-
الدراما الاجتماعيّة.. ضعف الحضور الطبقي والاجتماعي
منذ انخفاض الإنتاج الدرامي السوري إلى أعداد متواضعة من الأعمال الدرامية السورية، لم يتم الإعداد الجيد والمفيد لهذه الأعمال الدرامية، ولنا في العمل الدرامي الذي أنتجته المؤسسة العامة للإنتاج الدرامي والإذاعي السوري “حارس القدس”، وجرى الإعداد له بشكل كبير بحيث تستطيع المؤسسة والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ووزارة الأعلام تقديمه كواجهة للإنتاج الدرامي التلفزيوني، إلا أنّه جاء مخيباً للآمال والأحلام، إذ لم تستطع المؤسسة توزيعه على محطات تلفزيونية فلسطينية تهتم بالقضية الفلسطينية، مثل التلفزيون الرسمي الفلسطيني في رام الله، ولا على غيرها من المحطات الفلسطينية، ولا حتى محطة المنار للحليف حزب الله في لبنان، إلا أنّ الخرق الوحيد جاء في محطة الميادين التي عرضت المسلسل، وأضافت إليه مجموعة من اللقاءات مع صنّاع العمل. الدراما الاجتماعيّة
أما بقية الأعمال الدرامية جرى عرضها وتسويقها على عدد من الفضائيات، منها الجزائرية، التي عرضت ورد أسود إلى جانب القنوات الرسمية السورية، والساحر عرض على (أل بي سي آي، يا هلا، سما، أبو ظبي)، ويوماً ما عرض على فضائية دجلة، والقنوات الرسمية السورية ولنا وسما، ومقابلة مع السيد آدم عرض على (لنا، سوريا دراما، والفضائية السورية أبو ظبي، سما)، والحب جنون (بي أن دراما، سوريا دراما، الفضائية السورية، لنا)، ونبض (سوريا دراما، الفضائية السورية، لنا، نوميديا الجزائرية، الشرقية، الوطنية الأولى التونسية).
الدراما وكورونا:
ومع نهايات الشهر الثاني للعام الجاري، اجتاحت أزمت كورونا العالم، وكان من قرارات الحكومة السورية وغيرها من الحكومات العربية إيقاف التصوير في أكثر من عمل درامي، وهذا ما أجل التصوير في العديد من الأعمال الدرامية، وأوقف التصوير في بعض الأعمال الدرامية ومنها (الساحر، والنحات) حيث فضلت الجهات المنتجة عرض(15) حلقة أيّ نصف العمل في رمضان الفائت، وأجّلت عرض النصف الآخر إلى أشهر أخرى من العام الجاري أو إلى رمضان العام القادم.
إنّ الحجر الكوروني أربك شركات الإنتاج بشكل واضح، وهذا ما جعل نصف الأعمال الدرامية التي كانت مقررة تتأجّل حتى رمضان العام2021. فالزمن الكوروني خفض الإنتاج الدرامي بسبب عدم قدرة الأعمال الدرامية الاستمرار في التصوير إلا بشروط خاصة، كانت شركات الإنتاج غير قادرة على ذلك حتى قامت بالعمليات الحسابية المالية، وأضرار هذا الزمن على مستوى عدم إيصال كامل الحلقات للعرض في مواعيدها ذلك ما دفع بعض الشركات إلى معاودة التصوير الإنتاجي والمونتاج لاستكمال الحلقات المطلوبة بغية أن يكون العرض متكامل ومتناسق وفق رؤية ثلاثين حلقة رمضانية. الدراما الاجتماعيّة
الدراما الاجتماعية:
ظهرت الدراما الاجتماعية البوليسية كجزء من دراما الموسم الحالي في أكثر من عمل منها “مقابلة مع السيد آدم، يوماً ما، ورد أسود”، فالخط الاجتماعي في هذه الأعمال يبدأ من خلال طرح القضايا المحمولة على الخطوط البوليسية في العمل الدرامي.
يوماً ما: ينطلق العمل من أسرة العقيد (مضر، زهير رمضان)، الذي تهدّده عصابة بأسرته لكي يعطي لهم موعد نقل سجين ويتم تهريبه، وعندما يصاب في المنزل ويذهب إلى المشفى تتحرك زوجته (ريهام، عبير شمس الدين) مع ابنتها الصغيرة، وتطلب الطلاق، بينما تهرب ابنته ماريا بعد رؤية عملية إطلاق الرصاص والخوف الذي ينتابها، وتأخذها “أمانة والي” التي تنتمي إلى النّوَر, الذي يعيشون على أطراف مدينة اللاذقية، وتطلق عليها اسم هزار وتحتفظ بالإعلان عن فقدانها من قبل عائلتها باسم ماريا. وعندما تكبر الشخصيات نجد أن هزار تشتغل (بصارة، تقرأ الطالع)، ويقف جانبها (شامان)، وتعود إلى والدها الذي يعمل في إذاعة خاصة، وأمها وأختها لديهم معمل مرتديلا، يجري من خلال كراتين المرتديلا تسويق مخدرات “الهيدروئيين”، ويتزوج (عبد الله) والدتها سراً، ويخوض معاركه ضد (مضر)، وغيره من الشخصيات الأساسية من خلال تطويع معمل المرتديلا إلى شركة إتجار بالأعضاء البشرية، وعندها يخطف أبناء محاسبة المعمل، وابنة مدير الإذاعة (لبنى)، والمدير الإداري والمحاسب يزن، كل عمليات الخطف والقتل تدفع “الشرطة ممثلة بالضابط مهند قطيش، مع مضر، هزار، شامان” للمساهمة في الوصول إلى مكان الذي فيه المختطفين، وإطلاق سراحهم، لكن يقتل شامان ليلة زفافه، وتنتحب عليه هزار.
إنّ النسيج الاجتماعي للعمل محصور بالأسرة التي تحيط بأسرة مضر وطليقته والإذاعة والعاملين بها فرضته ضرورة العمل البوليسي، ولا يظهر أيّ حالة اجتماعية فقيرة، وإنّما كل الأسر أوضاعهم ميسورة.
مقابلة مع السيد آدم: يظهر مافيا المحاميين وآليات عملها في شركات القطاع الخاص، إذ إنّ ابن صاحبة الشركة معتصم كان يدرس في باريس، وعلى علاقة مع زميلته المصرية، يعود إلى الشام، ويشغلها معه في الشركة، لكنها تحمل منه، وتصرّ على الاحتفاظ بالجنين، لكنه يرفض ذلك ويدفعها إلى الخلف فتقع على الأرض على رأسها وتموت، ويجري طبيب شرعي مرتشٍ، ليس على رأس عمله، عملية تجريف لها، واستئصال بعض الأعضاء للتمويه على سبب الجريمة الأساسية، يستعين ضابط التحقيق (محمد الأحمد، ورد) بالدكتور (آدم عبد الحق، غسان مسعود) مدرس مادة التشريح والطب الشرعي في كلية الطب، ويقدّم شهادة حمل القتيلة على الهاتف بينما تحذف قضية الحمل من التقرير عن طريق ابنه (يوسف، لجين إسماعيل)، الذي يسلم بعد احتفاظ المساعد عاصم بالنسخة التي سلمها له الدكتور آدم، وبالتزامن تخطف زوجة ابنه (ديالا، رنا شميس) ابنته (حياة مارديني) مريضة متلازمة الدوان، تجبره على الصمت وعدم التصريح بما قاله على الهاتف، لكن حياة تموت نتيجة عدم العناية بها، وهذا ما يدفعه لسلسلة عمليات قتل انتقامية بداية من المساعد عاصم إلى أبو جابر، مروراً بصاحبة الشركة، ليتوقف العمل هنا، نحو جزء آخر.
إنّ المحتوى الاجتماعي يظهر عبر ثلاث كتل درامية، ورد وعائلته وعائلة عديله، وآدم عبد الحق ومحيطه، والضباط وعلاقتهم، هذه العلاقات الاجتماعية لا تحتوي معايير طبقية تتعلق بالطبقة الوسطى، ولا تنتمي إلى الشرائح الفقيرة، وتظهر سيطرة آدم على زميلته في الجامعة، وعلى ابن اخته (مصطفى المصطفى) بحكم القرابة والحب، وهما يساعداه في الانتقام.
ورد أسود: العمل الدرامي السوري الجزائري المشترك، يتناول حكاية التوأم السوري “ورد، ورواد، جابر جوخدار” الذي يهرب إلى الجزائر بعد أن يقوم باستغلال عملية التشابه بينه وبين أخيه في خدع (ورد، بيسان) في ليلة زواجهما، ويتم بناء على تعليمات (رشيد، خالد بن علي) المدير للشركة الذي أعجب في بيسان عند زيارتها للجزائر، وربط عودة أخيها جاد للعمل بعدم زواج بيسان من ورد، ويحصل الطلاق، ويهرب رواد إلى الجزائر وخلفه جاد، وعند مقابلة مدراء الشركة، ومنهم (صوفي، ديما قندلفت) تعجب برواد، وتمنعه من العودة إلى سوريا، مناطق سيطرة داعش، التي تقوم بتهريب الآثار السورية إلى شبكات عالمية. ويحاول رشيد ونبيل تكليف جاد بهذه المهمة، يرفض، وتغادر بيسان سوريا إلى الجزائر للانتقام من رواد، ويتبعها زوج أمها صباح الجزائري (صافي، سلوم حداد) التي تعلم أنّه والدها، وتتعقّد وتتشابك العلاقات مع حب صوفي لرواد، وعدم قدرة رشيد نسيان حب ليلى، حيث يخطف زوجها هادي ويقطع له إصبعه في محاولة للتخلي عنها. وسط هذه الدوامة يلتحق ورد بالمجموعة في الجزائر، وتصطنع صوفي ورواد موته الوهمي الذي تنتحب عليه بيسان، لتعود إلى سوريا مع صافي، بينما ينكشف رشيد من خلال الثلاثي (ليلى، هادي، والطفلة زينة ابنتهما)، ويخطف نبيل وصوفي (سارة) التي تنكشف علاقتها برشيد.
ولحظة المواجهة بينهم يحاول رشيد فك سارة يتدخل نبيل وصوفي ومعهم رواد، ويخبر نبيل رشيد أنّ مستر جو (زعيم المافيا عزله عن القيادة) لأنّ الشبكة تكاد تنكشف بسببه، ويتدخل رواد بينهم طالباً عدم حسم بالرصاص، وهنا يقتحم ورد الحالة ويطلب أن يموت مكان أخيه رواد، ويحاول رواد وصوفي في الهرب ويعتقلهم البوليس، ونبيل وجاد يعتقلان.
إنّ ورد أسود لا يظهر الحياة الاجتماعية في الجزائر، وإنما يركز على الشركة، بينما يظهر حياة بعض الأسر السورية (أم بيسان، صافي، جاد)، (التوأم ورد، رواد)، المدرس(فادي صبيح وزوجته، وأسرة أخيها).
هذا الغطاء الاجتماعي مع (بنت الهوى وأمها التي توفيت) والتي تعمل من أجل دواء أمها، ويظهر شيئاً من الخطاب الطبقي المحتاج عندما يرد جاد على أمه أنّه سكت على سلوك رواد بسبب الحاجة للمال.
الحب جنون: إنّ العمل الدرامي الحب جنون يقدّم قصص حب منفصلة في عشرة حلقات كانت البداية (الحب الأسود، دفاتر الماضي، نيغاتيف، وحواء)، والعام الفائت قدم سلسلة من هذا الحب عبر خماسيات.
الحب الأسود يقع (أبو الورد، سلوم حداد) في حب ( سلمى، آن ماري سلامة) الفتاة الريفية بسبب صورتها كنقيض ريفي لما يمثّله من مافيوية وشيطنة لكل ما هو جميل في الحياة، لكن خيانتها تصدمه فيغير من سلوكه ونظرته، الحب الأسود من تأليف فاديا الأحمر وإخراج علي محي الدين علي. الدراما الاجتماعيّة
ودفاتر الماضي من تأليف ذكي مارديني وإخراج أحمد إبراهيم أحمد، تشهد الحكاية فيها علاقة حب رجل وامرأة، تفقد فيها (باميلا الكيك) ذاكرتها القريبة، لتبدأ بتذكر حبيب ثانٍ وثالث، وتنطلق في رحلة حساب وتقييم وجدانية تطال كل من يحيط بها. لكن الطبيب (زهير، يوسف الخال) يساعدها لتكتشف أنّها ترمز إلى الصراع الإنسان مع أولوياته.
أما “نيغاتيف” من تأليف رضا حامد وإخراج مروان بركات، تتناول قصته مصور فوتوغراف يلاحق شابة حسناء بعدسته، قبل أن يصارحها بحبه، وتقف الفوارق الطبقية بينهما، وإصابة الشابة بالعمى، وهي من بطولة دجى حجازي وكارمن لبس وباسم مغنية.
بينما “حواء” توجد فيها شخصية (نارا، ميرفا القاضي) الممثلة المشهورة زوجة الطبيب (وديع، ميلاد يوسف)، وهما لم ينجبا الأطفال، وتظهر (ريم، سارة أبي كنعان) على خط هذه الأسرة، يكون الصراع بين الحب وإنجاب الأطفال.
إنّ القضايا العاطفية في هذا العمل تستخدم العلاقات الاجتماعية بمحتوى الطبقية التي تحتاجها مع الكثير من البذخ في الديكور. الدراما الاجتماعيّة
نبض: يعالج الصراع العائلي في بلدة ما، مع محاولات الخروج عن تقاليد الثائر والمقاطعة بين العائلتين (من تأليف فهد مرعي وإخراج عمار تميم وبطولة رواد عليو، عامر علي، وفاء موصلي، عبد المنعم عمايري، بيير داغر، ضحى الدبس، جهاد الزغبي،… إلخ) عبر سيدة عائدة من الدراسة في أوروبا لتجد عائلتها في مواجهة العائلة الأخرى التي منها الرسام الذي تحبه، إلى جانب خط بوليس له علاقة بالفساد والمخدرات، وتظهر العلاقات الاجتماعية المتحفظة نتيجة الصراع الأسري، لكن المحتوى الطبقي يمثّل شركات ومطاعم وسوبر ماركات وغيرها من الأدوات التي توضّح الشرائح التي يدور فيها الصراع.
الساحر: يتعرّض العمل الدرامي (الساحر) إلى قضايا السحر وقراءة الكف في إطار الطبقة المخملية اللبنانية، من تأليف سالم الكسيري وإخراج محمد لطفي وبطولة عابد فهد و(ستيفاني صليبا، كارمن) المتزوجة من رجل يعمل بشركة والدها قبل وفاته، وهي وأختها كتبتا توكيل عام له للتصرف بإدارة الشركة، ويقيم علاقة مع صديقتها التي تنتمي إلى منبت طبقي فقير مالياً، ويقدم بيئة طبقية مغايرة هي للذين يعملون في السحر والشعوذة وقراءة الكف بذات المدينة، وبيئة السائقين الذين يعملون عند العائلة الغنية منهم (محمد حداقي، جبيرو).
الساحر من أكثر الأعمال الدرامية في الموسم 2020، يظهر التفاوت الطبقي والاجتماعي مع شخصية (عصام، عبد الهادي الصباغ) المدمن على لعب القمار والمشروب، المفلس دائماً، والعديد من الشخصيات التي تكون في محيط الساحر، وقدّم منه (15) حلقة فقط. الدراما الاجتماعيّة
إنّ المحتوى الاجتماعي للأعمال الدرامية السورية ظهر بشكل وظيفي وغير واسع في الموسم 2020، ونادراً ما كان يحمل حضوراً طبقياً واضحاً ويعالج القضايا الاجتماعية الخاصة بالفقر والعمل، وبهذا خسر الموسم متابعة الشرائح الدنيا والمسحوقة من المجتمع السوري الذي يشغله هموم تأمين مستلزمات الحياة بالحد الأدنى، خصيصاً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهبوط سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأخرى، وعلى الأخص الدولار الذي حقق أرقاماً قياسية في الارتفاع, ومع مؤشرات استغناء هذه الشرائح عن الكثير من المواد الغذائية مثل اللحوم (الحمراء والبيضاء)، والفواكه الموسمية مثل “المشمش، والدراق، والكرز، والموز، والتفاح، والبرتقال…”.
ويظهر مقدار الهموم التي يعاني منها الإنسان السوري الذي ينتمي إلى هذه الشرائح, وإذا كانت الحرب السورية بدأت تنحصر في الكثير من المناطق، لكن آثارها الاجتماعية واضحة في المجتمع السوري، وهي لم تعالج في موسم 2020، ولعل الموسم الدرامي السوري2021، يحمل للمشاهدين السوريين شيئاً من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية، والحرب التي أدخلتهم في معاناة جديدة. الدراما الاجتماعيّة
ليفانت – بسام سفر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!