الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
أردوغان وبايدن وأكثر من ملف عالق
فارس عثمان

يراقب الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية بحذر وترقب استلام الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن لمهامه في الشهر الاول من العام القادم بسبب الخلافات والتباينات في العديد من القضايا التي تعتبر استراتيجية وحيوية في السياسة الأمريكية من وجهة نظر الرئيس المنتحب جو بايدن، على عكس الرئيس دونالد ترامب.


إذ نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فتح قنوات اتصال معه استطاع من خلالها التأثير على الرئيس الأميركي فقد تواصل ترامب وأردوغان خلال فترة رئاسة ترامب 48 مرة منها 10 مرات وجهًا لوجه تمكن من خلال هذه اللقاءات والمكالمات من الحصول على الضوء الأخضر للتوغل في سوريا واحتلال عفرين وسري كانيي وتل أبيض وتعزيز تواجد القوات التركية في إدلب، وتأييد مواقف تركيا في ليبيا وأذربيجان والتمدد في شرق المتوسط. وقد بقيت قنوات الاتصال بين ترامب وأردوغان فعالة حتى الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني 2020 وإثر فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن وتهنئة زعيم المعارضة التركية كمال كريشدار أوغلو له، وتأخر أردوغان في تهنئة بايدن بالفوز الأوَّلي وفي الوقت نفسه إرساله رسالة شكر لترامب على مواقفه الداعمة لتركيا، مما خلق انطباعا في الاوساط السياسية بأن تركيا كانت تفضل فوز ترامب، على الرغم من الفتور الذي شاب العلاقات بينهما في أواخر فترة الرئيس ترامب وتلويح الكونغرس مرارا بفرض عقوبات على تركيا.


فالرئيس المنتخب بايدن يمتلك خبرة سياسية طويلة فقد كان عضوا في الكونغرس لأكثر من ثلاثة عقود ورئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس ونائبا للرئيس باراك أوباما لثمانية سنوات لذلك هو مطلع على ملفات المنطقة ومنها الملف التركي. فمواقف بايدن تجاه تركيا وخلال حملته الانتجابية لم تكن ودية ، إذ ساوى بين تركيا وروسيا وكوريا الشمالية على أنها تحكمها أنظمة مستبدة، كما أبدى نيته في دعم المعارضة التركية لتغيير الحكم في تركيا، وشدد على أن تدفع تركيا ثمن الحصول على منظومة إس 400.


ويعود التوتر والخلاف بين الرجلين إلى عام 2014 عندما أكد بايدن في لقاء مع طلبة من جامعة هارفارد أن تركيا قدَّمت دعمًا للتنظيمات الإرهابية في سوريا ومن بينها تنظيم الدولة الإسلامية. وعلى رأس الملفات الخلافية بين الطرفين قيام تركيا بشراء منظومة S400 الروسية، حتى أنه هدد تركيا بوقف بيعها أسلحة أمريكية لأن تركيا بهذه الخطوة تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وحلف " الناتو "، كما دعا إلى دعم المعارضة التركية. وكان من بين المعارضين لتحويل كنيسة آيا صوفيا من متحف إلى جامع، ودعا الرئيس أردوغان إلى العودة عن قراره والاحتفاظ بهذا المكان القيّم كمتحف.


ويتوجس أرودعان من طروحات بايدن في مقدمتها تأييده المعلن لتحويل العراق إلى ثلاث فيدراليات، وإصراره على دعم حلفاء الولايات المتحدة في محاربة داعش وفي مقدمتهم وحدات حماية الشعب الكردية وكان من المعارضين لسحب القوات الأمريكية من سوريا لغاية التوصل لحل سياسي للأزمة السورية وفقا للقرار 2254. ويرفض أردوفان بالمطلق حصول الكرد على أي حق من حقوقهم في تركيا أو أي جزء من أجزاء كردستان. بعكس بايدن الذي يدعو إلى حل سلمي للقضية الكردية في تركيا عبر الحوار بين الحكومة والأطراف الكردية كما يؤيد بشكل كبير الإدارة الفيدرالية في كردستان العراق، ويطالب بمشاركة الكرد في العملية السياسية في سوريا. بالإضافة إلى ملفات أخرى من بينها أزمة بنك خلق التركي والالتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران، وملف ليبيا وكاراباخ حيث اتهم بايدن ومرشحته لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس، أن تركيا تأجج الصراع في كراباغ، عبر إرسال السلاح لأذربيجان.


وتأييد بايدن لموقف اليونان بتصريحات اتهم فيها تركيا بإثارة التوتر في شرق المتوسط، داعيًا أنقرة لأن تتوقف عن أعمالها في شرق المتوسط. كما أن غالبية فريق إدارة بايدن لهم اطلاع جيد على مواقف تركيا وسياساتها في المنطقة. وقد بدا مؤخرا اشارات على التنسيق بين الموقفين الأمريكي والأوربي من الملف التركي في شرق المتوسط وليبيا وطرح فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة سميت بالحاسمة.


حيث بات واضحا لغالبية الدول الأوروبية خطورة الموقف التركي على الامن القومي الأوروبي من خلال تدخل أردوغان المباشر في شؤون غالبية الدول الأوروبية من خلال دعم الجاليات التركية فيها وخاصة التيارات الإسلامية والقومية المتطرفة والمطالبة بحق تركيا في تعيين الأئمة في المساجد الأوروبية والذين يحولون هذه المساجد إلى أوكار ومراكز للتجسس والعمل لصالح الدولة التركية، وكذلك تشجيع أعمال واعتداءات الحركة القومية اليمنية المتطرفة الذئاب الرمادية - شريك حزب العدالة والتنمية في الائتلاف الحاكم – ضد الكرد وغالبية المعارضين لأردوغان ونهجه في أوروبا، وتهديد اليونان وقبرص بشكل مستفز من خلال إرسال القطع العسكرية وسفن البحث والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية لبعض الدول الأوروبية، وهو ما رفضه بايدن في أكثر من موقف ومحطة خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه بالانتخاب وموافقة البرلمان الأوروبي الموحد على فرض عقوبات على تركيا وتلويح الكونغرس بنفس الأمر خير مثال على ذلك.


رغم إننا لا يمكن أن نتجاهل العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعلاقات الاقتصادية بين الدولتين إلا أن غالبية المراقبين يذهبون إلى أن الأضواء الخضراء لن تضيء لأردوغان في سياساته الرعناء وتدخلات تركيا في أكثر من منطقة من العالم، والأيام المائة الأولى لإدارة بايدن ستجيب عن بعض هذه التساؤلات.


فارس عثمان

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!