الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
استمرار الأزمة السورية على المدى البعيد
جيمس دينسلو    

مرّ ما يقارب العشر سنوات على بدء اشتعال الحرب في سوريا، وما خلّفته من انهيار اقتصادي تواجهه الدولة، مع استمرار انهيار الليرة السورية أمام الدولار. فرد من كل شخصين فرّ هارباً من منزله، نصف المراكز الصحيّة توقفت عن العمل، خمسون بالمئة من السكان لا يملكون ما يكفي من الطعام، وباء عالمي اجتاح جميع أنحاء العالم، وتسبّب بحالة من الفوضى منقطعة النظير، لكن سوريا لا تملك القدرة ولا النية لمعالجته أو حتى التحدّث عنه، وعلى حدّ تعبير اللجنة الدولية للصليب الأحمر “سوريا منهكة”.


في ظلّ هذه الخلفيّة، يجتمع المانحون من حوالي 60 دولة ووكالة دولية، في بروكسل، هذا الأسبوع، ضمن المؤتمر السنوي المقام حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، يتمحور الهدف من هذا المؤتمر في الحفاظ على دعم المجتمع الدولي لجهود الأمم المتحدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية واحتياجات التكيّف الأساسية في سوريا والمنطقة، وتسهيل حل سياسي دائم في سوريا، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254.


ومن المعلوم، فإنّ فيروس كورونا المستجد قد صعّد من وتيرة الظواهر السلبية التي تواجهها سوريا أساساً، فحوالي 11 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وحوالي 9 ملايين شخص ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وأكثر من نصف السكان عاطلون عن العمل. 


جاءت المؤتمرات الدولية السابقة حول سوريا، في أوقات من عدم اليقين بشأن اتجاه الصراع، وما إذا كانت حكومة الأسد ستبقى أم لا، في عام 2019، ركّز مؤتمر بروكسل بشكل كبير على معضلة إعادة الإعمار، وكان السؤال حينها حول إمكانية قيام المجتمع الدولي بتمويل إعادة بناء سوريا إذا ظل الأسد في السلطة، وجاءت معظم الإجابات “لا، لا نستطيع”.


واليوم، جعل الركود الاقتصادي العالمي الحديث عن إعادة بناء حلب، أو إعادة المدارس والمستشفيات السورية إلى كفاءتها، كما قبل الحرب، سرد من الخيال، على أقل تقدير. يعمل قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة على تشديد الخناق والضغط على مؤيدي الطرف الثالث للنظام، والذي تسبب في انشقاقات داخلية، لم يسبق لها مثيل، مثلما حصل في ملحمة الصراع مع رامي مخلوف.


وبدلاً من ذلك، يركّز مؤتمر بروكسل، وربما التحدّي الأكبر الذي يواجه السوريون في هذه الفترة، على البقاء. الإعصار الحقيقي للصراع والاقتصاد والصحة يطرق أبواب جميع السوريين، سواء كانوا محظوظين بما يكفي ليظلّ لديهم منزل، أو ما إذا كانوا مشرّدين داخلياً أو خارجياً أو كلاجئين. 


وتقدّر الأمم المتحدة احتياجها إلى ما يقرب من 4 مليارات دولار، للاستجابة للاثني عشر شهراً القادمة من التحدي الإنساني، ولكن مؤتمرات المانحين الأخيرة، لم تتمكّن من تلبية هذا الطلب مع استمرار الضغط الاقتصادي العالمي الذي يرسّخه فيروس كورونا المستجد. إنّ التركيز على البقاء، يعني إقناع المجتمع الدولي بأنّ من مصلحتهم ألا يموت السوريون من الجوع.


ربما يكون الخوف من هجرة جماعية أخرى، على رأس جدول أعمال معظم صنّاع السياسة الأوروبيين، عندما يفكرون في سوريا. وإلا فإنّهم كانوا سيستمعون بتركيز شديد إلى تحذيرات رئيس برنامج الغذاء العالمي، التابع للأمم المتحدة، من أنّ “سوريا تواجه خطر المجاعة الجماعية، أو نزوح جماعي آخر، ما لم يتم توفير المزيد من أموال المساعدة”. وقال ديفيد بيسلي، لبي بي سي، إنّ مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وإنّ بعضهم يموتون بالفعل. لم يوجّه بيسلي نداءً إلى المبادئ الإنسانية، ولكن إلى المصلحة الإستراتيجية، عندما حذّر من أنّه “في حالة يأس، قد لا يكون أمام العديد من السوريين خيار سوى محاولة الفرار إلى أوروبا، كما فعلوا في عام 2015”.


من الغريب، على الرغم من أنّه يمكن التنبؤ به، للأسف، ما تزال هناك كميات هائلة من الخلافات السياسية، بشأن كيفية الحصول على المساعدة للسوريين الذين يحتاجون إليها. برز في هذا النقاش، أنّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يمنح الرخصة للعاملين في المجال الإنساني، بتزويد المساعدة عبر الحدود التي لا يسيطر عليها النظام. وقال مارك لوكوك، منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في اجتماع افتراضي للمجلس عبر الانترنت: “إنّ هذا الترخيص عبر الحدود يوفر شريان حياة لملايين المدنيين، في شمال غرب سوريا، ولا يمكننا الوصول إليهم بدونها”. ومع ذلك، فإنّ قرار المجلس الذي يأذن بقوافل المساعدة، من تركيا إلى شمال غرب سوريا، سينتهي في 10 يوليو، وروسيا تضغط من أجل التجديد المباشر.


قد يبدو أنّ الجمود في أزمة سوريا، يعني أنّنا بحاجة إلى التهدئة والاستعداد لحملة طويلة الأمد لدعم السوريين قدر المستطاع، وضمان ألّا تصبح شبكة الأمان للمساعدات الإنسانية واسعة جداً، بحيث تنسل من خلالها ملايين أكثر.


ليفانت – جيمس دينسلو  

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!