-
من العمامة إلى البندقية.. الحروب سلاح أنظمة الأزمات
لطالما استخدمت أنظمة الأزمات الحروب كوسيلة للبقاء في السلطة، فبعد أن تفشل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، تلجأ هذه الأنظمة إلى الحرب كوسيلة لتشتيت انتباه الشعب عن مشاكله الداخلية وتحويل غضبه إلى عدو خارجي، ونجد في إيران على سبيل المثال أن النظام الإيراني يعتمد على مجموعة متنوعة من الأساليب للبقاء في السلطة، من بينها استخدام العمامة والمظاهر الوهمية للدين والسلاح وإشعال الحروب، ويستخدم العمامة والمظاهر الوهمية للدين هذه لفرض سلطته على الشعب الإيراني بالخداع والاحتيال مدعياً أنه يحكم باسم الإسلام، ويستخدم الدين ذاته للقتل بغير حق ولتبرير قمعه للمعارضة وانتهاكاته لحقوق الإنسان، كما يعتمد النظام الإيراني على القوة العسكرية أيضاً من أجل البقاء في السلطة حيث يمتلك هذا النظام الفاشي ترسانة عسكرية وأمنية كبيرة يستخدمها في قمع الشعب وقتل واغتيال وتهديد معارضيه ونشر نفوذه في المنطقة.
ومن الجدير بالذكر أن النظام الإيراني يستخدم الحرب والتدخل في الصراعات في المنطقة كوسيلة لاستعراض القوة وتشتيت انتباه الشعب الإيراني عن مشاكله الداخلية ساعياً في الوقت ذاته إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة وتمكين أذرعه فيها مما يُعظم من قوته وينقل صراعاته إلى باحاته الخلفية خارج حدوده ليضمن بقاءه، وبناءً عليه يتوجب على المجتمع الدولي انتهاج سياسات رادعة بشأن هذا النظام واتخاذ إجراءات جدية صارمة بحق النظام الإيراني لنوع قدراته من خلال تصنيف الحرس على قوائم الإرهاب، ودعم المقاومة الإيرانية والمطالب الشعبية الرامية إلى التغيير الديمقراطي.
الآثار المدمرة للحروب والغرض منها
لا شك في أن الحروب التي تُثيرها وتشنّها أنظمة الأزمات تؤدي إلى آثار مدمرة على الشعوب وعلى المجتمع الدولي أيضا، خاصة في ظل ترابط المصالح العالمية اليوم، بالإضافة إلى الخسائر البشرية ودمار البنية التحتية وانتشار الفقر والبطالة وزعزعة الاستقرار الإقليمي وتهديد الأمن الدولي تؤدي الحروب إلى خلل في العلاقات الدولية ونشوء اصطفافات وتكتلات غير حميدة بين الدول والأقاليم، تتوقف أيضا عجلة التنمية وتزداد معاناة الطبقات الإنسانية الرقيقة، وفي حين تقوم الحروب على نزاعات دولية تستدعي في نهاية المخاض إلى قيام حرب لإيجاد حلول أو استعادة حقوق؛ إلا أن الأمر مختلفٌ تماماً عند أنظمة الأزمات التي تسارع وتعجل بالحروب ليس من أجل قضايا وطنية هامة وإنما من أجل إسكات وكبت الرأي العام الداخلي من خلال إدخاله في آتون أزمة جديدة تستهلكه كلياً وفي إطار هذه الأزمات تُخلق المبررات.
عالمٌ من المتناقضات يحكم إيران منذ قُرابة الخمس عقود
يحكم إيران منذ 1979 نظامٌ إسلاميٌ مُدّعٍ ومتطرف؛ يدّعي أنه يسعى إلى نشر العدل والخير في العالم، ولكنه في الحقيقة نظامٌ قائم على القمع والفساد يعتمد على مجموعة متنوعة من الأساليب للبقاء في السلطة من بينها استخدام رمزية العمامة والمظاهر الوهمية للدين والسلاح وإشعال الحروب.
تناقضات النظام الإيراني
قد لا يعرف الكثيرون في عالمنا شيئاً عن نظام الملالي الحاكم في إيران سوى ما يتم تسويقه وتوجيهه إليه بعيداً عن الحقائق، وفي هذا المجال يمتلك الملالي قدرات هائلة في الخداع والتغرير بالآخر وإحكام القبضة عليه في دائرة اللاوعي التي ينسجها حول ضحاياه، وهنا من الواجب على أهل الفكر والمعرفة الإسهام في توعية الشعوب بحقيقة ومخاطر نظام الملالي الحاكم في إيران؛ وهنا نعرض بعض التناقضات الأساسية للنظام الإيراني وتتمثل في الآتي:
يدَّعي النظام الإيراني أنه يحكم باسم الإسلام، ولكنه في الحقيقة نظامٌ عنصري هجين يحكمه أشخاص جهلة ومتطرفون في نهجهم، ويخلط هذا النظام بين الأعراف والعقائد ولا يتورع عن استخدام أقبح السبل التي تمكنه من بلوغ غاياته ولا علاقة له بالإسلام على الإطلاق.
يدّعي النظام الإيراني أنه يسعى إلى نشر العدل والخير في العالم، ولكنه في الحقيقة نظامٌ قمعيٌ يمارس انتهاكاتٍ واسعة لحقوق الإنسان.
يدّعي النظام الإيراني أنه يسعى إلى بناء اقتصادٍ عادلٍ ومزدهر، ولكنه في الحقيقة نظامٌ فاسدٌ لا مكان لصدارة النخبة فيه وهم قلةٌ تابعون للنظام أو في أفضل الأحوال راضخون للأمر الواقع ولا خيار لهم.
يدّعي النظام أنه يمثل الشيعة الجعفرية الإمامية في العالم، والحقيقة أنه قد شوّه الشيعة الجعفرية وسفك من دماء أبناء الشيعة في إيران والعراق ما لم يسفكه سفاحي الأزمنة الغابرة.
اللامنطقية في كون العمامة ومعدات الدين محوراً للسلطة والسلطان
الدين نظام متكامل من المعتقدات والممارسات التي تنظم حياة الإنسان وتهذب سلوكه، وقد لعب الدين دوراً رئيساً في حياة المجتمعات التقليدية سياسياً واجتماعياً، وكان رجال الدين يتمتعون بسلطة كبيرة، وكان يُنظر إليهم على أنهم القادة الروحانيين الأخلاقيين للمجتمع.
العصر الحديث
مع تطور المجتمعات وتمادي الفاشية الحاكمة باسم الدين تراجعت مكانة الدين سياسياً واجتماعياً، وأصبحت المؤسسات العلمانية أكثر أهمية، وتراجعت سطوة وأهمية رجال الدين؛ إلا أن رجال الدين ما يزالون يتمتعون بسلطة كبيرة في بعض المجتمعات، وغالباً ما تكون العمامة ومعدات الدين هي محور السلطة والسلطان والحياة لما لها من إيحاءات سحرية مع الخطاب المرافق لها، وهناك اعتقاد يتوسع لدى البعض اليوم بأن كون العمامة ومعدات الدين هي محورٌ للسلطة والسلطان والحياة أمرٌ لا يمكن قبوله في عصرنا، وفيه خطورة على الدين نفسه، والسبب في هذا الاعتقاد لديهم هو ما يلي:
*الدين هو نظام روحي وأخلاقي، وليس نظاماً سياسياً.
*سعي رجال الدين إلى استخدام الدين للسيطرة على الناس وهو أمرٌ خاطئ.
*لا يمكن لأي سلطة تدعي بالدين والادعاء نقيض الحقيقة أن تقيم شعائر الله في البشر وذلك لعدم قدرة المُسلط على ذلك وبالتالي فإن هذا النوع من السلطة الدينية يمكن أن يؤدي إلى الفساد والظلم.
*الآثار السلبية لكون العمامة ومعدات الدين هي محور السلطة والسلطان والحياة عديدة من بينها:
*القمع السياسي والاضطهاد ونقض الحريات؛ علماً بأن الدين الإسلامي على سبيل المثال يأمر بالعدل والإحسان والحرية.
*الفساد والظلم بحسب تجربة الملالي الحاكمين باسم الدين في إيران.
*الحروب والصراعات بحسب تجربة الملالي الحاكمين باسم الدين في إيران.
أدرك الملالي منذ الوهلة الأولى أن العمامة ومعدات الدين في كل مكان بالعالم لها موقعها ومكانتها الخاصين بها، ومن هذا الموقع وتلك المكانة يكون لمعدات الدين تأثيرها الروحاني الكبير؛ فهي من الأفضل لها إما أن تكون في دور العبادة وإما أن تكون في المدارس الدينية.. أما أن تكون العمامة ومعدات الدين هي محور السلطة والسلطان والحياة فهذا أمرٌ لا يمكن في عصرنا وفيه خطورة على الدين نفسه ولنأخذ نظام الملالي مثالاً على ذلك، وهذا أيضاً يحتاج إلى سرد فلسفي كبير في مقال آخر.
كان رجال الدين مكرمين وذوي قداسة ومكانة رفيعة عندما كانوا قدوة المجتمع ومعلموه، ولكن عندما ترك رجل الدين داره ومكانته قل قدره ومقداره؛ وتقول العرب (من خرج من داره قل مقداره)، ترك مكانته وتوجه إلى السلطة، ولا يعترض أحد على أن يكون رجل الدين أو غيره من المواطنين على رأس السلطة من خلال صوت الشعب وإبداء الرأي بنزاهة، ومن المفترض أن يكون الازدهار قريناً مؤكداً بسلطة رجل الدين كونه أكثر الناس إدراكاً لمفهوم العدل والإحسان والتقوى.
ما حدث مع نموذج ملالي إيران أمر لا يتفق مع المنطق، ومن غير المعقول أن نستخدم مصطلح "رجل الدين" في إيران نظراً لأن مصطلح "رجل الدين" كلمة كبيرة ومُصانة وتُطلق على أهل العلم منهم؛ وهذا ما لا ينطبق على ملالي السلطة في إيران؛ خذ على سبيل المثال أنه لا خميني ولا علي خامنئي كانوا من أصحاب الأعلمية ومع ذلك تصدروا الموقف واتخذوا من الدين وسيلة لأجل الاستيلاء على السلطة والاستمرار فيها.. كما لم يكن علي خامنئي بالعلمية التي تسمح له أن يكون مرجع تقليد وفق ثوابت المذهب الجعفري؛ لكنه وصل إلى هذه المرتبة، وهنا تجبرت وطغت العمامة وخرجت من دارها ليقل مقدارها عندما تُقدِم على تشويه الدين من خلال القفز على حق الغير والاستئثار بالسلطة وارتكاب جرائم القتل والتعذيب والإبادة الجماعية وخيانة الأمانة (أمانة مسؤولية العباد ومقدراتهم وكرامتهم وأعراضهم وحاجتهم وحريتهم وسلامة عقيدتهم).
ليفانت - د. سامي خاطر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!