الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الإخوان المسلمون هم الثورة المضادة
عبد الناصر الحسين

من أكثر المصطلحات تضليلاً مصطلح «الثورة المضادَّة» الذي ابتكره «الإخوان المسلمون» للتغطية على التعريف الصحيح للثورة المضادة.

مع بداية العام 2011، انطلقت ثورات ما يسمى بـ «الربيع العربي» في المنطقة العربية، وفي البداية أصابت الثورات دولاً غير محسوبة على «النفوذ الإيراني»، وربما تكون محسوبة على مناطق ما كان يطلق عليه سابقاً «محور الاعتدال»، حيث كان مألوفاً تقسيم المنطقة العربية سياسياً إلى محورين: «المقاومة والاعتدال».

وهذا ما أرادته جماعة الإخوان المسلمين، نشر الثورات في دول سبق وأن تصادمت معها أو الدول التي تقف في مواجهة «المشروع الإيراني»، فقد أرادوا أن يصل قطار «الربيع العربي» إلى دول خليجية بعينها، وهي «المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين»، ليرثوا الأرض من بعد أهلها، وفقاً لأوهامهم، فتصبح المنطقة العربية منقسمة إلى قسمين: قسم يحكمه جماعة «الإسلام السياسي السنِّي» وآخر يحكمه جماعة «الإسلام السياسي الشيعي».

فالإخوان المسلمون لا يرغبون أبداً باندلاع ثورات في «لبنان والعراق» مثلاً لأنها مناطق نفوذ لشركائهم في «إيران». بل إنهم يعارضون «تحرير اليمن» من عصابات الحوثيين، والأكثر من ذلك أنهم لا يتفاعلون مع انتفاضات الشعب الإيراني ضد «نظام الملالي» في طهران.

على أية حال فقد عمل «الإخوان المسلمون» على اختطاف «ثورات الربيع العربي» مدعومين مالياً من دول بعينها، مستفيدين من «معادلة دولية» كانت في صالحهم، مستغلين لهفة شريحة مجتمعية إلى «الخطاب الديني»، فروَّجوا للرايات السوداء وأقحموا مسمى «تنظيم القاعدة» بقوة في ثورات الشعوب، فاختلطت الأوراق بعد تنحية «القوى الوطنية» عن المشهد وتهميش الشخصيات الحرة المستقلة.

ما فعله «الإخوان المسلمون» هو ما يجب تسميته بـ «الثورة المضادة»، فهم يريدون ثورات على منهجهم العُنفي الطائفي المتطرف، محققين بذلك رغبة المُخَطِّط الإيراني، فلا يمكن اعتبار النسخة الإخوانية من الثورات بأنها ثورات الشعوب ضد الديكتاتورية، بل إنها مراهقات حزبية تتبجَّح بالأمميَّة الإسلامية بهدف الوصول إلى السلطة.

وفعلاً هم وصلوا إلى السلطة في أكثر من مكان وأثبتوا أنهم فاشلون في «سياسة الدولة الوطنية»، فأول ما يبرز من فعلهم الفساد المالي، ثم يتبعه سوء الإدارة والمحسوبيات، إلى أن يقعوا بمطبَّات سياسية تثبت أنهم «بُلهاء» في فنونها، «غشماء» في مداخلها ومخارجها، فيسقطون قبل أن تنقضي شهوتهم في التسلّط على الشعوب باسم الدين.

وفي لحظة من الطيش الجنوني الذي حدث في المنطقة العربية، متمثلاً بالعبثية الصبيانية، وانتشار السلاح والقتل والفوضى والفتن، تدخلت بعض الدول لوقف تلك المهازل وإطفاء تلك الحرائق التي أشعلها «الإخوان المسلمون»، التي كادت أن تطيح بكل ما هو جميل ومفيد وقيِّم للمجتمعات العربية، فحققوا نجاحات واضحة على حساب مشروع الإخوان التدميري، مما جعل الإخوان يطلقون على تدخل الدول العربية «الثورة المضادة».

فالتحرّك العربي الرائد لم يكن ضد نضالات الشعوب المظلومة، والثائرة على مستبدِّيها، بل كان ضد النسخة الإخوانية القاعدية الإيرانية، لذلك لن نتفاجأ عندما نكتشف أن إعلام هؤلاء «الإخوان والقاعدة وإيران» متوحِّد ضد «الحالة العربية» اليقظة، متضامن في حرب مسعورة تضرب يميناً وشمالاً بلا هوادة.

بصراحة ووضوح، نقولها بالفم الملآن: ليس من مصلحة الشعوب العربية والنخب البارزة نقلُ الثورات إلى مناطق مستقرة، أمنياً وسياسياً، ومرتاحة معيشياً واقتصادياً، وهي ليست موالية للمشروع الإيراني، فأي تحرك في تلك المناطق، يعني أن البديل هو الفوضى والجوع والتخلف والدماء. بمعنى آخر، يعني أن البديل «إيران».

 

 عبد الناصر الحسين

ليفانت -  عبد الناصر الحسين                

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!