-
الائتلاف السوري مارد مصباح الأسد السحري
ما فتئ لسان حال تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي يقول “إما أن نحكم سوريا نحن، أو فليحكمها الأسد وسنساعده على إحكام سيطرته عليها إذا رَفَضَنَا الشعب السوري”، وبما أنّ رفْضَ السوريين لقيادة الاخوان المسلمين واضح محسوم ولا يمكن القبول بهم، قرّر التنظيم الإرهابي وداعموه أن ينتقموا من الشعب السوري بإعادة تعويم مجرم الحرب بشار الأسد ومساعدته على تجاوز محنته السياسية القاتلة التي فرضها عليه الشعب السوري مهما تطلب الأمر ذلك.
وقد استجاب ما يسمى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، الذي يقوده المال السياسي المحشو في جيوب ممثلي تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، لطلبات النظام عدة مرات بالقفز فوق والتلاعب بمقررات جنيف-1، والادّعاء بأنّ ما يفعله الائتلاف يتفق مع بنود بيان جنيف-1 الصادر عن مجموعة العمل الدولية بتاريخ 30/6/2012، وذلك بقصد تصوير خيانة الالتفاف على بنود جنيف-1 على أنّها نصر دبلوماسي حريري باعتباره أفضل الممكن.
ولتفنيد أكاذيب الائتلاف السوري بقيادة الإخوان المسلمين المرتزقة، أود تذكير الإخوة السوريين ببنود جنيف واحد وبترتيبها وبأولى أولوياتها، والتي أتت على النحو الآتي:
1. إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية، ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، ويجب أن تُشكّل على أساس الموافقة المتبادلة.
2. الشعب السوري هو من يقرّر مستقبل البلد، ولا بد من تمكين جميع فئات المجتمع ومكوناته في الجمهورية العربية السورية من المشاركة في عملية الحوار الوطني، ويجب ألا تكون هذه العملية شاملة للجميع فحسب، بل يجب أيضاً أن تكون مجدية، أي من الواجب تنفيذ نتائجها الرئيسة.
3. على هذا الأساس، يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية، وأن تُعرض نتائج الصياغة الدستورية على الاستفتاء العام.
4. بعد إقامة النظام الدستوري الجديد، من الضروري الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وتعددية، وإجراؤها لشغل المؤسسات والهيئات الجديدة المنشأة.
5. من الواجب أن تُمّثل المرأة تمثيلاً كاملاً في جميع جوانب العملية الانتقالية.
6. يجب أن يتمكن ضحايا النزاع الدائر حالياً من الحصول على تعويضات أمام القضاء.
فمن الملاحظ، أنّ العملية الانتقالية المتضمنة إعادة صياغة الدستور وإقامة انتخابات برلمانية ورئاسيّة في سوريا لا يمكن أن تبدأ قبل تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، ويجب أن تُشكّل على أساس الموافقة المتبادلة.
إلا أنّ النظام السوري وفي سعيه لتفريغ بنود بيان جنيف من محتواها، قام بالموافقة على البدء بتطبيق البند الثالث القاضي بإعادة صياغة الدستور قافزاً فوق البند الأول الذي هو أهم بنود بيان جنيف، وأسّها وأساسها والذي بدونه لا يمكن لأية عملية سياسية أن تجري في سوريا، ومع ذلك قال الإخونجية الذين يقودون الائتلاف للأسد كما يقول مارد المصباح السحري لسيده “شبيك لبيك ، الائتلاف عبدك بين يديك”.
فتم تشكيل هيئة ائتلافية خاصة لصياغة الدستور، وتم أخذهم وإرجاعهم بطريقة تشبه عملية تدريب الكلاب على الطاعة، حيث يتم رمي العظمة بعيداً، فيركض الكلب للبحث عنها وجلبها والحصول على المكافأة. ومن الطبيعي أنّ هذا التدريب أو هذه الاجتماعات التي عُقدت من أجل صياغة دستور سوري لم تسفر عن شيء، فالنظام لا يعترف بشرعية الائتلاف ويعتبرهم جماعة إرهابية وهم قبلوا بهذا التوصيف ومع ذلك جلسوا معه.
وبتلك القفزة استطاع النظام السوري شراء الوقت اللازم لإعادة السيطرة على معظم سوريا بمساعدة دول أستانا، وبحيلة مناطق خفض التصعيد الذي ضمنها نظام الملالي الإيراني ونظام أردوغان الإخواني والنظام الروسي، داعم الإرهاب في سوريا، وبعد أن تم له مراده في السيطرة، أعلن فشل المفاوضات الرامية لصياغة الدستور ومعللاً بأنّ الدستور شأن سوري داخلي تتم صياغته في دمشق.
ولم يتأخر النظام على مارده الائتلاف كثيراً، فقد اقترب موعد انتهاء فترة حكم مجرم الحرب الأسد الثالثة صورياً، واقترب موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي. وبالرغم من أنّ جميع دول العالم، باستثناء إيران وتركيا وروسيا، لا تعترف بشرعية الانتخابات في سوريا، في ظلّ الأوضاع الراهنة، إلا أنّ الأسد يعرف ما في فانوسه، فطلب من الائتلاف مساعدته في الالتفاف على البند الأول القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، والتحضير لخوض مسرحية انتخابات صورية تعيد له الشرعية، حسب تصوره، معتبراً أنّ هذه الخطوة إنما هي تطبيق للبند الرابع من بنود جنيف واحد، والدليل بأنّ المعارضة تعترف بالانتخابات وستشارك بها.
إنّ مجرد القفز فوق البند الأول من بنود جنيف-1 يعني الاستسلام للنظام، والاعتراف بأنّ الثورة السورية كانت مؤامرة على “سوريا الأسد الممانعة”، فكيف بالقبول بمبدأ المشاركة في “السباق الرئاسي” الخيالي الذي قبل به الائتلاف وشكل هيئة جديدة للانتخابات من أجله؟.
إنّ القبول بخوض الانتخابات جنباً إلى جنب مع المجرم بشار الأسد يعتبر اعترافاً صريحاً بمشروعيّة الانتخابات وبشرعية المجرم الأسد وبمشروعية سفك دماء السوريين وبمشروعية تهجيرهم وبمشروعية تدمير ممتلكاتهم وبمشروعية الاحتلال الإيراني والروسي والتركي لسوريا.
وربَّ سائل يقول بأنّه يتفق معي من حيث المبدأ بأنّ الائتلاف يرقص على موسيقا الأسد، ولكن ماهي مصلحة الائتلاف في ذلك؟ والحقيقة أنّ هذا السؤال وجيه يجب توضيح مصلحة الائتلاف في ذلك.
لقد بات واضحاً أنّ مؤسسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بقيادة الإخوان المسلمين الممولين له، تحوَّلت إلى أداة بيد النظام التركي، والذي هو بدوره حليف إيران وروسيا بشكل مباشر، وحليف النظام السوري بشكل غير مباشر، حالياً على الأقل. ويعلم أعضاء الائتلاف بأنّ حفلة حكم سوريا من قبلهم قد فضَّت بدون حصولهم حتى على أمل بذلك، فرضوا بتعويضات عن ذلك تتمثل بحصولهم على الجنسية التركية وملء حساباتهم بالمال الذي تصبّه الدول الداعمة للإخوان المسلمين، وعلى رأسها دولة قطر التي لا تنفك تصبّ المال للإخونجية صباً.
وقد أصدر الائتلاف قرار تشكيل هيئة للانتخابات، وذيَّل القرار بما أسماه “آليات عمل المعارضة”، والتي تضمنت خمسة بنود تتلخّص في تدريب كادر فني متفرغ، وإجراء محاضرات وندوات، وتصميم الدعايات الانتخابية والإعلانات، و”التشبيك” مع دعم الكيانات التي تضم الثائرين والمعارضين في دول العالم، وأخيراً التواصل والتعاون مع الكيانات الثورية السورية على كوكب الأرض.
وبغض النظر عن الاختراع اللغوي العظيم لمفردة “التشبيك” الذي أتى به مرتزقة الائتلاف، فمن الواضح أنّ مكافأة الائتلاف بعد تعبهم هي مالية بحتة يقبضونها من خلال فتح خمسة دكاكين أطلقوا على مجموعها شركة، أقصد، آليات عمل المعارضة، فهذه الدكاكين تحتاج إلى بضاعة والبضاعة تحتاج إلى مال والمال وفير عند داعميهم، أي حلفاء الأسد.
لقد نفّذ الائتلاف الإخونجي أمرين مباشرين لنظام الأسد، قضى الأول بإنشاء هيئة للدستور حسب البند الثالث من بنود جنيف، وقضى الثاني بتشكيل هيئة للانتخابات حسب البند الرابع من بنود جنيف-1 حتى الآن.
وبما أنّ المحاولة الأولى فشلت، وبما أنّ المحاولة الثانية ستفشل لا محالة، بقيت المحاولة الثالثة التي سيطلب فيها النظام الأسدي من الائتلاف الموافقة على تنفيذ البند الأول من جنيف-1، وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، ويكون بشار الأسد رئيسها، ليخرج الأسد بعد ذلك قائلاً للعالم: ”ألا تريدون إنشاء هيئة حكم بالتراضي؟ ها قد شكّلنا بالتراضي”.
وللعلم واستباقاً على من يشكك بهذا، أقول: إذا طلبت تركيا وقطر من أعضاء الائتلاف المقيم في تركيا والممول من قطر الموافقة على وجود بشار الأسد في هيئة الحكم الانتقالية، فمن هو الرجل المحترم منهم الذي سيرفض طلب قادة هذه الدول؟
وهنا أعتقد جازماً، بأنّ ما من أحد في الائتلاف يجرؤ على مجرد مناقشة الأمر، ناهيك عن رفض مثل هذا الطلب الذي سيجدون له ترليون مبرر وفتوى شرعية.
إنّ أحلام النظام الأسدي باستعادة السيطرة على سوريا ما قبل 2011، أقلّ ما يقال عنها أنّها أحلام الأبالسة في الجنة، ومع ذلك فلا بد للشعب ولقوى الثورة وللمعارضين الشرفاء، الذين لم تتلطّخ أيديهم بالمال الإخونجي القذر، التحرّك سريعاً لإغلاق الباب في وجه النظام الأسدي، بنزع الاعتراف من عميله الائتلاف الوطني الذي يتصرّف كممثل للشعب الثائر ضد النظام، وذلك عبر مسيرات شعبية في كل بقاع الأرض، وخصوصاً في مناطق إدلب ومناطق مرتزقة الجيش الوطني التركسوري، التابع للحكومة المؤقتة التابعة لحكومة الاحتلال التركي، ومن خلال الندوات السياسية والأدبية والفنية.
أسقطوا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فما على العميل والمرتزق اعتماد ولا أسف.
ليفانت- علي الأمين السويد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!