الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران وميلشياتها.. الإقرار بالتبعيّة يُعرّي الأدوات المُستترة والمُغفلة

إيران وميلشياتها.. الإقرار بالتبعيّة يُعرّي الأدوات المُستترة والمُغفلة
مليشيات إيران - ليفانت نيوز

أفصح قائد عسكري إيراني، في نهاية سبتمبر الماضي، بأنّ لدى بلاده 6 جيوش خارج حدودها تعمل لصالحها، إذ قال علي غلام رشيد، قائد ما يعرف بـ"مقرّ خاتم الأنبياء"، بأن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، أعلن قبيل مقتله بـ3 أشهر، أنه قام بتنظيم 6 جيوش خارج الأراضي الإيرانية، بدعم من قيادة الحرس الثوري الإيراني، وهيئة الأركان العامة للجيش.


وأقرّ رشيد بأنّ تلك الجيوش تحمل ميولاً عقائدية، وتعيش خارج إيران، ومهمتها الدفاع عن طهران ضد أي هجوم، وفق قوله، زاعماً خلال تصريحاته، أنّ تلك الجيوش تتضمن حزب الله اللبناني، وحركتي حماس والجهاد، وقوات النظام في سوريا، والحشد الشعبي العراقي، وميليشيا الحوثيين في اليمن، مشيراً إلى أنّ تلك القوات تمثّل قوة ردع بالنسبة لإيران.


حزب الله وإيران/ أرشيفية

رفض يمني


ويعتبر حديث غلام رشيد إقراراً جلياً بتمويل إيران وتسلحيها لميليشيات مختلفة بالمنطقة، عقب إنكار متواصل، بشكل خاص، حول تواجد قوات إيرانية في اليمن ودول عربية أخرى، ومدى تأثير ذلك على سياسة طهران الخارجية، بينما اعترف الحرس الثوري صراحة، في أوقات سابقة، وعلى لسان مجموعة من قادته، ببعث مستشارين عسكريين لمساعدة مليشيات الحوثي في اليمن.


وقد علّق معمر الأرياني، وزير الإعلام اليمني، على تلك التصريحات في سلسلة تغريدات على تويتر، مؤكداً أنّها "اعترافات تؤكد من جديد دور النظام الإيراني في إنشاء ميليشيا الحوثي الإرهابية، وإدارة انقلابها على الدولة، واستخدامها كذراع لتنفيذ مخططها التوسّعي وسياساتها التخريبية في المنطقة وتهديد المصالح الدولية"، كذلك ذكر أنّ رشيد قال في تصريحاته "إنه في حال أراد أحد استهداف إيران، فعليه أن يواجه هذه الجيوش أولاً".


اقرأ أيضاً: إيفين.. فاضحاً المستور ومعرّياً قمع طهران

مضيفاً أنّ "هذه التصريحات الخطيرة تكشف حقيقة ما يحدث في اليمن منذ العام 2014، وطبيعة الدور الذي تقوم به ميليشيا الحوثي من تنفيذ للأجندة الإيرانية على حساب شلال الدماء المتدفق منذ انقلابها على الدولة، واستمرارها في التصعيد السياسي والعسكري وتقويض الحلول السلمية للأزمة بأوامر إيرانية"، مطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالتصدّي لمسؤولياتهم القانونيّة وفق ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة، ووقف التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن اليمني، ومحاولاتها استخدام الملف كورقة للضغط والابتزاز وتحقيق مكاسب سياسية.


رفض لبناني.. وأداة مُغفلة بفلسطين


في حين أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، عقب تصريح رشيد بيوم، وتحديداً في السابع والعشرين من سبتمبر، أنه لن يسمح بأن يكون لبنان منصّة ضد الدول العربية بأي شكل من الأشكال، مشيراً إلى أنّ بيروت يجب أن تبني علاقات جيدة مع المجتمعين العربي والدولي، مضيفاً في حديث، أنّ "لبنان وطن مستقل ذو سيادة وعربي الهوية، ولا أسمح بأن يكون منصّة ضد إخواننا العرب بأي شكل من الأشكال"، وتابع: "لبنان يجب أن ينأى بنفسه ويبني علاقات جيدة مع المجتمع الدولي والبلدان العربية".


اقرأ أيضاً: نساء أفغانستان.. التسويف استراتيجية طالبان لسلب حقوقهن

وفيما تسبب الإقرار الإيراني بتعرية أدوات طهران، التي صمتت أكثرها مقرّة بالولاء لطهران، وحاول آخرون التبرّؤ، ليظهروا بذلك في موقع المُغفّل، الذي ينفّذ أجندات دول خارجية دون أن يعلم، ومنها حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، التي قالت إنّ "هدف تحالفها مع إيران هو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ولا يرتبط بأية أهداف أخرى"، مردفةً: "نؤكد على تحالفنا مع إيران في مواجهة الكيان الصهيوني واحتلاله لفلسطين، وأن مقاومة الشعب الفلسطيني موجودة منذ تأسيس المشروع الصهيوني واحتلاله لفلسطين، وليست مرتبطة بأي هدف آخر"، زاعمةً أنّ "المقاومة، بما فيها إيران، تقف موضوعياً في جبهة واحدة ضد العدو الصهيوني وحلفائه".


إسرائيل تتلقّف الإشارة


ومن الأكيد أنّ الإقرار الإيراني لن يصبّ في مصلحة أحد أكثر من إسرائيل، إذ يمنحها الشرعية لاستهداف كل المليشيات والقوى العسكرية التي أقرّت بها طهران كأدوات تعمل على حمايتها في المقام الأول، خاصة أنه جاء ليبرهن على معلومات إسرائيلية سابقة عن علاقة طهران بتلك المليشيات التي تتلقّى بالأساس ضربات هنا وهناك بين الفينة والأخرى.


ولا يمكن في الصدد إغفال تعهد أطلقه “تال كالمان”، قائد جبهة إيران في الجيش الإسرائيلي، في الثامن من سبتمبر، بتوجيه ضربة قاتلة لميليشيا "حزب الله"، نتيجة مشروع الصواريخ الدقيقة لدى الحزب، حين ذكر لصحيفة “معاريف"، أنّ “هذه ليست مجرد صواريخ باليستية، بل صواريخ كروز وطائرات بدون طيار، تنتجها الصناعة العسكرية الإيرانية بأعداد تصل إلى الآلاف، وتوزعها في المنطقة”.


اقرأ أيضاً: في شمال سوريا.. اللامشروع الأمريكي بمواجهة العثمانية الجديدة

وحول طهران، ذكر المسؤول العسكري الإسرائيلي، أنّ “إيران تتخذ إجراءات ميدانية، وهي مستعدة لدفع ثمن باهظ لتحقيق رؤيتها، نظام إيران يتّسم بالصبر، ولديه نظرة استراتيجية طويلة المدى”، متابعاً: “لا ينظرون إلى صباح الغد، بل يتطلعون إلى 30-40 عاماً قادمة”.


ولفت كالمان إلى أنّ “عرض خارطة الشرق الأوسط تظهر أنّ كل ما يحدث فيه تقريباً مرتبط بإيران، لأنّها لم تعد وحدها، فهناك أيضاً سوريا والعراق واليمن ولبنان، وكذلك غزة”، لافتاً إلى أن “المواجهة مع إيران ليست فقط حول القضية النووية، بل للتصدّي لخطط المواجهة التي تعدّها، ليس فقط على أراضيها، ولكن أيضاً في ساحات أخرى، بعضها لم يكن على خرائط التهديد في الماضي”، مستكملاً: “لذلك تقوم إيران ببناء قوة بالوكالة هناك بقدرات عسكرية، وتجهيزها بأفضل معدات صناعتها المتطورة للغاية، سعياً منها لإنتاج حلقة تقترب من إسرائيل”.


تنبّه عربي لإيران وميلشياتها


ويبقى المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة، منوطاً بمقدار التنبه العربي له، وهو ما تقوده دول عربية عدة، أبرزها السعودية، التي لا توفر جهداً في السعي لمواجهة طهران، وهو ما لفت إليه رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، عندما قال، في السادس والعشرين من سبتمبر، (وهو ذات اليوم الذي جاء فيه الإقرار الإيراني بتعبية 6 جيوش في 5 دول عربية لطهران، على لسان علي غلام رشيد)، من أن الإرهاب ليس إرهاب القاعدة والجماعات المسلحة، بل هو إرهاب كل القوى والمليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن.


اقرأ أيضاً: من عــــفرين لـــرأس الـــعين.. منتجعات للقتلة المأجورين عقب تغيير ديموغرافيتها

وصرّح الفيصل بأنّ ذلك الإرهاب العابر للحدود يشكل تهديداً وجودياً لمفهوم الدولة الوطنية في المنطقة، مشدداً على ضرورة دحره والقضاء عليه والبحث عن الظروف المناسبة لمعالجة أسبابه، لأنّ انهيار الدولة الوطنية في العالم العربي يعدّ سبباً رئيساً لانتشار الإرهاب، بجانب التأكيد على أهمية إيجاد العلاقات السوية بين الدولة والمجتمع وتعزيز المشروعات التنموية، مشيراً إلى أنّه على الحكومات أن تكون سبّاقة في الاستجابة إلى متطلبات الإصلاح.


وتابع تركي الفيصل، بأنّ الإقليم العربي، بكافة مؤسساته، ضعيف وهشّ، وهو ما سمح بوجود فراغ استراتيجي يهدّد وحدة البلدان ونسيجها الاجتماعي، داعياً إلى تعزيز العمل العربي المشترك لإصلاح ذلك، بالقول: "الأوضاع الداخلية في بلداننا العربية ضعيفة، ولا بد لنا من إجراء إصلاحات تستجيب لتطلعات الدول العربية بعيداً عن نزعات التطرّف والإرهاب" لأنه خطر استراتيجي يهدّد الدول العربية ويجب مواجهته حتى تنعم بالاستقرار.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!