الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إسرائيل تشقّ ذات البَين الإيرانية.. بهجمات في عقر دارها

إسرائيل تشقّ ذات البَين الإيرانية.. بهجمات في عقر دارها
إسرائيل و إيران

لم يمر الحادي عشر من أبريل المنصرم، كأي يوم عادي في إيران، وذلك مع إعلان المتحدّث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، عن وقوع حادث في قسم شبكة توزيع الكهرباء في منشأة تخصيب اليورانيوم بمفاعل نطنز، خاصة أن ذلك الحدث تزامن مع تحذيرات أطلقها قائد الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قائلاً إنّ "تصرفات الجيش الإسرائيلي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ليست مخفية عن أعيان أعدائنا، وهم يتابعوننا ويرون قدراتنا ويدرسون بدقة خطواتهم المستقبلية"، وهو ما دفع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" لترجيح أن ذلك تلويح من كوخافي إلى وقوف إسرائيل وراء الحادث الذي وقع في منشأة نطنز النووي في إيران، والهجوم الذي استهدف في وقت مواز، سفينة "سافيز" الإيرانية في البحر الأحمر.


بوشهر النووية


نظنز والإعلام العبري


وبجانب ما ذهبت إليه تايمز أوف إسرائيل، رجحت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى، أنّ يكون سبب حادث نطنز، عائداً إلى هجوم سيبراني، فيما أفادت وكالة "أسوشيتد برس"، أنّ الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت مزاعم مماثلة مفادها أنّ الهجوم السيبراني المزعوم، أدى إلى انقطاع الكهرباء وإلحاق الأضرار بالمنشأة النووية التي تضم أجهزة طرد حساسة، لافتةً إلى أنّ تلك التقارير لا تكشف عن مصادر تلك المزاعم، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنّ وسائل الإعلام الإسرائيلية تحظى بعلاقات وثيقة مع الأجهزة العسكرية والاستخباراتية في البلاد.


اقرأ أيضاً: أردوغان وإسرائيل.. مُزاودات بالأخلاق ومُنافسة على الجرائم


وأوردت وقتها الوكالة عن كبير الباحثين في معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي، يوئيل غوزانسكي قوله: "يصعب لي أن أصدق بأن هذا مجرد صدفة، وإذا لم يكن هذا الحادث صدفة- وهناك شكوك قوية بهذا الشأن- فإنه يعني أنّ أحداً يسعى إلى توجيه رسالة مفادها: بإمكاننا الحد من تطور إيران ولدينا خطوط حمراء"، فيما نقلت هيئة البث الإسرائيلي (كان) عن مصادر مخابراتية، لم تكشف عن جنسيتها، قولها إنّ جهاز الموساد الإسرائيلي شنّ هجوماً إلكترونياً على الموقع، وهو ما اعتبر وقتها إقرار فعلي من تل أبيب بالمسؤولية عن الهجوم.


إقرار إيراني بالفشل


ولربما ليس تحمل تل أبيب لمسؤولية الهجوم، إلا برهاناً فعلياً على عدم خشيتها من رد الفعل الإيراني، وهو ما يبرهن بجلاء عجز القوة العسكرية الإيرانية عن ردع أو ترهيب الدولة العبرية، الأمر الذي يعتبر كسراً لهيبة طهران التي تسعى للمحافظة على سمعتها الملوثة بدماء السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين، عبر ثلة مسلحين تمولهم وتمدهم بالسلاح، بذريعة المقاومة والممانعة والتصدّي لقوى الاستكبار.


فالاستكبار عينه، هو مقصد تل أبيب كما بدى من هجوم نظنز ذاك، والإقرار به دون الخشية من التبعات، التي بقيت في إطار الجعجعة الصوتية، إذ نسب التلفزيون الحكومي الإيراني إلى علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قوله إنّ الحادث الذي تعرّضت له منشأة نطنز النووية كان نتيجة عمل “إرهابي”، مضيفاً أنّ طهران تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجناة.


اقرأ أيضاً: العثمانية أو الصفوية.. الإخوانية أداة قابلة للتحوّر شرط التنفّع والبقاء


ولم يكتفِ صالحي بإبرة البنج التي أعطيت لمحور المقاومة المزعوم، بتعهد الرد على إسرائيل، بل تجاوز ذلك إلى حد الإدانة، قائلاً: إن “إيران، بينما تدين هذه الخطوة الفاشلة، تؤكد على ضرورة تعامل المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية مع هذا الإرهاب النووي وتحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات ضد مرتكبيه ومن أمر به ومن نفذه”.


فيما واصلت إسرائيل "الاستكبار" وفق التوصيف الإيراني، إذ نقلت إذاعة كان الإسرائيلية عن مصادر مخابراتية القول إن الضرر الذي حدث في نطنز أشد مما أوردته إيران، فيما قال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال احتفال مع قادة الجيش والمخابرات، دون إشارة مباشرة لحادث نطنز، إلى أنّ “الحرب ضد تحول إيران إلى دولة نووية.. مهمة ضخمة”.


امتعاض إيراني مُرافق بالعجز


وبموازاة الافتخار الإسرائيلي بالمهمة المنفذة في نظنز، كانت مشاعر الخيبة واليأس تصدر عن أقطاب في النظام الإيراني، مفصحة عن بعض مما يلوج في خواطر نظام الملالي من إحساس بالضعف العسكري والاستخباري، مع تحول طهران إلى مرتع لعملاء الموساد، خاصة أنّ كثيراً منهم من الإيرانيين أنفسهم، مما ضاقوا ذرعاً بنظام ولاية الفقيه الذي كبس على أنفاس الإيرانيين، وحرمهم على مدار عدة عقود من الحياة المدنية.


إذ عدّ أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، أنّ الحريق ضمن منشأة نطنز النووية دليل على وجود ثغرة أمنية في البلاد، لافتاً إلى الحاجة لتشديدات أمنية في إيران، وضمن تغريدة له عبر "تويتر"، دوّن رضائي: "ألا يمكن أن يؤشر وقوع حريق جديد في منشأة نطنز النووية بعد مرور أقل من عام على الانفجار السابق على جدية حدوث تغلغل؟"، مردفاً: "اعتبروا يا أولي الأبصار.. البلد بحاجة إلى تعزيزات أمنية".


اقرأ أيضاً: جردة 50 عاماً إماراتية.. صدارة بالطاقة والفضاء والتسامح وحقوق المرأة


في حين توجه بتاريخ الرابع عشر من أبريل، رئيس مركز البحوث البرلمانية في إيران، والنائب ضمن مجلس الشورى، علي رضا زاكاني، بانتقادات شديدة اللهجة إلى أجهزة الأمن في البلاد، على خلفية الحادث، مؤكداً أن التفجير أدى إلى "تدمير معظم منشآت التخصيب في البلاد" بجانب "إتلاف أو تدمير بضعة آلاف من أجهزة الطرد المركزي"، مفصحاً أن وحدة نووية عالية السعة نقلت إلى خارج البلاد للإصلاح عقب عطلها، وقد أعيدت محملة بـ150 كغ من المتفجرات، وجرى نصبها في مكتب يضم مواد حساسة.


كما شجب زاكاني بشدة إخفاق أجهزة الأمن في إحباط العملية التخريبية، مؤكداً على أن إيران أضحت "جنة للجواسيس"، واعتبر أنّ وعود السلطات بنصب أجهزة طرد مركزي حديثة في منشأة نطنز عقب الحادث، "كاذبة".


خلافات في عقر الدار


امتعاض ترجمته معلومات نقلتها مصادر إيرانية، في التاسع عشر من أبريل، أشارت إلى ”عجز” المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي، عن وقف الخلافات بين الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات، ما أدى إلى استدعاء عدد من قادة الجهازين إلى منزله، حيث اتهم الحرس الثوري وزارة الاستخبارات بعدم القدرة على حماية منشأة “نطنز” التي تعرض نصفها للتدمير، فيما اتهمت الأخيرة عناصر الحرس الثوري بتمويل أذرع وميليشيات وصرف مبالغ هائلة دون استفادة إيران منهم.


اقرأ أيضاً: غزة بين إنقاذها مصرياً.. والإتجار بها تركياً وإيرانياً


وذكرت المصادر اعتقال نحو 100 عنصر من الاستخبارات الإيرانية و45 عنصراً من الحرس الثوري، على خلفية الأزمة بين الجهازين، فيما كشف تقرير لـ”راديو فردا”، الناطق بالفارسية، عن اشتعال أزمة ثقة بين الحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات، كما نوّه التقرير بأنّ واقعة اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده فاقمت من حدة الخلاف بين الجانبين، ما أدى لارتفاع وتيرة تبادل الاتهامات بينهما، حتى وصل الأمر للتهديد باعتقال عناصر من كلتا المؤسستين.


فقدان ثقة وخسارة هيبة عسكرية، يبدو أنّ طهران حاولت استعادتها مؤخراً، من خلال تسليح حماس في قطاع غزة، لقصف تل أبيب وعموم المناطق الإسرائيلية، ضمن مُحاولة لإبراز ذلك على أنه جزء من المقاومة المزعومة إيرانياً، متناسيةً أنّ إسرائيل وجهت الصفعة تلوى الأخرى وبشكل مباشر للعمق الإيراني، ولم تتوارَ أو تختبئ خلف مليشيا مُسلحة، تسرق قرار منطقة صغيرة، بالكاد قادرة على تأمين مقومات الحياة لقاطنيها.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!