما هناك من يتبع هذه العصابة الدينية ويعتقد بأفكارهم إلى درجة التقديس، ستظل ساحتهم وأفكارهم وشعوذتهم قابلة للانتشار والتغلغل. وياريت لو كان الأمر مجرد هتافات وصراخ من على المنابر، لما كان ذلك مهما، لكن المأساة تكمن في المتخلفين والجهلاء الذين يتبعون منهجهم ويؤمنون بهم!
إذن هو ابتلاء مكتمل الأبعاد بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
اليوم والعالم كله يعيش رعبا بسبب فيروس كورونا وما حصده من أرواح البشر وما زال كورونا يفتك بنا، حيث تتذرع فيه البشرية إلى الله لينقذنا من هذا الوباء المدمر، في وقت يتسابق فيه علماء الطب والصحة في الكرة الأرضية بالبحث والقراءة وإجراء ملايين التجارب في أرقى المختبرات العالمية لإيجاد لقاح أو دواء تنتصر فيه البشرية على كورونا، إذ بدجال عراقي يقتحم الميدان شاهرا سيفه ليقلب الطاولة على العلم والعلماء بعد أن اعتلى المنبر ليخطب بالناس حيث قال نصا " لا تهتموا لكورونا لأني سأمنحكم نوع من الشكولاتة يحصنكم من كل الأمراض"؟ وهم يرددون بعده: اللهم صلي على محمد وآل محمد!
وتكتمل الصورة السوداء عندما صرح مشعوذ آخر علنا وأمام الملايين" بأن أي شخص يأتي لزيارة المراقد الدينية وهو حامل لفيروس كورونا سأُقبلُه من فمه فينتهي المرض عنده في الحال".
وتأسيسا لذلك، نلحظ أن الخط البياني لحجم التدهور الفكري يتصاعد في العراق وإيران نتيجة لفيروس عمائم الدجل الذي اجتاح عقول بعض الناس وهم يستمعون إلى هذه الزمرة الجاهلة دينيا في بيوت الله البريئة منهم ومن أمثالهم. هذا نموذج بسيط لمستوى التردي الثقافي والغيبوبة الفكرية التي نعيشها. بيد أن كورونا قد حصد الكثير منهم وتحديدا في إيران (طهران وقم ومشهد). ولكي تستمر أدوات الخديعة فهم مستمرون بالكذب والمراوغة مستغلين الدين أبشع استغلال، وكل من يخالفهم يُتهم بالمروق والإلحاد.
في الحقيقة نحن لسنا بعلماء ولا فقهاء، ولكننا نستطيع أن نميز بين الغث والسمين مما يقال على المنابر وبكل بساطة. فهؤلاء شيوخ ورجال دين وفقهاء يملكون القصور الفخمة ويركبون السيارات الفارهة وبصحبتهم حمايات وبودي جاردات كي يذهبوا إلى الجوامع والحسينيات ليحدثونا عن الدين والعلم والطب ويحولوا منابر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معارك كلامية وفتاوى ضالة وعبث وكيد سياسي وإلى تضليل وتغيب فكري ديني، مستخدمين عباءة التدين وعمامة الكذب.
إن الإسلام ليس دينا طقوسيا كما كانت عليه الشعوب التي خضعت لنظام الدولة الرومانية استنادا لمقولة ما كان لله فهو لله وما ليقصر لقيصر وقبلت أن تكون مطية لتكفير كل من لا يخضع لنظام الحكم الروماني الذي يشرّع ما يتوافق مع مصالحه ونفوذه الإمبراطوري بالاستناد لأهواء وعقول البشر. الله في دين أو نظام الاسلام هو ليس كيانا ميتافيزيقيا يتربع على عرش من الخيال خارج معالم جغرافيا الكون والحياة. هو ربنا وخالقنا المهيمن على مقاليد السماوات والأرض. وهو الخبير الذي يعلم شؤوننا ويقلبنا حيث يشاء ويملك حياتنا ووجودنا، وأن من أهم عناوين هويتنا أننا عباد لله وحده. لعلّ كارثة انسلاخنا عن هذه الهوية تجعلنا بلا وجود ولا قيمة ولا اعتبار إنساني، الإسلام حررنا من عبودية الطغاة ومن جاهلية السفالة والانحطاط وحقق انسانيتنا بمكارم الأخلاق ونبذ الانحراف والدناءة والسقوط في حضيض البهيمية، وبدين الاسلام تشكلت سيكولوجيتنا الذاتية والموضوعية في توازن المجتمع الاسلامي الذي ننتمي اليه. من هنا نفهم بأن الدجل والشعوذة هو صفحة من صفحات الحرب التي تستهدف تدميرنا نهائيا بعد أن تم احتلال أرضنا واستباحة دمائنا وأوطاننا.
العراق اليوم أسير بقبضة هذه الطبقة الكهنوتية التي تتميز بأزياء خاصة لا صلة لها بحقيقة الدين وعقيدته. بالعودة الى الهويّة التي تجسّد وجودنا وكياننا الإنساني فقد لاحظنا أن أكثر الذين قاوموا الاحتلال واستشهدوا في سبيل الله كانوا أناسا غير متدينين وبعضهم كان ممن يجترح المخالفات الشرعية؟ وهذا لا يُستغرب أبدا لأن الله في قلب هؤلاء لا يتقيد بجدران المسجد أو عمامة ولحية رجل الدين الطقوسي. الله في ذات الانسان المضحي بحياته من أجله هو الحياة كلها، وهو الكيان العظيم الذي تتلاشى قيمة الروح أمام عظمته، وهو الشرف والأخلاق التي تجسّد ذاته الإنسانية
فليطمأن كل إنسان مؤمن بالله، إن ظاهرة الدجل مع أجندتها والدوائر التي تقف خلفها وتروجها بكل الوسائل لن تكون أكثر قوة من إيماننا، بل إن الواقع ما قبل ظهور رسالة الله التي بعث فيها النبي العربي الأميّ محمد بن عبد الله. ذلك الواقع يتطابق مع واقعنا المتردي حاليا، وبموجب جدل الوجود والنواميس الإلهيّة فهو يبشرنا بظهور الاسلام من جديد، دين الله الحق خالق الكون ومهندسه العظيم، هذا الدين لن يكون دينا بهلوانيّا يتحكم فيه ذوي الجلابيب والعمائم المخزية. دينا إنسانيّا لا يكيل لصالح قومية معينة أو أنساب كهنوتية، دين لله لا يقدس الأماكن والأبنية والهياكل الطقوسية، إن الأرض كلها طاهرة مقدسة، وإن الإنسان هو قدوس الله الأعظم الذي خلقه بيديه، وإن الجنة ليست ميتافيزيقية خيالية وإنما هي حقيقة تتحقق بالعدل والسلام والمحبة بين جميع البشر. دين يتجلى برحمة الله على العالمين، ليس رجعيّا باليا ويتسق مع منطق العصر والتقدم العلمي والحضاري.
ليفانت - أنمار نزار الدروبي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!