الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ‎في السويداء: كشف المستور والعبث في السلم الأهلي ومنع تحققه

‎في السويداء: كشف المستور والعبث في السلم الأهلي ومنع تحققه
السويداء

فيما كانت الفديات تُدفع والفتن المجتمعية قائمة على قدم وساق بين الجارتين، درعا والسويداء، يسوقها مغرضون للإيقاع بينهما، اليوم وبالأرقام تتكشف أفعال العصابات المدعومة من الأجهزة الأمنية وشعبة المخابرات العسكرية متمثلة بشخص كفاح ملحم، كما كان يفعل سلفه وفيق ناصر في الجنوب السوري.

اليوم يتم كشف المستور شعبياً وعلناً، فإن كشف مروجي المخدرات وعصابات الخطف والقتل والإجرام ودعمها أمنياً وإيرانياً هو الحدث الأهم في السويداء، فإن من أهم نتائج اجتثاث العصابات التابعة للمخابرات العسكرية على إثر انتفاضة السويداء الأخيرة، كانت إفادات أحد قيادات الصف الأول التابع لمجموعة سليم حميد، شريك راجي فلحوط الأول. فقد كشف المدعو سليم القنعباني، بالأسماء والحوادث، عن آلية تواصل عصابات الخطف والسلب بين السويداء ودرعا، وبتسهيل وتنسيق مع قيادات عسكرية ومخابراتية تصل حتى كفاح ملحم، فهو مَن طلب من مجموعات العصابات مؤازرة فصيل قوات الفجر بزعامة راجي فلحوط قبل دحر عصاباته والاستيلاء على مقرّاته.

ويُذكر أن وفيق ناصر، القائد السابق للمخابرات العسكرية في المنطقة الجنوبية، كان يلعب الدور نفسه بإشعال الفتن بين المحافظتين الجارتين، خاصة بظل سيطرة فصائل الجيش الحر على محافظة درعا، فكانت المخابرات تطلق القذائف من أماكن محددة في السويداء مدّعين أنها من محافظة درعا.  هذا عدا عن الفتن الحاصلة بين بصرى الشام والقريّا. لكن المجتمع الأهلي لم يكن راضياً يوماً عن هذه الممارسات ووأد الفتن بمكانها.

وهذا ليس بغريب على الثقافة المشتركة والعيش المشترك على كافة المستويات، منذ الثورة السورية الكبرى عام 1925. ما يتوجب على العقلاء والناشطين من كلا الجارتين إعادة أواصر العلاقات بينهما، كما صرّح عدد من النشطاء في السويداء بناءً على الانتفاضة الأخيرة، وتفويت الفرصة على النظام وأتباعه عبر التهمة الجاهزة دوماً وهي العمالة والطائفية.

وهذه طبيعة النظام الأمنية ومحاولاته الدائمة، لإخماد أيّ تحرّك مدني ووطني شامل، وليس آخرها الضغط الأمني والتهديد بإقفال الصالة التي كان مزمعاً قيام اجتماع أهلي وطني عام، دعا إليه ناشطو السويداء تحت عنوان (لقاء السويداء، سلم، أمان، مستقبل).

اقرأ المزيد: مصير السويداء بين عودة روسيا ومواجهة عصابات النظام وحزب الله

وبحسب مصادر من اللقاء الممنوع فقد حمل ملفات عديدة منها قانوني وأمني تتعلق بفلتان السلاح وتحميل الدولة لمسؤولياتها القضائية والقانونية، وعدم الانجرار وراء الفوضى وعمليات الثأر، كذلك إسقاط أي إجراء اتخذ من قبل المخابرات والأمن بحق أي مواطن شارك بالانتفاضة الشعبية على العصابات. ومنها ملفات اجتماعية تتضمن تشكيل لجان مصالحات اجتماعية لرأب الصدع إن وجد بين عائلات الجبل والأطراف المتنازعة، والنقطة المهمة في هذا الملف هي التصدي لظاهرة انتشار المخدرات والاتّجار بها.

كذلك حضر الملف الإعلامي للعمل على إنتاج خطاب وطني جامع ينبذ كل الشائعات التي يطلقها النظام وأذرعه، ولم ينسَ اللقاء المفترض أن يطرح حزمة من القضايا الاقتصادية والمعيشية التي تهم المحافظة، في ظل حصار خانق تفرضه حواجز الفرقة الرابعة عليها. وحسب المصادر ذاتها فإن اللقاء سيُعقد مهما حاول النظام منعه.

ويتساءل الشارع الشعبي اليوم: يبدو أن دور الأجهزة الأمنية مقتصر على ترويج المخدرات وتسهيل عمليات أصحابها وترويع المجتمع، ومنع أي لقاء أهلي لمصلحة الناس، فما الحاجة لها بعد اليوم؟ كما منعت شعبة الحزب في بلدة أم الرمان فعالية اجتماعية هدفها تكريم الطلاب المتفوقين بالبلدة، وتساءل أصحاب الفعالية عن إثبات حضور الحزب في غير مكانه، مشيرين إلى دورهم المتواطئ مع عصابات الخطف. وهذا ما كان بحسب ناشطين، حيث يحاول الحزب مع عدد من الوجهاء المحسوبين على النظام، اللعب على ملف تسليم مجموعة ناصر السعدي، والمعروف تبعيته لحزب الله وتمرير تجارة المخدرات الى الأردن، في صلخد لسلاحه إلى حركة رجال الكرامة وأخذ التعهدات بالالتزام بالقيم المعروفية.

ولم تقف محاولات النظام وأذرعه عند هذا، حيث تم الكشف عن محاولات بعض الوجهاء الاجتماعيين والمحسوبين على الهيئة الدينية والسلطة، بالدعوة لدخول الجيش أيام الانتفاضة، متناسيين دور الجيش والمخابرات المتواطئين مع العصابات المحلية والخارجية كداعش.

ما زالت الأمور تسير باتجاه التصعيد، سواء من المجتمع المحلي الغارق بتدهور الحالة المعيشية والخدمية، وليس آخرها عودة الوقفات الاحتجاجية على سوء الوضع كما في بلدة الغارية، أو في القرى الشمالية، حيث نفّذ المزارعون من أصحاب الجرارات الزراعية اعتصاماً مهددين بقطع طريق دمشق السويداء، بحال لم يستلموا مخصصاتهم من المحروقات. أما جهة سلطة النظام فتحاول عبر الالتفاف على نتائج الانتفاضة ومنع أي جهد مدني واجتماعي من التبلور مما سينعكس على وجود النظام الأمني ومصالحه في المحافظة.

اقرأ المزيد: السويداء.. طائرات مسيّرة في أجواء الريف الغربي

في المقابل، تتعالى بعض الأصوات بظل غياب القانون وفساد القضاء والأجهزة الأمنية إلى تطبيق الحلول العشائرية، كإحياء عقوبة (الإجلاء) أي إبعاد المتورط بالقتل أو السلب أو الخطف مع عائلته خارج المحافظة منعاً للاقتتال المحلي وعودة التنازع العشائري بحسب الناشطين، وهذا ما قد تجاوزته الانتفاضة الشعبية بحكمة لليوم، ولكن أجندات سلطة النظام وداعميه الطائفين ما زالوا يحاولون تعطيل أي حل سلمي أهلي للواقع المحلي. 

فهل تستطيع الانتفاضة متابعة مشروعها والتأسيس لنواة مشروع وطني شامل لسوريا، أم أن النظام عبر محاولاته القمعية سيلتف على منجزاتها؟    

ليفانت - سالم المعروفي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!