-
الإعفاءات الأمريكية وطهران.. طوق النجاة يصل للملالي
اتخذت واشنطن الجمعة، خطوة تتعلّق بالبرنامج النووي لإيران، شكّلت بادرة تجاه طهران، في خضم المباحثات المستمرة في فيينا منذ أشهر، حيث عادت وأقرت الإعفاء الذي ألغاه ترامب سابقاً، والذي يسمح للشركات الروسية والصينية والأوروبية بتنفيذ عمليات لا تتعلق بالانتشار النووي في المواقع النووية الإيرانية.
فيما أعلن روبرت مالي المبعوث الأميركي بشأن إيران، السبت\الخامس من فبراير، أن بلاده لا تعتزم رفع كافة العقوبات عن طهران، على الرغم من التفاهم على رفع غالبيتها، موضحاً في مقابلة مع شبكة "أم أس أن بي سي" الأميركية، أن بعض العقوبات المفروضة على طهران سابقاً، لا تتعلق بالاتفاق النووي وإنما بسلوكها، في إشارة إلى دعم الميليشيات في المنطقة.
اقرأ أيضاً: البنتاغون: خطر إيران يتزايد بالخليج.. ونعمل مع شركائنا لمواجهته
الخطوة الأمريكية، لم ترفضها طهران، ولكنها لم تبدي بالمقابل ارتياحاً قد تقابله بردّ موازي، إذ رأى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان أن الإجراءات الأميركية بشأن العقوبات "جيدة لكن غير كافية"، معتبراً أن على الإدارة الأميركية تقديم ضمانات لإحياء اتفاق 2015 النووي، قائلاً إن "بلاده بلغت أميركا عبر وسطاء بأن عليها إثبات حسن نواياها، وأن ما يكتب على الورق جيد ولكنه غير كافٍ".
إصرار أمريكي على التفاوض
ولعل الموقف الإيراني المتعالي، مرده إلى الإصرار الأمريكي على مواصلة التفاوض مع طهران، في فيينا، بغية الوصول إلى اتفاق جديد حول برنامجها النووي، فالتصريحات الأمريكية، كانت تشي إلى ذلك، إذ أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، في العشرين من يناير الماضي، إحراز تقدم في مباحثات فيينا، مشددا على أن الوقت الحالي ليس مناسباً للتخلي عن التفاوض.
وبالتوازي، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إنه في الإمكان إعادة إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي بعدما تم تحقيق "تقدم متواضع" في المحادثات، مضيفاً في حديثه مع صحفيين: "يمكنني القول إننا شهدنا تقدماً متواضعاً في الأسابيع الأخيرة الماضية من المحادثات"، وبالتالي: "تقييمي بعد محادثاتي مع الزملاء، أن العودة إلى الامتثال المتبادل لا يزال ممكناً".
اقرأ أيضاً: "يهدد بالغليان".. وثيقة تنبه لتصاعد الاستياء الشعبي في إيران
حيث استضافت العاصمة النمساوية فيينا، منذ أبريل الماضي، ثماني جولات من المباحثات لاستئناف الاتفاق النووي الذي بات على وشك الانهيار منذ انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منه عام 2018، وتتمحور المباحثات على نقطتين رئيسيتين هما رفع العقوبات المفروضة من قبل إدارة ترامب على إيران، وعود طهران إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي بالكامل.
أصرار الأوروبيين على الاتفاق
الموقف الأمريكي الساعي لإنهاء مفاوضات فيينا باتفاق، تشاركه فيه الدول الأوروبية، فقد دعت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك إلى تحرك عاجل في المباحثات النووية بين إيران والقوى الكبرى في فيينا، محذرة من تضييق الفرص المتاحة لإحياء الاتفاق المبرم في عام 2015، وشددت أثناء مؤتمر صحفي عقدته في برلين، عقب اجتماعها مع نظيرها الأمريكي أنتوني بلينكن بالعشرين من يناير، على أن "النافذة المتاحة لإيجاد حل تشرف على الإغلاق".
مضيفة: "المباحثات في مرحلة حاسمة، ونحن في حاجة إلى تقدم عاجل للغاية، وإلا فلن ننجح في التوصل إلى اتفاق مشترك"، قائلة: "هدفنا هو الحفاظ على الاتفاق وبالدرجة الأولى منع استمرار عمليات التخصيب من قبل إيران.. ومن الواضح أن العمل جار باتجاه واحد في حوارنا مع روسيا والصين".
اقرأ أيضاً: لمواجهة إيران.. غانتس يسعى لتخصيص ميناء بحريني للبحرية الإسرائيلية
فيما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان على أنه لا يمكن للمفاوضات في جنيف، أن "تمضي بهذا البطء"، الذي سيجعل من إعادة إحياء الاتفاق النووي أمراً مستحيلاً، معتبراً التقدّم الذي جرى إحرازه في المحادثات بأنه "جزئي وخجول وبطيء"، بينما أشار إلى وجود "حاجة ملحّة لتغيير الوتيرة وإلا فستكون نهاية +خطة العمل الشاملة المشتركة+ حتمية" بالإشارة إلى الاتفاق باسمه الرسمي.
روسيا مساندة لإيران
أما في الشرق، فالموقف المساند لطهران في مفاوضات فيينا، جلي جداً لدى الجانب الروسي، حيث لا يترك الروس فرصةً إلا ويستغلونها في التأكيد على ضرورة إحياء الاتفاق النووي، لرفع العقوبات عن صديقهم الملالي الإيراني، وقد أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، على تصميم بلديهما على مواصلة المفاوضات حول إحياء الاتفاق الخاص ببرنامج إيران النووي، إذ أجرى الوزيران في العشرين من يناير، محادثات في موسكو.
وذكر بيان عن الطرفين، إن كليهما أكدا "التصميم على مواصلة المفاوضات في فيينا بهدف إحياء الصفقة النووية في هيكلها الأصلي دون أي إضافات أو إقصاءات"، وبناءً على المواقف السابقة، وغيرها، كانت إيران واثقة من حصولها على مبتغاها من المفاوضات، بل حددت في الثالث والعشرين من يناير، الموعد المتوقع لإتمام الاتفاق النووي الإيراني.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تدرس إمكانية شن عمليات موسعة على إيران وميليشياتها في سوريا ولبنان
حيث قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، محمود عباس زاده مشكيني: "الاتفاق سوف يتم قبل بداية العام الإيراني الجديد (العاشر من مارس القادم).. لدينا أوراق ذهبية بإمكاننا استخدامها في المباحثات.. لا يهم توقيت حصول النتيجة، لكن من المهم أن نتوصل إلى نتيجة جيدة، ولهذا السبب نحن من يمسك بزمام المبادرة ويدير المباحثات"، مضيفاً: "التوصل إلى صفقة جيدة ومربحة للجميع أمر قابل للتحقيق، بالرغم من أن الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة، يحاولون فرض صفقة سيئة علينا"، لافتا إلى أن "وضع إيران في المباحثات النووية جيد جدا، ونتحكم بالميدان ونضع القوانين، ولدينا اليد العليا، ويعمل فريق تفاوضنا بدعم قوي".
إسرائيل ليست بعيدة عن المشهد
وعلى الرغم من حالة العداء الإعلامي المتصاعد بين إسرائيل وإيران، إلا أنها ليست بعيدة عن أي خطوات تتخذها الولايات المتحدة، حيث تستمر المفاوضات بين الجانبين، ومنها في السابع والعشرين من يناير، عندما نوه البيت الأبيض إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ناقش مع نظيره الإسرائيلي إيال هولاتا في اجتماع افتراضي، "التطورات الإقليمية المهمة" ولا سيما البرنامج النووي الإيراني، وأورد عن سوليفان التأكيد على التزام الولايات المتحدة المستمر بالدبلوماسية باعتبارها "أفضل سبيل لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي".
في حين كان الارتياح سيد الموقف لدى الجانب الإيراني، حيث أفادت وكالة إيرنا للأنباء، نهاية يناير بأن ممثلين عن وفود الدول المشاركة في مباحثات الاتفاق النووي الإيراني (4+1) اجتمعوا في فيينا، حيث بحثوا "إلغاء الحظر والضمانات"، في إشارة لمساعي إيران لرفع الحظر المفروض عليها، ومطالبتها بالحصول على ضمانات، بعدم انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من الاتفاق.
اقرأ أيضاً: انتحار المعلمين في إيران ظاهرة متزايدة آخرهم مصطفى أستاذ العلوم
بينما قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، في الأول من فبراير الجاري، إن المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 تدخل "المرحلة النهائية" خلال أسابيع، ويتعين على جميع الأطراف اتخاذ قرارات سياسية صعبة، وهي مراحل يبدو أنها بدأت فعلاً بالتحول إلى حقيقة، ليكون ذلك بمثابة طوق نجاة لنظام الملالي في طهران، قد يسعفه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، فيما أغلب الظن بأن المجتمع الدولي سيندم مرة أخرى، على منح ذلك النظام فرصة جديدة للحياة، تهديد أمن الإقليم، وتعكير معيشة الإيرانيين أنفسهم.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!