-
من الزمن الجميل
لماذا سأكتب عن الزمن العربي الجميل وفي هذا الزمن الرديء وفي هذه الظروف السيئة؟ سؤال يطرح نفسه عن سرّ الكتابة في موضوع رقيق ناعم شاعري أنيق، والساحة العربية اليوم تعجّ بكل ما هو غليظ فظّ وفوضوي شنيع. الزمن الجميل
لماذا الكتابة عن الفنّ بالذات؟ الفنّ الراقي الذي يهذّب النفوس ويشذّب الأرواح ويرتقي بالمشاعر، في زمن أصبح الفنّ مجرد تجارة لإثارة الغرائز وتأجيج الفتن وترسيخ البشاعة والقباحة.
والجواب بسيط وواضح: لكي نستعيد معاً ذكريات زمن كانت الحرية الفكرية والسياسية والتعبيرية هي الدافع الأول والأجمل للحركة الفنية التي نمت في أرض خصبة من الأصالة والجودة في كلّ شيء، بدءاً بالتعليم والتربية الأسرية، وانتهاء بالأدب والتهذيب في التعامل الراقي بين أبناء المجتمع العربي، الذي كان يعبر من مرحلة الظلامية والجهل والتخلف التي فرضها الاستعمار التركي المتقنع بالدين والمتسلح بفتاوى شيوخ السلطة والسلاطين، ثم بالعنصرية القومية، التي قمعت كل فكر أو فنّ أو إبداع، حتى رأينا فناناً مبدعاً بقامة الشامي "أبو خليل القباني" يهاجر بفنه وإبداعه إلى مصر هارباً من سيف الظلامية والتكفير العثماني، لينقل مع تلامذته، من دمشق وحلب، إلى بلاد النيل، تراث أهل الشام الفني، فاتحاً لهم الباب لتطوير الفن العربي، في ظل جو نسبي من الحرية، فرضه الاستقلال النسبي لمصر عن السلطنة العثمانية، والانفتاح الحضاري على الغرب بعد حملة نابليون، ثم شقّ قناة السويس ودخول الأوروبيين للبلاد، وتجديد القاهرة وبناء دار الأوبرا والتلاقح الفكري والفني مع الأدباء والموسيقيين الغربيين الوافدين إلى مصر المزدهرة، اقتصادياً وسياسياً وعلمياً وثقافياً.
لتبدأ الحركة الفنية العربية بالانطلاق من مصر، لتدخل القرن العشرين وقد لمع فيها من تلامذة القباني وتلميذه الشيخ الحلبي، شاكر أفندي الحلبي، أسماء لفنانين أسّسوا لانطلاقة فنية شاملة في الغناء والموسيقا، كالشيخ سيد درويش، والمغني عبدة الحامولي، والمنشدين، يوسف المنيلاوي وسيد الصفتي، والمسرحيين، يوسف وهبي ونجيب الريحاني وجورج أبيض، تدعمهم صحافة حرة ومزدهرة وحركة إبداعية ثقافية لكتاب وأدباء ساهموا جميعاً في صناعة الجمال وبناء عصر ذهبي للفنّ والإبداع العربي، ما زال العرب يحنّون إليه بعد أن أجمعوا على تسميته بالزمن العربي الجميل.
ولنذهب معاً في رحلات ستمتعكم في ذكريات الزمن الجميل، فهل أنتم مستعدّون؟. الزمن الجميل
ليفانت - ربيع شعار
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!