-
السويداء: بوادر اقتتال داخلي وسباق محموم نحو العسكرة
بعد أن أعلن "حزب اللواء السوري"، والمشكل حديثاً في السويداء، عن إنشاء قوة مكافحة الإرهاب، والتي بدأت ينضم إلى صفوفها عدد لابأس به من الشباب، والتحقت بها بعض الفصائل الموجودة سابقاً ومنذ سنوات بكل قوامها لتبات جزءاً منها، وما إن قامت هذه القوة ببضع عمليات أدت لإعادة مخطوف لذويه وإعادة سيارة كانت مسروقة لمالكها، حتى استنفر فصيل الدفاع الوطني في المحافظة، وأصدر بياناً نارياً يخوّن فيه (قوة مكافحة الإرهاب) ويتهمها بالعمالة والارتهان لأجندة خارجية، واتخذ إجراءات غير مسبوقة على الأرض وذلك من خلال سحب مواقعه وما فيها من سلاح وعناصر من ريف السويداء الشرقي، بالإضافة لإقامة نقاط تفتيش في المدينة مصحوبة بدوريات تجوب الشوارع مهدداً قوة مكافحة الإرهاب بالاشتباك وتصفية عناصرها في حال تصدّت له وللإجراءات التي يتخذها على الأرض.
بنفس الوقت أعلن هذا الفصيل عن فتح باب التطوع للشباب الراغب بالانتساب مترافقاً مع زيادة في الأجر الشهري للمنتسبين، كل هذا طبعاً أتى بإيعاز من أجهزة الأمن، ولاسيما جهاز الأمن العسكري في السويداء ليكون هذا الفصيل متأهباً وجاهزاً عند الطلب، وفي المقابل قامت (قوة مكافحة الإرهاب) بتصدير بيان حثّت فيه شباب الدفاع الوطني بعدم الانزلاق نحو الاقتتال الداخلي، وأنهم، أي هذه القوة، لن توجه سلاحها نحو إخوتهم من الدفاع الوطني، لاسيما أن الجميع من أبناء السويداء، وإنما مشكلتهم مع قادة هذا الفصيل الذين يعتاشون من تجارة المخدرات والتغطية على عصابات الخطف والسرقة، وانصياعهم الأعمى لكل مخططات أجهزة الأمن وإيران وحزب الله في المحافظة، حتى باتت هذه المحافظة المكان الأخطر للعيش على الخارطة السورية، في الآونة الاخيرة، ليحدث ليل الأمس أن توجهت كتائب الدفاع الوطني باتجاه منازل المعروفين من قوة مكافحة الإرهاب وإطلاق النار العشوائي، مهددة قادته بإخلاء المنطقة خلال 48 ساعة.. ولم يسفر إطلاق النار عن جرحى أو إصابات، وكأنه استعراض للقوة وإثبات للحضور على الأرض.
أما الملفت في كل ما يحدث، وبالرغم من ارتفاع درجة التوتر، هو انسحاب كل الفعاليات في المحافظة من الإدلاء ولو حتى برأي أو موقف إزاء ما يجري، فلا الهيئة الروحية والمشايخ عبروا عن موقفهم، ولا الوجوه الاجتماعية البارزة أيضاً، وحتى الشارع السياسي المعارض في السويداء صامت إزاء ما يحدث، بدون شك الموقف مربك ومحير، فلا يمكن للمعارض أن ينحاز للدفاع الوطني، وهو أداة يحركها النظام، بل إن جزءاً من تركيبته في المحافظة، ولا يستطيع أيضاً أن ينحاز لصالح قوة مكافحة الإرهاب، والتي ما زال يكتنفها الغموض في كل شيء من تمويلها لأهدافها وحتى للعناصر التي انتسبت إليها، والجميع أخذ موقع المترقب لما ستؤول إليه هذه الأحداث.
الملفت أكثر من موقف هذه الفعاليات، فهي بالنهاية فعاليات مدنية، هو موقف حركة رجال الكرامة، الحركة الأكثر انتشاراً على أرض المحافظة والأكبر، هي أيضاً أخذت موقف المترقب وكأن ما يجري، يحدث في مكان آخر، على الأقل هذا الواضح والظاهر حتى الآن، أما ما يجري في الخفاء فلن يظهره إلا الوقت.
المهم الآن هو ألا تنزلق الأمور باتجاه المواجهة المسلحة بين القوتين، فبالنهاية ما هم إلا أدوات ووقود لصالح قوى استخبارية تنشط حالياً في السويداء، وفي الجنوب بشكل عام لرسم ملامحه المستقبلية، فالمشروع الإيراني وإن لم يكشف عن نفسه بالسويداء، لكن الدفاع الوطني يعتبر أحد أهم المتمولين منها والعامل بأوامر الأجهزة التابعة لها، بينما حزب اللواء وذراعه العسكري بقوة الإرهاب صرحت عن علاقتها بالدعم الإسرائيلي وعلاقتها الوطيدة بقسد الكردية، والروس يقفون متفرجين لليوم. فإن كان ليس من العقل والحكمة بشيء أن تدخل السويداء باقتتال داخلي وفتنة بين عائلاتها يصبح من الصعب لا بل من المستحيل لملمتها، فمن المهم أن يدرك الشارع الشعبي والفعاليات الدينية والروحية والاجتماعية والسياسية خطورة المشاريع التي تحاك للسويداء وللمنطقة الجنوبية برمتها.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!