الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
التنوير أم الانقراض
باسل كويفي
للثقافة تأثير مباشر على الرأي والذوق العام، بالتوازي مع التراث الحضاري والمعتقدات السائدة التي قد يكون لإعادة صياغة تداخلاتها وتأثيراتها فرصة لفتح آفاق التنوير الإنساني بديلاً عن التقوقع ضمن مفاهيم قديمة لا تتواكب مع التقدم والرقي للفكر الإنساني المتسارع.
‏فالأدب لا يغيّر المجتمع مباشرة كالاقتصاد، لكنه يساهم في تعميق وعي الناس مما يدفعهم للسعي إلى تغيير واقعهم نحو الأفضل.
‏تتأثر الآداب (بمختلف جوانبها الفنية والشعرية والقصصية والثقافية) بالقضايا الاجتماعية، ونمط السلطة، وأحوال الاقتصاد، والأفكار السياسية المطبقة، والظروف الحياتية والمعيشية والبيئية.

‏من قاعة الجمعية العامة في الأمم المتحدة.. ديناصور يحثّ قادة العالم على عدم "اختيار الانقراض".
‏تحت نفس العنوان تم عرض فيلم قصير "لا تختاروا الانقراض"، يضم مشاهير العالم ويسلّط الضوء على أزمة المناخ.
بعد قمتهم في روما (الأحد 31 أكتوبر 2021)، يتجه قادة مجموعة العشرين مباشرة إلى غلاسكو، حيث افتتح مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الأحد، وهو اجتماع يستمر أسبوعين ويعتبر مهماً لمستقبل البشرية. الإشارة التي ترسلها هذه المجموعة التي تضم الاقتصادات المتقدمة الرئيسة (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة) ولكن أيضاً الدول الناشئة الكبيرة، مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل، كانت منتظرة لأن هذه الأطراف تمثّل 80 بالمائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
على ذلك علق ألوك شارما، رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ، الذي سيستضيف أكثر من 120 من قادة العالم في غلاسكو، الاثنين/ 1 نوفمبر، أن تلك الدول يمكنها "تحقيق النجاح أو دفن الأمل في الحفاظ على هدف زيادة سنوية ـ1,5 درجة في متناول اليد".
وأكد البيان الختامي على هدف اتفاق باريس وهو "الحفاظ على متوسط الاحترار دون درجتين مئويتين بكثير ومواصلة الجهود لحصره بـ 1,5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية".
في نفس السياق، أشار الرئيس بايدن من غلاسكو، أنّ "إطار عمل شراكة بناء عالم أفضل الذي قدمتُه سيقوم باستثمارات تاريخية في مجال الطاقة النظيفة، وهو أكبر وأهم استثمار للتعامل مع أزمة المناخ تقوم به أي دولة متقدمة على الإطلاق".
في السودان، بعد الخلاف في المجلس الانتقالي (والاتهامات المتبادلة) أعاد الحدث إلى عقول الناس غائباً ظلَّ كامناً في دنيا الصمت المسموع، فالبلاد تهزّها الزلازل العنيفة شرقاً وجنوباً، حيث استخدام السلاح لغة المجموعات العرقية والجهوية التي فاق عددها العشرات، أما المكونات السياسية الحزبية، فهي لوحة سريالية لا يغيب عنها الماضي الأيديولوجي بكل أطيافه.
نحن فعلاً أمام سؤال مربك لكثيرين، يتم اختزاله كالعادة بصفة جامعة مانعة شاملة مطلقة دائمة (قديمة ومستمرة) هي صفة “التخوين والتكفير”. وأظن هذا الأمر لم يعد مستغرباً بعد ما سمعناه طوال العقد الماضي (منذ الربيع العربي على الأخص) من تصنيفات سهلة (تآمر، مؤامرة، عميل، كافر، ملحد، مدسوس).
والإجابة على هذا السؤال تتطلب تضافراً حقيقياً في الجهود، عبر إيجاد القاسم المشترك للمسائل المعقدة، واختصاراً يمكن الإيجاز حسب الآتي:
١- تهم التخوين لمن عاد أو يفكر بالعودة إلى بلده هي تهم بائسة ومريضة، فالخيانة تكون نكثاً لعهد بين طرفين، أو تجاه موطنه وبلده الذي ترعرع فيه وباع نفسه للآخرين لقاء مصالح شخصية مؤقتة.
٢- في علم الاجتماع: تتعب المجموعات (المشكلة من المجتمعات) في منتصف الطريق وتتصاعد لديها الشكوك بإمكانية تحقيق الأهداف (حسب رؤيتها) وكلما تضاءل الحلم/ الهدف، كلما تفككت المجموعات بشكل أسرع، فالإيمان بالرؤية العقلانية شرط ضروري للنجاح.
٣- كانت ماستر كارد (بطاقات ائتمانية) في دعايتها الشهيرة تقول: “هناك أشياء لا يشتريها المال”. هي بالتأكيد تسّوق لنفسها، لكن العبارة جميلة وتصلح للقياس، "الحرية لا تُشترى بالمال"، وكذلك حنين الإنسان إلى موطنه وبلده لا يعادله مال، حيث يستعيد بذلك كرامته التي يفقدها بالتدرج بالانسلاخ عن وطنه، وعليه لا يمكن التفكير بالكرامة من دون مقوماتها البدائية وهي حضن الوطن كناية عن الحنين وسقف الوطن كناية عن المأوى، وهي كلمات تُسعد معظم البشر في طباعهم الإنسانية وموجعة للبعض الذين لا يرون في أوطانهم سوى سلبيات مصالحهم.
كل ما سبق عرضه تثبيتاً لبعض مفاهيم قد تؤسس لعقد اجتماعي جديد يتحقق فيه الرفاه الاجتماعي والنمو الممنهج للمجتمعات.
غالباً الصراع والنزاع المحلي بشتّى وسائله يدفع للسير نحو الأفضل، بعد صمت دوي السلاح، وقد شاهدنا تاريخياً أن محصلة الصراعات والحروب الأهلية في أوروبا وأمريكا وغيرها دفعت لإنتاج دولة القانون التي وضعت حدّاً للصراعات الدامية تحت عناوين مختلفة (دينية، طبقية، تمييزية، هوياتية).
علينا تطوير مراكز للبحوث الاجتماعية والجنائية، لرصد ومعالجة حالات "الجريمة" في المجتمع واستخلاص النتائج؛ فمعدلات جرائم العنف، بالإضافة إلى الجرائم الأخرى، ارتفعت في الآونة الأخيرة بشكل كبير وزادت وحشيتها، في وقت زاد فيه التفاوت الطبقي الذي أدّى إلى هبوط الطبقة الوسطى -التي كانت أساس التوازن في المجتمع- إلى الطبقة الدنيا (التي بجب أن تشملها برامج التنمية للنهوض) حيث الثقافة والتعليم أقلّ والجهل أكثر اتّساعاً، خصوصاً خلال وبعد النزاع.
الارتقاء بالمستوى الثقافي في المجالات المختلفة أصبح قضية حياتيّة تمسّ كل الطبقات في المجتمع، لمحاولة درء الخطر بالمشاركة من سياسيين ومثقفين وأصحاب رؤى لمعالجة هذه المشكلة والوصول إلى بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.
يوماً تلو الآخر تنهار الثقة بين موسكو والناتو، ولدى الروس قناعة مطلقة بأن خطط الحلف الغربي تسعى جاهدة في طريق ضم أوكرانيا وجورجيا إليه، الأمر الذي يعني تهديداً غير مسبوق للروس منذ الهجوم النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وهو ما لن تقبله موسكو في الحال، وما لن تسمح به في الاستقبال.
لافروف مضيفاً بقوله، إنّ روسيا لا تمتلك أي معلومات عن نوايا «الناتو»، معتبراً أن الحلف لا يسعى إلى إقامة أي تعاون مع بلاده.. جاء ذلك في العاصمة الإيطالية روما عشية انعقاد قمة العشرين، التي استبقت لقاء غلاسكو للمناخ، حيث غاب بوتين، الذي يبدو أنه منشغل بما هو أهم وأخطر، على الأقل بالنسبة لوطنه وقومه.
وسط تساؤلات مبهمة عن العلاقة بين حشود الروس التي ترصدها عيون وآذان البنتاغون عبر أقماره الصناعية، وبين الزيارة المثيرة للتفكير التي قام بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، نهار الثلاثاء/ 2 نوفمبر الماضي، إلى موسكو ولقائه مع سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف.
على الأرجح تبدو في الأفق تفاهمات أمريكية - روسية حول أهم الملفات الخلافية في الفترات السابقة وفق تغيير ملحوظ في نهج سياسات إدارة بايدن، وقد يكون تصريح مبعوث مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك في المنامة (منتصف شهر نوفمبر) خلال زيارته للمنطقة مؤشراً للسياسات الجديدة، حيث قال إن أميركا تخلّت عن سياسة «بناء الأمم» و«تغيير الأنظمة» التي ظهرت في الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ويعتبر هذا التصريح باعتقادي إطاراً جديداً للعلاقات والسياسات الدولية ستنعكس مباشرة على سياسات المنطقة وتشابكاتها الإقليمية، ويأتي استئناف المباحثات حول الملف النووي الإيراني في فيينا، 29 نوفمبر من هذا الشهر، عطفاً على هذه السياسات الجديدة وسط تفاؤل وترقب حذر، حيث يتم العمل على مجموعتين، العقوبات والنووي، استكمالاً يسوده احتمال النجاح.
من جانب آخر، تتجلّى إشارات إيجابية جديدة هذا الشهر، بعد زيارة وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة إلى سوريا، والاتصال الهاتفي بين الرئيس الأسد والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، لفتح قنوات أكثر مرونة في العلاقات العربية، قد تنعكس على الاستقرار والسلام المحلي والإقليمي والأمن العالمي. وتأتي مشاركة سوريا أيضاً في الاتفاقية الصينية "مبادرة الحزام والطريق"، من خلال ما أكده الرئيس الأسد خلال اتصاله مع الرئيس الصيني هذا الشهر، التي قد تكون رافعة جديدة للاقتصاد السوري والاستثمارات لعودة عجلة الإنتاج وتوفير التمويل اللازم عبر القروض التي تمنحها الصين، وفقاً لاتفاقية إعادة تأهيل البنية التحتية ودعم الموازنة وقد يكون السداد عبر تصدير الغاز والنفط السوري بالاكتشافات القديمة - الجديدة الواعدة لمستقبل أفضل.
في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، 29 نوفمبر من كل عام، نأمل أن تعود الحقوق والأراضي المغتصبة إلى أصحابها الحقيقيين وتنفيذ القرارت الأممية بهذا الخصوص لتكريس السلام والأمن المستدام في منطقتنا.
حيث حددت المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "الناسُ جميعاً سواءٌ أمام القانون، وهم يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز".
فالسفن ‏تكون آمنة عندما تكون راسية على الموانئ، لكن السفن لم تصنع لذلك، فلننطلق في بحر الحياة، لأننا لم نُخلق لنقف مكاننا.
وحسب ما قال الشاعر الطغرائي:
أُعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
لم أرتض العيش والأيام مقبلة
فكيف أرضى وقد ولّت على عجل
وهنا أُضيف: "أُعلل الآمال بكم وبالوطن".


ليفانت - باسل كويفي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!