الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
أزمة الوقود في العراق.. خبايا وأسرار
أزمة الوقود في العراق.. خبايا وأسرار

قد يبدو المشهد مألوفاً مؤخراً في سوريا لكنه يبدو غريباً جداً بالنسبة إلى بلد نفطي، كالعراق، حيث يقضي المواطنون العراقيون ساعات في طوابير محطات الوقود لملء خزانات سياراتهم، ويتكرر الأمر يومياً في محافظات عراقية عدة.

يؤكد خبراء نفطيون أن العراق يُعدّ ثاني أكبر مصدّر للنفط في مجموعة «أوبك»، وسجّل في مارس (آذار) الماضي، أعلى معدّل إيرادات نفطية منذ 50 عاماً، حيث بلغ مجموع كمية الصادرات من النفط الخام 100 مليون و563 ألفاً و999 برميلاً، بإيرادات بلغت 11.07 مليار دولار، ويُعدّ أعلى إيراد مالي تحقق منذ عام 1972، طبقاً لوزارة النفط.

*ارتفاع أسعار البنزين في السوق السوداء

سجلت أسعار البنزين في العراق، في الأيام الأخيرة، ارتفاعاً في السوق السوداء للبنزين الممتاز، حيث بلغ سعره 1200 دينار للتر الواحد، (نحو 90 سنتاً)، بينما يباع في المحطات الحكومية بسعر 650 ديناراً للتر الواحد.

ورغم التطمينات الحكومية العراقية المتواصلة بشأن حلّ أزمة الوقود في بغداد، فإنّ محطات التعبئة في العاصمة وبعض محافظات الوسط والجنوب شهدت، الخميس الماضي، وللمرة الأولى منذ سنوات، وقوف طوابير السيارات للتزوّد بالوقود.

*محطات أهليّة تعلن إضرابها

أضرب بعض أصحاب المحطات الأهلية في بغداد وبعض المحافظات عن العمل الأسبوع الماضي، احتجاجاً على قرار وزارة النفط الأخير المتعلّق بنسب التبخير المجانية، ما أدّى إلى تفاقم الأزمة، قبل أن تعلن الوزارة الاتفاق على إنهائها، وهو ما سمح بانسيابية في المحطات، سرعان ما انتهت لتعيد الأزمة بسبب إصرار أصحاب المحطات الأهلية على موقفهم ومطالبتهم بحلول فورية.

في حين يعلق أصحاب المحطات الأهلية أسباب الأزمة على شماعة وزارة النفط نتيجة قيامها بخفض ما يُعرَف بـ«نسب التبخير المجانية»، التي تُقدَّر بنحو ألف لتر للصهريج الواحد، إلى نحو 250 لتراً فقط، يتهم المسؤولون في الوزارة أصحاب المحطات بتهريب النفط إلى إقليم كردستان أو خارج البلاد، بالنظر إلى ارتفاع أسعار الوقود هناك، ويباع سعر لتر البنزين غير المحسَّن محلياً بـ450 ديناراً (نحو 30 سنتاً) فيما يباع سعر اللتر المحسن بـ650 ديناراً عراقياً (نحو 40 سنتاً).

يؤكد رئيس رابطة محطات الوقود الأهلية سليم ياسين، أنّ هناك استهدافاً لأصحاب المحطات الأهلية جراء هذه الأزمة يرقى لمستوى خلق اتهامات وتنفيذ عقوبات دون مسوغات قانونية. ويوضح أن "المفتش العام في بابل مثلاً يصطنع بشتّى الصور أسباباً لاتهام صاحب المحطة بارتكاب مخالفة للإيقاع به".

السودان يوضح أسباب أزمة الوقود في البلاد

ولفت إلى أن "آلية التفتيش هي آلية خاطئة، كأن يطلب المفتش العام الذي يزور المحطة بإخراج ما في جيب عامل التعبئة من نقود ويقارنها باللترات المباعة في حين لا يجري ذلك في المحطات الحكومية وتعتبر إكرامية ويخالف صاحب المحطة الأهلية بمليوني دينار تضاعف إلى أن تصل إلى ثمانية ملايين دينار".

*المنتجات النفطية تحمّل المحطات المسؤولية

في تصريح لمعاون مدير عام شركة توزيع المنتجات النفطية، إحسان عيسى، قال إنّ "أزمة الوقود في البلاد افتعلت من قبل بعض أصحاب المحطات الأهلية الذين لم يلتزموا بتعليمات وزارة النفط والشركة العامة لبيع المشتقات النفطية وبالتالي تسببوا بالأزمة".

أكد عيسى، أنّ "المحطات التي لم يلتزم أصحابها بالتعليمات تقع في العاصمة بغداد ومدن الفرات الأوسط والجنوب"، مشيراً إلى أنّ "أصحاب محطات محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار وديالى لم يعلنوا إضرابهم عن العمل ما تسبب بالأزمة".

وأضاف "اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب المحطات المخالفة من خلال فقرة عقدية تنصّ على أنه (في حال أغلق صاحب المحطة أو لم يزود المواطنين بالوقود ترفع دعوة جزائيّة بحقه ويصدر قرار تام بحقه يصار فيه إلى إنهاء عقده ومصادرة التأمينات)".

حول الأسباب المباشرة للأزمة، أشار عيسى أن "بعض أصحاب المحطات قالوا إنهم أضربوا للمطالبة بزيادة حصصهم بـ 200 لتر وهذا الأمر غير دقيق والشركة كانت تجهز المحطات بشكل طبيعي لا قياسي قبل عام 2015 وبعدها صار التجهيز حرارياً (النظام القياسي)".

وأوضح أن "سعة شاحنة نقل المشتقات النفطية 36 ألف لتر في المقياس الحراري، وأصحاب المحطات يبيعون بالشكل الطبيعي وليس القياسي، وبالتالي يتبقى عندهم 500 لتر وهو ما جعل الجهات الرقابية تعترض على الموضوع".

كما نوّه أن "ذلك سمح بثراء أصحاب المحطات بسبب تجاوزات يدفع ثمنها المواطن وهو ما يعد مرفوضاً تماماً إذ يجب أن يأخذ المواطن حقه الكامل بالتجهيز". لافتاً أن "الوزارة والشركة جاهزتان لفتح المحطات على مدار 24 ساعة في حال حصول إضراب جديد في بعض المحطات"، مضيفاً "منحنا المحطات الأهلية التي تعمل بانتظام امتيازاً، ونؤكد حالياً لا توجد مشكلة في التجهيز بكل المحافظات".

اجتماع برلماني عاجل

يبدو أن الأزمة قد أثارت مخاوف الأوساط الرسمية والشعبية، مما حدا بالنائب الأول لرئيس البرلمان حاكم الزاملي، الخميس الماضي، إلى استضافة الكادر المتقدّم في وزارة النفط بمبنى البرلمان للوقوف على أسباب الأزمة.

قال الزاملي خلال جلسة الاستضافة: "إن بعض النواب تقدموا بطلبٍ بشأن استضافة الكادر المتقدم لوزارة النفط بخصوص أزمة الوقود في بغداد والمحافظات وتوقيتها». وتابع: «نحن من الداعمين لوزارة النفط، ولكن يجب معرفة أسباب أزمة الوقود. هناك أسئلة عديدة ستوجه إلى الكادر المتقدم للوزارة، وضمنها أسباب الأزمة ودعم الوزارة للمشتقات النفطية، وما إذا كانت المصافي تعمل بكامل طاقتها».

وتعهد الزاملي بـ«بحث الحلول المطروحة لدى وزارة النفط بخصوص الأزمة، لا سيما أن 90 ‎في المائة هي من واردات العراق من النفط، ومجلس النواب لديه خطة لوزارة النفط».

من جانبه، أكد وكيل وزارة النفط حامد الزوبعي، أن محطات الوقود في بغداد تشهد انسيابية عالية وتعمل على مدار الساعة.

ونهاية الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة النفط القضاء على أزمة الوقود المفتعلة، وأكدت متابعتها للشكاوى والإجراءات القانونية في المحاكم المختصة، والمتخذة بحق إدارات وأصحاب المحطات الأهلية المشيدة المخالفة للتعليمات.

أدانت الوزارة ما وصفتها بالتصرفات غير المسؤولة لبعض أصحاب المحطات الأهلية المخالفة، والتي تسببت في خلق حالة إرباك للمواطنين ولأجهزة الوزارة والدولة والإضرار بالاقتصاد الوطني.

مما تتقدم يتبادر للذهن سؤال: هل أزمة الوقود في العراق أزمة حقيقية أم مفتعلة؟

ليفانت نيوز - خاص

إعداد وتحرير: تغريد إبراهيم

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!