-
إضاءة على الاتفاق الأخير بين المملكة العربية السعودية ونظام الملالي
تنطلق تحركات نظام الملالي اليوم من منطلق ضعف وخوف وتربّص، ولم يكن ليخطو نحو الحوار مع العرب مستعيناً بوساطات من هنا وهناك لو لم يكن بهذا الضعف والخوف من السقوط والزوال، ولا تخلو تحركات الوساطة العراقية من تكليف كما لا تخلو الرعاية الصينية من مصالح.
من غير المستغرب أن يسعى الملالي الفاشي العنصري ذي النهج الاحتيالي حيث يؤمن قادته ورموزه بدءاً من ولي الفقيه إلى أدنى كائن في هذا النظام بمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) ويحاولون جاهدين تطبيقها كلما شعروا بأنّ الخطر أصبح داهماً ومباشراً في محاولة منهم لدفع المخاطر وكسب الوجود على الأرض ولو مؤقتاً، ولتنحني الرقاب المغرورة أمام الرياح الصفراء حسب زعمهم، ابتداء من ولي فقيههم وانتهاء بصانعي السياسة الخارجية مروراً بالقيادات العسكرية والأمنية، علماً بأننا لا نعرف رياحاً صفراء غيرهم.
وما يثير الدهشة هو تسارع خطا المملكة العربية السعودية نحو عملية التطبيع مع هذا النظام وكائناته، وتنخرط باتفاق خاطف مع ملالي إيران الذين يحاربون نهج أهل السنة والجماعة الذي (تقوده) السعودية حرباً علنية مباشرة وغير مباشرة في اليمن سور السعودية الجنوبي وامتدادها القبلي، وقصفهم المباشر للمنشآت النفطية السعودية بصواريخ بعيدة المدى أكد الخبراء أنها إيرانية المصدر وانطلقت من أراضيها، ومعروف عن المملكة العربية السعودية مدى دقتها في التعامل مع ملف الملالي ولكن لا نعلم هذه المرة إلى أي مدى قد تذهب معهم في سياق الوضع الحالي.
الكثير من المراقبين اعتبروا الاتفاق خروج واضح من تحت العباءة الأمريكية وتمرد صريح على إرادتها يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في تحدٍ إقليمي ودولي يهمش الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط فاسحاً المجال أمام الصين لتشكيل محور شرقي يُضعف الدور الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً.
وعلى الجانب الآخر، هلل لهذا الاتفاق الكثير من المحللين والصحافيين ممن يُحسبون على محور (المماتعة) باعتباره نصراً للسياسة الإيرانية وتعبيراً عن صواب قراراتها المتعلقة بالتدخل المباشر في الدول العربية ودعم الميليشيات المسلحة القامعة لإرادة الشعوب المطالبة بالحرية والكرامة، وقد يذهب البعض منهم أو قد تذهب دوائر نظام الملالي إلى ما هو أبعد في تفسيراتها الداخلية كنوع من الخطاب التعبوي الموجه بأنها تحتل ما تحتله من دول العرب وها هي تمضي باتجاه احتواء باقي الدول في إطار تكتيكي سيؤتي ثماره وحصاده على نحو واسع.
لكن قراءة الواقع الجيوسياسي والعسكري في المنطقة يوضح بشكل لايدع مجالاً للشك أو الريب أن إيران الملالي باتت أقرب من أي وقت مضى لتلقي إما ضربة عسكرية خاطفة وموجعة لمنشآتها النووية وبنيتها التحتية ومنشآتها الصاروخية والحيوية الأخرى، وإما حرباً محدودة تدمر ترسانتها من الصواريخ البعيدة وكذلك المصانع الاستراتيجية والسيطرة على المنشآت النووية ونزع المعدات التقنية التي تخول ايران صناعة القنبلة النووية، وبالتالي منعها من الدخول إلى النادي النووي الدولي أو بتعبير آخر(حرب طاطفة لتقليم أظافرها مع الإبقاء عليها كعنصر قلق وصانع أزمات بالمنطقة).
وفي قراءة أخرى لما يجري بين المملكة العربية السعودية ونظام الملالي أنه قد يكون في إطار تلك الاحتمالات القائمة على قراءة السعودية للأحداث وجعلتها تسارع في إبرام الاتفاق مع نظام الملالي على نحو تكتيكي أيضاً.. ليس من باب التقية التي يتبعها الملالي وإنما من باب درء مخاطر وحماقات هذا النظام الذي لا يؤتمن جانبه على الدوام، وهنا تحاول السعودية أن تجنب أرضها وشعبها مخاطر محتملة وواردة.
إن أية ضربة عبثية انتقامية موجهة من قبل ملالي إيران إلى دول المنطقة ستتجه بكل تأكيد إلى المملكة العربية السعودية، خاصة حيث ستكون الوجهة المفضلة للانتقام من أمريكا عبر ضرب مصالحها الحيوية الواقعة في مرمى الصواريخ الإيرانية ولي ذراع العالم، خاصة الغرب، لما لهذه المنطقة من أهمية عالمية.
نحن على يقين أن نظام الملالي الذي يرفع شعار الموت لأمريكا يدين بالولاء للشيطان الأكبر، حسب مسماه، لكن الخطأ القاتل برأي المراقبين هو اجتياز إيران للخطوط الحمر بتخصيب اليورانيوم بنسب عالية وهذا ما لا تقبله العقيدة الصهيونية حتى وإن جاءت من حليف قوي كإيران، وما على العرب اليوم، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية سوى العودة بالوراء إلى التاريخ للحذر من لدغات الملالي الذين لا يجيدون الصدق ولا الوفاء بالوعود والعهود أو الانضباط بقوانين وأعراف ومراعاة أنهم يشكلون أكبر تهديد للمنطقة بعد ما أحدثوه في العراق وسوريا ولبنان واليمن..إنهم لا أمان لهم.
ليفانت - عبد الرزاق الزرزور
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!