-
واشنطن وبكين والورقة التايوانية
ترى الاستراتيجية الأمريكية تجاه الصين أن من مصلحتها أن تبقى بكين رهينة التوترات في محيطها، وذلك لعدم إعطائها مجالاً لتوسعة نفوذها خارج منطقة شرق آسيا، وبخاصة تجاه منطقة الشرق الأوسط.
ولذلك تسعى واشنطن لتوظيف ورقة تايوان، التي تعد أحد الأوراق الأمريكية لاستفزاز الصين، منذ أن تبنت واشنطن استراتيجية الاستدارة نحو شرق آسيا، وهي تصب جهدها على إشعال فتيل الأزمة بين الصين وتايوان، فالفكر السياسي الأمريكي يركز على ضمان استمرارية أجواء التوتر بين تايوان والصين، ولذلك لم تتردد الولايات المتحدة الأمريكية بمد تايوان بشحنات متتالية من الأسلحة المتطورة، وتغذية الروح الانفصالية لدى التايوانيين، وكانت آخرها زيارة نانسي بيلوسي التي رفعت من حدة التوتر بين الصين وتايوان.
زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب إلى تايوان، لا شك أنها أحدثت شرخاً عميقاً في العلاقات الصينية الأمريكية، فهي أكدت استعداد واشنطن للانقلاب على التعهدات السابقة تجاه سياسة الصين الواحدة، والتي كانت تقر بها الولايات المتحدة، فهذا الخرق الواضح لمبدأ الصين الواحدة ومقتضيات البيانات الصينية - الأمريكية الثلاثة، تنظر له الصين باعتباره خرقاً لسيادتها ووحدة أراضيها وأن تايوان جزء لا يتجزأ منها ، وهو ما ساهم في تقليص الأدوات الدبلوماسية ووسع من أدوات القوة الصلبة لتتحول الحرب الباردة بين الصين وأمريكا إلى حرب ساخنة، بخاصة بعد أن طغت لغة "القوة العسكرية" على الخطاب السياسي الصيني والأمريكي، حيث أبدت واشنطن استعدادها للدفاع عن تايوان في حال تعرضها لهجوم صيني، ورافقها تأكيدات الجيش الصيني باستعداده لاتخاذ إجراءات مضادة للحفاظ على سيادة الصين ووحدة أراضيها.
تأمل واشنطن أن تسفر زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، إلى تايوان لصناعة مستنقع للصينيين عبر دفعهم للتخلي عن سياسة النفس الطويل والإقدام على السياسة الحمقاء عبر غزو تايوان ومحاولة توحيدها بالقوة وهي خطوة ينتظرها الأمريكيون منذ فترة طويلة منذ مد تايوان بالأسلحة الثقيلة، فالولايات المتحدة التي تتراجع في سلم هرم النظام الدولي لمصلحة القوة الصينية ترى أن تدمير جسور الدبلوماسية وتوريط الصينيين في مستنقع تايوان خطوة مهمة في سياق عرقلة الصعود الصيني في هرم النظام الدولي.
من جهة ثانية، تدرك الصين جيداً أن الإقدام على أي خطوة حمقاء تجاه تايوان تعني تقديم خدمة كبيرة للأمريكيين وإنقاذ تراجعهم في سلم النظام الدولي، كما تدرك الصين أنها في ظل حالة الصعود الذي تعيشه والدور الذي تأمل في الوصول له على المستوى العالمي والترويج لأفكارها السياسية القائمة على مبادئ الكونفوشيوسية حيث تروج الصين لصياغة سياسة خارجية أكثر اتزاناً قائمة على مبادئ الكونفوشيوسيه التي تحاول خلق حالة من السلام الدولي، وتدعو للتقارب بين البشر ونشر السلام ونبذ الحرب والتعاون والتناغم لبناء المجتمع العالمي، ولذلك هي بحاجة لسياسة النفس الطويل تجاه الاستفزازات الأمريكية في تايوان وتفويت الفرصة على الأمريكيين من إسقاطها في مستنقع تايوان.
ليفانت - خالد الزعتر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!