-
الحرب على الكهرباء في العراق.. من يقف خلفها وما مصلحة إيران؟
- المعتدي جهات متنفذة لها مصالها ومحطات الطاقة في مرمى الاعتداءات أيضاً
- العراق تحت سطوة إيران في مجال الطاقة
- إيران تسعى لعرقلة مشاريع العراق في مجال الكهرباء
تتعرض كهرباء العراق لحرب شعواء سواءً من جانب تدمير أبراج الطاقة على نحو ممنهج، أم من ضغط إيران المتعمّد بتعليقها تصدير الكهرباء في وقت حرجٍ يمرّ به العراق.
لم يكن داعش وحده المسؤول عن استهداف أبراج الطاقة على يبدو، وهو الذي أعلن مسؤوليته عن بعضها، فقد حامت الشبهات حول وقوف سياسيين ومقاولين خلف تلك العمليات لتحقيق مكاسب شخصية، خاصةً من مسائل استبدال الأبراج المتضررة، وكذلك وقود المولدات الأهلية، التي تمثل بديلاً في بعض الأوقات عن إمدادات الطاقة الوطنية.
ومع عجز شبكة الكهرباء الوطنية عن تأمين ساعات تشغيل كاملة، يعتمد العراق على مولدات أهلية، لتغطية جزء من التشغيل اليومي، كخطة بديلة، إذ تمتلك شبكات سياسية ووجهات متنفذة بعض تلك المولدات، التي تدر أرباحاً طائلة، مع ارتفاع المبالغ المتحصلة جرّاء الاشتراكات الشهرية.
المعتدي جهات متنفذة لها مصالحها ومحطات الطاقة في مرمى الاعتداءات أيضاً
مؤخراً، تعرّضت محافظات عراقية، لموجة غير مسبوقة من عمليات استهداف أبراج نقل الكهرباء، خاصةً تلك الواقعة في مناطق بعيدة، وتقع النسبة الأكبر من أبراج الطاقة في مناطق صحراوية قاحلة تشهد بالأساس عمليات أمنية بين الجيش العراقي وأجهزة الأمن والتنظيمات الإرهابية المتطرفة، حيث تحملت محافظات صلاح الدين، وكركوك، وأجزاء من ديالى، النسبة الأكبر من تلك الاستهدافات، التي تتم غالباً بالعبوات الناسفة، وتفجيرها عن بعد. فمن يقف فعلاً وراء استهداف خطوط الطاقة العراقية؟ وما مصلحته؟
يعتقد "مثنى العبيد" الباحث المتخصص بإيران والعراق في مركز المستقبل وقضايا الإرهاب، في حديثة لليفانت نيوز أنّ استهداف أبراج نقل الطاقة الكهربائية الذي أصبح ظاهرة متكررة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، والاعتداءات التي لم يُعلن عن منفذيها تبقى أسيرة اللغط الحاصل لدى الشارع العراقي بأن من يستهدف أبراج نقل الكهرباء هي جهات مسلحة متنفذة في الساحة العراقية دون الإفصاح عن مسمياتها بشكل صريح خشية سطوتها واستهدافها".
ويلفت "العبيد" إلى "أنّ الاستهداف لايتوقف عند خطوط نقل الطاقة الكهربائية بل يطال محطات إنتاجها، وكان آخرها قصف محطة إنتاج الطاقة الكهربائية في سامراء بصواريخ الكاتيوشا في نهاية شهر حزيران / يونيو الماضي والتي أعلن عن تبنيها تنظيم داعش".
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد علّقت إيران في العاشر من أغسطس الحالي تصدير الكهرباء للعراق بحجة ضرورة سد احتياجاتها داخلياً ولاسيما وأنها تعاني من أزمة داخلية.
العراق تحت سطوة إيران في مجال الطاقة
رغم أن العراق بلد نفطي، إلا أنه يعتمد بشدة على إيران في مجال الطاقة، إذ يستورد منها ثلث احتياجاته الاستهلاكية من الغاز والكهرباء، وذلك بسبب بنيته التحتية المتهالكة التي تجعله غير قادر على تحقيق اكتفاء ذاتي لتأمين احتياجات سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة. ولم يتمكن طوال السنوات الماضية من تشييد بنية تحتية تلبي احتياجات البلاد.
وتطالب طهران بغداد بسداد ما يزيد عن 6 مليارات دولار من المتأخّرات، هي فواتير مستحقّة على وزارة الكهرباء العراقية التي تمنعها العقوبات الأميركية من دفع أي مبلغ بالدولار لإيران.
بحسب المعلومات، يستورد العراق يومياً قرابة 1.7 مليار قدم مكعب من الغاز من إيران، وستبقى بهذا الوضع بشكل دائم ما لم ينتج الكهرباء محلياً، علماً أن حاجات العراق من الكهرباء تبلغ 30 غيغا واط، تملك أكثر من ثلثيه، وتستورد الباقي.
ويصل الغاز الإيراني إلى العراق عبر خطي أنابيب يصلان إلى 4 محطات لتوليد الكهرباء في البصرة والسماوة والناصرية وديالى وقد تراجع إنتاج هذه المحطات بشدة مما يشير لتوقف إمدادات الغاز الإيراني.
تعاني إيران، الواقعة تحت تأثير العقوبات، وهي ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي المستخدم في المقام الأول لتوليد الكهرباء المحلية أو إنتاج الحرارة، من أزمة انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي هذا العام، وقد عزا الرئيس السابق حسن روحاني السبب إلى أنّ إنتاج إيران من الكهرباء انخفض بسبب حالة محطات الطاقة الكهرومائية من جهة وزيادة الاستهلاك من جهة أخرى".
اقرأ أيضاً: متاجر البرقع في أفغانستان تعود لسابق عهدها.. لم نبدأ بعد بذرف الدموع
وقتئذٍ، أرجع روحاني الزيادة في استهلاك الكهرباء إلى "نمو النشاط الصناعي" و"الحرارة المرتفعة" والأنشطة التي تتطلب طاقة كهربائية عالية مثل التعدين الرقمي للعملات المشفرة.
إيران تسعى لعرقلة مشاريع العراق في مجال الكهرباء
رغم ذلك لدى إيران أسباباً بعيدة في قطع توريد الكهرباء عن العراق، ويشير مثنّى العبيد في حديثة ل "ليفانت نيوز" بأنه: "ليس بخاف عن أحد أن لإيران مصالح تراها مهمة بالنسبة لها في العراق، الذي يشكل بدوره الرئة والمتنفس لإيران في ظل العقوبات الأمريكية على إيران، ومن هنا فإن الأخيرة تحاول استخدام كل أدوات الضغط الممكنة التي تحقق مصالحها في العراق ومنها قطاع الكهرباء بالإضافة إلى القطاعات الأخرى".
ونوّه "العبيد" بأنها: "ليست المرة الأولى التي تعلق فيها ايران تصدير الكهرباء إلى العراق، ففي سنوات سابقة تكرر هذا الأمر واللافت للنظر فيه أن إيران تعلق تصدير الكهرباء إلى العراق في أوقات الحاجة الفعلية لها من قبل الموطن العراقي ولا سيما في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة".
تشير التحليلات إلى أنّ إيران تحاول عرقلة مشاريع استراتيجية للعراق في مجال الكهرباء كمشروع الربط الكهربائي بين العراق والدول الخليجية، وقد أعلنت وزارة الكهرباء، مؤخراً أن العراق أنجز نحو 81 بالمئة من مستلزمات ومتعلقات هذا الربط، مع وجود مباحثات ومفاوضات مع هيئة الربط الخليجي لإنشاء خط بطول 300 كم، وسيكون بواقع 220 كم داخل الأراضي الكويتية و80 كم داخل الأراضي العراقية، هو ما شكّل ضربةً موجعة لإيران.
إلى جانب، توقيع العراق مع الشركة الوطنية الأميركية للكهرباء، وشركة سيمنس الألمانية، اللتان وعدتاها بتلبية حاجات العراق من الكهرباء خلال سنة، هو ما سيضرّ بمصالح إيران وصادراتها من الغاز إلى العراق، وما يعدّ خروجاً عن هيمنتها، لذلك قد تكون أبراج الطاقة في مرمى الاستهداف الإيراني عن طريق أذرعها.
اقرأ أيضاً: طائرة مساعدات مصرية تصل بيروت لمساعدة جرحى انفجار “عكار”
حول ذلك، يقول الباحث مثنى العبيد: "على الرغم من عدم وجود أدلة معلن عنها بأن إيران تقف خلف الهجمات التي يتعرض لها قطاع الكهرباء في العراق إلا أن الهجمات وتدمير الأبراج يحصل في أوقات تحاول فيها إيران الضغط على الحكومة العراقية لتوجيهها للاعتماد على مصادر الطاقة الايرانية من جهة، ومنعها من استكمال مشروع ربط الطاقة من دول الخليج من جهة أخرى".
ليفانت نيوز_ خاص
إعداد: عبير صارم
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!