الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الجيش الناطق بالتركية وأرمينيا.. تهديد وجودي يذكر بمجازر الماضي

الجيش الناطق بالتركية وأرمينيا.. تهديد وجودي يذكر بمجازر الماضي
صورة تعبيرية. ليفانت نيوز

ضمن نزاع مستمر منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، أسفر في حينها عن إعلان الأرمن المحليين عام 1991، عن إنشاء جمهورية مستقلة في ذلك الإقليم، أسموها بـ"أرتساخ"، لم يعترف بها أحد حتى يريفان، نتيجة توازنات عسكرية في المنطقة، استؤنفت يوم 27 سبتمبر 2020، عمليات قتالية واسعة بين القوات الأذربيجانية والأرمينية في إقليم قره باغ.


وتواصل القتال حتى يوم 9 نوفمبر من العام الماضي، عندما كشف الرئيسان الروسي، فلاديمير بوتين، والأذربيجاني، إلهام علييف، ورئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، عبر بيان مشترك عن وقف إطلاق النار بين الجانبين الأذربيجاني والأرمني، اعتباراً من اليوم التالي.


اقرا أيضاً: من تشويه البرلمان إلى مشاريع بيع تونس.. مُمارسات الإخوان ترتدّ عليهم

وبموجب ذلك الاتفاق، استولت أذربيجان، المتحالفة مع تركيا، على أكثر من ثلثي الأراضي التي خسرتها خلال الحرب مع الطرف الأرميني في 1992-1994، ما اعتبر نصر لأذربيجان وهزيمة لأرمينيا، لكن المسألة لم تقف عند ذلك، إذ ومُذ ذلك الحين، تتواصل الاستفزازات الأذرية للجانب الأرمني، ويتبادل الطرفان القصف بين الفينة والأخرى، الأمر الذي يمكن إعادته ربما إلى مخططات أذرية-تركية، لقضم ما بقي من قره باغ بيد أرمينيا، وربما مآرب أخرى.


أرمينيا

عمليات قتالية عبر الحدود


لكن الاتفاق لم يمر دون عقبات، حيث تبادلت باكو ويريفان بيانات حول وقوع حوادث متفرقة على الحدود بين الدولتين، ففي 12 مايو الماضي، أعلن الجانب الأرمني عن توغل مجموعة من العسكريين الأذربيجانيين داخل أراضي البلاد، في أثناء محاولتهم إجراء "أعمال محددة متعلقة بتدقيق الخط الحدودي".


وأواخر مايو، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية عن احتجاز 6 عسكريين أرمن لدى محاولتهم عبور الحدود، فيما قالت نظيرتها الأرمنية إن ستة من عسكريها أسروا أثناء قيامهم بأعمال هندسية داخل أراضي وحدة من القوات المسلحة الأرمنية تقع في مقاطعة كيغاركونيك على حدود أذربيجان.


اقرا أيضاً: أفغانستان.. إشارة أمريكية خاطئة لطالبان والإرهاب العالمي

وفي السادس من يوليو الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية عن إصابة أحد عسكرييها بإطلاق نار في قره باغ، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار وفصل القوات بوساطة روسية في المنطقة، وزعمت الوزارة الأذربيجانية في بيان لها، أن مواقع الجيش الأذربيجاني تعرضت لإطلاق نار من قبل "الفصائل المسلحة الأرمنية غير الشرعية" بالقرب من قرية علي أغالي في منطقة أغدام.


بينما أعلن سكرتير مجلس الأمن الأرميني، أرمين غريغوريان، أن جنديين من القوات الأرمنية جرحا نتيجة حادث على الحدود مع أذربيجان، قائلاً إن "هذا استفزاز نظمته أذربيجان وأدى إلى حقيقة أن لدينا جريحين".


ونفت وزارة الدفاع في أرمينيا، في العاشر من يوليو، صحة بيان صدر عن باكو عن قيام القوات الأرمنية بقصف مواقع تابعة للجيش الأذربيجاني على الحدود بين البلدين، وقالت الوزارة، إن إعلان وزارة الدفاع الأذربيجانية عن قيام وحدات للقوات المسلحة الأرمنية بإطلاق النار على مواقع للجيش الأذربيجاني، في شريط من الحدود متاخم لمقاطعة طاووش، "لا أساس له من الصحة".


وفي الرابع عشر من يوليو، أعلنت وزارة الدفاع الأرمينية، عن مقتل أحد جنودها في تبادل لإطلاق نار على الحدود مع أذربيجان، وحملت الوزارة قيادة أذربيجان العسكرية والسياسية المسؤولية عن أي تصعيد محتمل جراء الحادث، وتكرر الأمر عينه في السادس من أغسطس الجاري، عندما كشفت أذربيجان وأرمينيا عن حادث جديد لإطلاق نار عبر الحدود بين قواتهما.


مزاعم أذرية حول عدم جاهزية الأرمن للسلام


ووفق الادعاء الأذري، فإن الأرمن غير جاهزين للسلام، وهو ما أشار إليه الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، في الرابع عشر من يوليو الماضي، عندما قال إن باكو تتلقى معلومات تدل على عدم استعداد أرمينيا لتوقيع اتفاق سلام مع بلاده، واصفاً ذلك بـ"خطأ كبير".


وبحسب علييف، فإن باكو تعتبر أن الصراع بين البلدين حول قره باغ قد تم حسمه، ولا بد من توقيع اتفاق سلام بينهما، لكن السلام بين الجانبين يحتاج حتماً إلى نوايا صافية وصادقة، وهو ما لا يبدو أنه متوفر لدى الجانب الأذري، حيث ردّ رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، في السابع عشر من يوليو، على السلطات الأذربيجانية، بالتأكيد على أنها تنوي إثارة اشتباكات عسكرية جديدة في قره باغ وعلى الحدود بين أرمينيا وأذربيجان.


اقرا أيضاً: السلاح التُركي في أوكرانيا.. ومساعي ليّ الذراع الروسيّة

وأضاف باشينيان: "أرمينيا مستعدة لاستئناف المفاوضات حول قره باغ، لكن أذربيجان لم ترد على هذا الاستعداد بأي شكل من الأشكال، ووفقاً للمعلومات الواردة من مصادر غير رسمية، تعتزم أذربيجان إثارة اشتباكات عسكرية جديدة في آرتساخ، وعلى الحدود الأرمنية الأذربيجانية"، بينما أعربت الأمم المتحدة، في الثامن والعشرين من يوليو، عن قلقها المتزايد من التوتر المتصاعد للأوضاع على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، داعية كلا الطرفين إلى إبداء ضبط النفس.


أرمينيا تطلب الدعم الروسي


ورغم أن موسكو أخلّت ربما بما كان يربط الجانبين من علاقات ودية مع الأرمن، لم يكن أمام هؤلاء من خيار آخر سوى الاستنجاد بالروس، بغية فرملة مساعي أذربيجان، إلى تجديد الصراع لقضم مناطق جديدة، فدعا رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، في التاسع والعشرين من يوليو، إلى نشر نقاط ارتكاز عسكرية تابعة لحرس الحدود الروسي، على طول حدود بلاده مع أذربيجان.


وأضاف باشينيان: "مع الأخذ بالاعتبار الوضع الحالي، أعتقد أنه من المنطقي النظر في مسألة نشر قوات من حرس الحدود الروسي على طول الحدود الأرمنية - الأذربيجانية، مما سيسمح بتنفيذ العمل في مجال ترسيم الحدود، وتعيين هذه الحدود دون خطر وقوع الاشتباكات العسكرية".


اقرا أيضاً: الترهيب في الخليج.. شُعلة قد تُلهب الحرب الإيرانية-الإسرائيلية

فيما عقّب المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، على تفاقم الوضع على الحدود الأرمنية الأذربيجانية، بالقول: "نحن نعلم أن الوضع تأزم بالأمس على الحدود الأرمنية- الأذربيجانية، كما تعلمون بذل الجانب الروسي، جهوداً كبيرة لاستعادة وقف إطلاق النار، وما يزال العمل مستمراً في هذا المجال"، وهو جواب مُموه، ويحمل في طياته الكثير من الاحتمالات، التي قد يكون فيها ما يقلق يريفان أكثر مما يطمانها.


جيش ناطق بالتركية


وحول الدور التركي المُحرّض للصراع هناك، قال بيسكوف، إن الكرملين يأمل في ألا يكون تطوير العلاقات بين أذربيجان وتركيا، على حساب الاستقرار في المنطقة، مردفاً: "بالطبع، تعمل أذربيجان وتركيا على تطوير العلاقات الثنائية، وهذا شأن سيادي للطرفين، ولكن من المهم أن لا يضر هذا التطوير، بجو الاستقرار والقدرة على التكهن في المنطقة، وفي هذا الصدد، لدينا اتصالات منتظمة مع كل من الشركاء الأتراك والأذربيجانيين".


اقرا أيضاً: مصر لـ الإخوان: ارحلوا.. فلا مكان لكم

ورغم أن رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنتوب، قال، في وقت سابق، إن تركيا وأذربيجان تتفاوضان، لإنشاء جيش مشترك ناطق بالتركية، زعم دميتري بيسكوف، بأن الكرملين لا علم له بأي تصريحات حول هذا الموضوع، من قبل رئيس تركيا أو رئيس أذربيجان، في تهربّ واضح من الإدلاء بأي تصريحات قد توتر العلاقات مع الطرفين.


وعليه، لا يبدو أن الصراع في قره باغ/ آرتساخ قد حسم بشكل كلي، إذ تشير المناوشات المتكررة، إلى مخططات أذرية للسيطرة على ما بقي من الإقليم في عهدة أرمينيا، وربما قد يطال الصراع لاحقاً الأراضي الأرمنية نفسها.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!