-
أنور مالك لليفانت نيوز: لا يوجد نظام في العالم يمارس الدجل والكذب وقلب الحقيقة إلى باطل مثل نظام الملالي في طهران
تعيش إيران في هذه الأيام، حسب الإشارات الصادرة من هناك، لحظات عصيبة من خلال احتجاجات واسعة من قبل الجماهير الغاضبة في الكثير من المحافظات على تردّي الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار والبطالة، لتقوم السلطات وأجهزتها الإعلامية في طهران بصناعة صورة مختلفة وإخراجها ومن ثم التسويق لها بعيدة عن الحقيقة والواقع المعيشي في إيران، وليس فقط في هذا الموضوع، فهي تروّج دائماً لصناعاتها العسكرية لتفادي المواجهة.
ما زالت إيران مستمرة في هذه السياسية، داخلياً وخارجياً، على الرغم من الفقر الذي حطم أرقاماً قياسية بين صفوف الشعب الإيراني نتيجة الحصار المتواصل وجائحة كورونا وتداعياتها، وأيضاً ما زالت مستمرة في دعم ميليشياتها خارج الحدود بالمال والسلاح على الرغم من تراجع شعبية أذرعها في العراق ولبنان.
في الآونة الأخيرة، عاد الحديث عن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وخاصة التوّغل الإيراني في دول المغرب العربي، والعلاقات الإيرانية مع دول الشمال الأفريقي، وخاصة المتوترة مع المغرب والملفتة مع الجزائر، ليحذّر الكثيرين من السياسية الإيرانية تجاه هذه الدول تحت غطاء النشاطات الثقافية والسياحية وأنها محاولة لتصدير الثورة.
وللوقوف أكثر وبشيء من التفصيل حول تلك السياسات التي تمارسها وتتبعها إيران وتداعياتها تجاه العديد من العواصم العربية والأخيرة في دول المغرب العربي، كان لصحيفة ليفانت نيوز اللندنية الحوار التالي مع الكاتب والمحلل السياسي ورئيس المرصد الدولي لتوثيق وملاحقة جرائم إيران الأستاذ أنور مالك.
● ستظل إيران تبتزّ العالم ولن تتوقف عن طموحاتها ولو بطرق سرية وخفية حتى تتحول إلى قوة عسكرية عالمية من خلال امتلاك الأسلحة النووية
● النظام الإيراني نظام جبان ومن طبع الجبناء التسويق للقوة لتفادي المواجهات
● الوعي الجماهيري في العالم العربي ضد إيران ومشروعها يتصاعد لكن لم يصل بعد إلى المنعطف المهم بسبب الخلافات داخل الجبهة العربية
● ما يجري في سوريا هو ظرفي ويرتبط بأمور إقليمية ودولية وحينما يتحقق المراد ستجد ميليشيات إيران تتطاير كالذباب
● الجزائر في محور روسيا وإيران بصفة رسمية، ولذلك وجد الملالي ضالته في هذا التخندق الذي سيعود بالوبال على الأمن القومي الجزائري
نص الحوار:
*الأستاذ أنور مالك.. هل من الممكن من خلال مجريات المباحثات التي تجري بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الملف النووي وقرب التوصّل إلى اتفاق أن تتخلى فيه إيران عن طموحاتها النووية؟ وهل باعتقادك أن هذا التخلي ليس بالمجان مع مزاحمة إيران للنفوذ الأمريكي في المنطقة؟
نظام الملالي لا يمكن أن يتخلى عن طموحاته في جميع المجالات، سواء كانت نووية أو أمنية، أو عن مشروع التوسع في المنطقة، أو عسكرية من خلال الصواريخ الباليستية والميليشيات المنتشرة في عدة دول عربية.
هذا ديدن نظام مبني على الطائفية والعنصرية والتوسع والإرهاب، وما المشروع النووي إلا طموح كبير لديهم يريد النظام الإيراني من خلاله تحقيق أحد الهدفين الأساسيين، وهو إما الانضمام للنادي النووي، وبذلك تتحول إيران إلى قوة دولية حتى وإن اعتبرها العالم دولة نووية مارقة على طريقة كوريا الشمالية، أو تبتز المجتمع الدولي بورقة النووي للحفاظ على نفوذها الميليشياتي في المنطقة.
إيران حتى وإن تظهر نوعاً من الالتزام بالاتفاقيات الدولية فيما يخصّ مشروعها النووي إلا أنها ستظل تبتزّ به العالم ولن تتوقف عن طموحاتها ولو بطرق سرية وخفية علها تتحول إلى قوة عسكرية عالمية من خلال امتلاك الأسلحة النووية.
في اعتقادي، إن إيران لن تتخلى عن هذه الطموحات لعدة أسباب، وأهمها النزعة التوسعية وتصدير الإرهاب عبر مسمى الثورة وحسابات تتعلق بالنفوذ في المنطقة ونظرية المؤامرة والمظلومية التي تسيّر الذهنية الحاكمة في طهران إلى جانب خوف الملالي المتزايد على مستقبل نظامهم.
*صناعة الصورة وإخراجها من قبل النظام الإيراني حول الوضع الاقتصادي والقوة العسكرية لإيران.. ما مدى صدقية الأجهزة التابعة للنظام الإيراني فيما يسوّق ويروّج له أم كثرة الإنتاج يخفي حقيقة وصور أخرى لهذا البلد؟
لا يوجد نظام في العالم يمارس الدجل والكذب وقلب الحقيقة إلى باطل مثل نظام الملالي في طهران، فقد شهدنا الكثير من الأكاذيب عبر مسيرة النظام، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ففي سوريا ترتكب ميليشيات الملالي جرائم حرب وضد الإنسانية، وبالرغم من وضوحها بالأدلة إلا أن النظام الإيراني عبر بروباغندا مكشوفة يسوق لبضاعة أخرى ويعلق جرائمه في أعناق الضحايا.
أما في الداخل، فالوضع الاقتصادي سيئ جداً في ظل العقوبات، وأيضاً مع وباء كورونا، إلى جانب الفقر الذي حطم أرقاماً قياسية، حيث إن أكثر من نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر، والملايين لا يملكون قوت يومهم، إلا أن النظام يحاول إخفاء الحقائق وإظهار عكسها للحفاظ على صورته حتى لا تهتز، ليس أمام الإيرانيين فقط بل أمام أنصاره في العالم.
بالنسبة للقوة العسكرية، فهناك مبالغات، فالنظام الإيراني جبان ومن طبع الجبناء التسويق للقوة لتفادي المواجهات، وظهر ضعف النظام في سوريا، حيث لولا تدخل روسيا لسقط نظام الأسد، والأمر نفسه بالنسبة لميليشياته الأخرى فهي تعاني عناء كبيراً.
أمر آخر يؤكد الضعف، هي عمليات استخباراتية واغتيالات داخل إيران تطال رؤوساً كبيرة، بل إن قاسم سليماني تمت تصفيته في بغداد عبر تسريب معلومات من داخل إيران وهو ما يؤكد مدى الاختراق الخارجي للأجهزة الأمنية الإيرانية، وكلها مؤشرات عن الضعف وليس دعاية القوة التي يسوقون لها من طهران.
*هل تعتقد أن هناك صحوة للشعوب العربية من الدور الإيراني في المنطقة بعد النتائج النهائية للانتخابات العراقية واللبنانية أم أن الاستفاقة النهائية ما زالت بعيدة نتيجة التوغل الكبير والمؤثر والذي يلزمه الكثير لإنهاء هذا النفوذ؟
الاستفاقة موجودة ومتصاعدة، وظهرت جلية في مظاهرات العراق، وفي معاقل الطائفة التي كانت تناصر إيران، حيث خرج الكثيرون من الشيعة العراقيين يطالبون بتحرير بلادهم من الملالي وحرسهم الثوري، بل أحرقت صور الخميني وخامنئي وقاسم سليماني في الشوارع.
وهو الذي ظهر أيضاً في لبنان مع الكثير من المظاهرات ضد منظمة حزب الله وزعيمها نصر الله، الذي كانت تسمى عليه المواليد وصارت صوره ترمى في النفايات ومع المزابل التي تعم لبنان.
كذلك ثورة الشعب السوري كشفت حزب الله ومحور إيران الذي مارس شتّى صنوف الجرائم، مما جعل الشعوب تقتنع أن مشروع الملالي هو احتلال وليس تحرر كما يراد التسويق له.
الحقيقة إن الوعي الجماهيري في العالم العربي ضد إيران ومشروعها يتصاعد لكن لم يصل بعد إلى المنعطف المهم بسبب الخلافات داخل الجبهة العربية وتناقض الأولويات بين الدول. وأيضاً البعد العقائدي الذي ما يزال قائماً رغم مرور قرون عليه، وشاهدنا كم من دولة تشبه الخمينية في مرجعيتها الدينية قد قامت واندثرت غير أن الأفكار ظلت موجودة وتتجدد من عصر إلى آخر.
الطريق ما يزال طويلاً ويحتاج إلى تكاثف الجهود الإعلامية والفكرية والعقائدية والسياسية والعسكرية والأمنية لمحاصرة المشروع الإيراني الهدام، الذي لن يتوقف ما دام حكم ولاية الفقيه قائماً ويمارس الدجل الديني والوحشية الأمنية والفاشية السلطوية.
*هناك أخبار تقول بأن الجيش الروسي ينسحب من العديد من النقاط في المنطقة الجنوبية لسوريا والقريبة من الحدود الأردنية والجولان، وهناك خشية من الجانب الإسرائيلي لتمدد الميليشيات التابعة لإيران وحزب الله أكثر باتجاه الحدود. هل تعتقد أستاذ أنور مالك أن يكون هناك تصعيد إسرائيلي من هذه الميليشيات قد يتطور إلى هجوم إسرائيلي لإنهاء الطموحات الإيرانية النووية مع تذكر الملاحظات الإسرائيلية حول الاتفاق النووي وتشكيك تل أبيب بالنوايا الحقيقية الإيرانية حول كسب الوقت؟
يجب أن نؤكد على أمر هام أن وجود الميليشيات الإيرانية في سوريا كان بضوء أخضر أمريكي ومن دوائر غربية وبدعم غير معلن من إسرائيل، ولكن هذا الوجود لديه خطوط حمراء لا يمكن أن يسمح بتجاوزها، وأهمها أمن اسرائيل.
والحقيقة الأخرى أن الهدف من السماح بتدخل إيران وروسيا هو تحويل سوريا إلى بؤرة نزاع، فالثورة لو انتصرت في بدايتها ما تحقق لدول ما تريده من مصالح وأهداف غير معلنة في نشر الفوضى والسيطرة على مصادر الثورة وابتزاز الدول الغنية.
الوجود الإيراني في سوريا مرتبط بأجندات وصراعات أخرى ظهرت للعيان مع كورونا وعدوان بوتين على أوكرانيا، مما يؤكد أن كل ما يحدث كانت تحت رعاية أجهزة خفية، ونهاية هذا الوجود ترتبط بقرارات، وقد تتجلى لاحقاً في عمليات عسكرية إسرائيلية شاملة، على عكس ما يجري منذ مدة في إطار أهداف معينة وغارات نوعية وليست حرباً شاملة ضد الوجود الإيراني، أما الروسي فهو بدوره يخضع لمقاربات أخرى بين القوى الكبرى فقط.
إسرائيل تستعمل إيران لكنها لا تريد أن تطول مخالبها أكثر، فكلما وصلت المخالب لحد معين يحدث ما يقلمها عبر عمليات استخبارية أو غارات جوية أو غير ذلك.
لكن على العموم، إن ما يجري في سوريا هو ظرفي ويرتبط بأمور إقليمية ودولية في عالم يتجه نحو التغيير في أمور كثيرة، وحينما يتحقق المراد ستجد ميليشيات إيران تتطاير كالذباب.
*الأستاذ أنور مالك، هل هناك خشية من محاولة إيران التوغل في دول المغرب العربي وأن تلعب أدواراً هناك؟ وهل تحاول إيران بالفعل أن تقوم بهذا الدور؟ وهل صحيح أن هناك شبكات إيرانية استخباراتية تنشط في الجزائر؟
إيران تتوغل في دول المغرب العربي منذ زمن، وخاصة في الجزائر، وأيضاً تونس وليبيا وموريتانا لحد ما، أما المغرب فهو يواجه المشروع ويحاربه على مستويات عديدة على عكس بقية الدول.
في السنوات الأخيرة، خاصة منذ بداية الحراك الشعبي في 2019، وانشغال الجزائريين بأوضاعهم، نشطت إيران كثيراً، حيث عمليات تشييع الجزائريين قائمة على قدم وساق، والسلطات الأمنية تغضّ الطرف عنها، على عكس ما كانت عليه من قبل، حيث كانت تتابع وتجمع المعلومات عن تمدد إيران ونشاطات المتشيعين العديدة، ولكنها لا تتخذ الإجراءات اللازمة.
أؤكد لكم أن الشبكات الاستخبارية الإيرانية متواجدة في الجزائر والحرس الثوري وفيلق القدس أيضاً ينشط من دون عراقيل، كما أن قيادات حزب الله تتردد كثيراً على الجزائر وصارت بعض الدوائر في جبهة البوليساريو تزور معاقل الحزب في الضاحية الجنوبية وهذه فيها تأكيدات من طرف قيادات صحراوية.
الجزائر في هذه الفترة تعيش في سبات عميق تجاه النشاطات الإيرانية، بل النظام يفتح الأبواب له نكاية في المغرب الذي يعادي المشروع التوسعي للملالي، وهذه للأسف الحقيقة التي تجري على أرض الواقع.
عدد المتشيعين لصالح ولاية الفقيه تجاوز العشرين ألفاً، في أقل التقديرات، وقد قفز الرقم من الخمسة آلاف منذ ست سنوات إلى عدد مهول، بل صارت لديهم نشاطات معلنة وحوزات في مدن جزائرية غير مرخصة من طرف السلطة ولا السلطة تلاحقهم أو تضيق عليهم.
الخشية من التوغل الإيراني في الجزائر متصاعدة، وهذا التوغل الخطير يتلقى الدعم من جهات في السلطة ومن خارجها، للأسف الشديد، كما أن الظروف التي تمر بها البلاد من فقر وأزمات تلعب دورها، إلى جانب الدعم الرسمي من طرف النظام لفكر الزوايا الذي يسهل لإيران غارتها العقائدية على الجزائر.
الجزائر في محور روسيا وإيران بصفة رسمية، ولذلك وجد الملالي ضالتهم في هذا التخندق الذي سيعود بالوبال على الأمن القومي الجزائري.
ليفانت – خاص
حوار: رودوس خليل
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!