الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
نون النسوة للأعمال الشاقة بالرقة.. البيضة والحجر
نون النسوة للأعمال الشاقة بالرقة (تعبيرية)

للعام الحادي عشر على التوالي من عمر الثورة السورية والحراك السلمي وهجرة العديد من العوائل من مناطق سيطرة النظام ومناطق الصراع إلى الشمال السوري بطرفيه "الشرقي والغربي" بحثاً عن بيئة وحياة أكثر أمناً واستقراراً وكونها الأكثر رواجاً للمنظمات الإنسانية وحقوق المرأة.


اضطرت الهجرة الداخلية للنساء المهجرة من "حمص وحماه وديرالزور ودمشق وحلب وريف الرقة" إلى مركز مدينة الرقة وريفها لإنشاء مراكز إيواء ومخيمات رسمية وعشوائية بلغ عددها 53 مخيماً، منها 13500 عائلة في المخيمات، بحسب إحصائية مجلس الرقة المدني للعام 2023 .

تقول الناشطة المدنية "ريم ناصيف": ترتبت نتائج كارثية على المجتمع السوري أبرزها كان "الهجرة" الخارجية والداخلية من مدن سورية مختلفة، وأصبحت الرقة حالياً تضم عوائل أغلبها من النساء والأطفال، الغالبية منهن تحت خط الفقر ومعدومات المعيل، واضطرت بعضهن، وخاصة النساء الوافدات، لدخول ميدان العمل والأرامل منهن بشكل خاص، واستطاعت منظمات نسوية "تأمين مشاريع تدريبية "سبل عيش" في مجالات الزراعة والمؤونة والخياطة وما سواها لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي للعوائل.

اقرأ المزيد: من صفحات نضال المرأة العربية

وتتابع "ناصيف": بالرغم من عديد برامج وعمل وأنشطة المنظمات إلا أن نساء مخيم سهلة البنات واليوناني والكسرة وسواه من الوافدات إلى الرقة والذي ضم عوائل من "ريف الرقة الواقع تحت سيطرة النظام، وريف ديرالزور الواقع تحت سيطرة النظام وريف حماه وحمص"، لم يستطعن الاستفادة من مشاريع سبل العيش والدورات التدريبية كباقي النساء بالرقة في مركز المدينة والريف.

بالمقابل اضطرت نساء نازحات إلى مهنة جمع النفايات القريب من المخيم "سهلة البنات" وهو العمل الأخطر إطلاقاً على الصحة العامة، حيث تعمل النساء على عزل المواد البلاستيكية والمعادن وتجميعها وحرق تلك الأكوام من القمامة للحصول على المواد القابلة للبيع.


وفي السياق، قالت مريم العبد "38عاماً" من منطقة الطيانة بريف ديرالزور وتقطن مع ثلاثة أطفال في المخيم: بعد سيطرة النظام على قريتنا بريف ديرالزور الشرقي، هاجرت وعائلتي وأبناء قريتنا تجاه الرقة، والإيواء في مخيم سهلة البنات بداية الأمر اهتمت بعض المنظمات وكانت مساعدات كروت مول ومعونات عينية ونقدية وإغاثية وألبسة، لكن منذ عامين انعدمت سبل المساعدات واهتمام المنظمات الإنسانية، ما جعلني أبحث عن عمل يسد احتياج عائلتي وأطفالي كوني المعيلة الوحيدة "أرملة".

تضيف مريم: فرص العمل المتاحة كانت العمل في خانات وأحواش تربية الأغنام في منطقة سوق المواشي "الماگف" المجاورالمخيم، والسبيل الثاني هو عملي ضمن ورشات التقاط المخلفات من معادن وبلاستيك والمياومة مع النساء الباقيات من المخيم.


وجود الرجال والاختلاط والخوف وأنا "أرملة" جعلني عرضة للتحرش وكلام الناس وهو ما لا أستطيعه، اضطررت إلى اللحاق بعمل 25 امرأة ضمن ورشات إلى مجمع القمامة المقابل للمخيم.

أعمل وبقية النساء منذ الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الخامسة عصراً يوميا ضمن ورشات عمل بيومية مقطوعة قدرها 8000 ليرة، نعمل على حمل أكياس بيضاء كبيرة، ننبش القمامة والأوساخ المتجمعة بأدوات حديدية بدائية بعد تكويمها بأكوام ومن ثم عزل وتصنيف المواد وفق نوعها "البلاستيك المعادن المطاط"، لا أكترث لما يقال عن التلوث أوالصحة والمرض ومخاطر المهنة، رغم أننا نتعرض للقروح والنزف وتشقق اليدين والقدمين والحروق وللأمراض الصدرية والتنفسية نتيجة استنشاق المواد المحترقة في مجمع النفايات "صليل الجوع أشد من الأمراض وهو أخطرها".

عودة لمهن خطرة من التقاط المخلفات من الحاويات ومجمعات القمامة، أضحت نمطية سائدة من عمل النساء والأطفال في الخرائب والأبنية المهدمة بحثاً عن كل ما يباع ويقبض ثمنه، وقد أصبحت مظهراً نمطياً للشوارع والأحياء في غالبية مركز المدينة.

زهراء فاضل "45عاماً من منطقة القصير ونازحة إلى الرقة تقول :
أعيش وعائلتي المكونة من لثلاثة بنات في منطقة الحصيوة غربي الرقة، وهو مكان قام أهل الخير بمنحنا إياه وسترنا فيه كونه على العظم المكان الذي قمت ونساء مهجرات أخريات بتهيئته ,كوننا لا نستطيع المسكن في منازل بأحياء الرقة فإيجار اقل منزل "50 دولار " وهو الأبسط ,وكوني أرملة لا أستطيع العمل بأي , اضطررت وبناتي "14-18-20عاما " للعمل بتعزيل المنازل وغسيل السجاد والطبخ في المطابخ الإغاثية وللعائلات الغنية، وضعت النقاب انا وبناتي خوفاً من التعرض للتحرش وماسوها من المجهول.


تضيف مريم : رغم مشقات عملنا في هذه المهن التي لا تعرف حر صيف ولا قارس برد شتاء إلا أنها تبقى تحميني من الجوع ومن التسول وانتظار شفقة محسن أو مانح ’ رغم تعرضنا لشبح الخوف من التنمر والتحرش , ما اضطرني لمرافقتهن في اي عمل أو غسيل أو بتعزيل المنازل ,واضطر للعودة للمنزل قبل مغيب الشمس، كي أوضب لهن ما يقتاتون به بعد يوم من التعب والخوف والبرد والعزلة.


تعمل جمعيات خيرية محلية ومبادرات في مدينة الرقة على احتواء أوضاع العوائل الفقيرة من نازحات ومهجرات وعائدات من مخيم الهول، وتحرص على تأمين ما تحتاجه تلك النساء خاصة بمجال الطبابة للأمراض المزمنة والسارية، ومنها مبادرة صنائع المعروف، جابر عثرات الكرام، فريق بشائر، صندوق أهل الخير، والتي تعتمد على التبرعات من التجار والمغتربين.


ليفانت: أسامة الخلف

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!