الوضع المظلم
الجمعة ٢٢ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الطموحات التركية في سورية
علي الأمين السويد جديد

علي الأمين السويد


منذ اليوم الأول لبدء الانشقاقات العسكرية ودخول اللاجئين الى تركيا، وضع حزب العدالة والتنمية مسألة اقتطاع ما يستطيع انتزاعه من سورية مهما كلّف الأمر وتحت أي مسمى نُصب أعينه باعتبار أن سورية جمل معد للذبح والتقطيع تحت السكين، فذهبت تركيا تبحث عن مسوغ يشرّع لها السيطرة على اراض سورية.


المحاولة الأولى


ففي سبيل الولوج الى الأرض السورية بغطاء يمكن للعالم أن يتفهمه، قامت تركيا بشيطنة قوات سورية الديمقراطية عن طريق اعتبارها تنظيما ارهابياً كامتداد لحزب العمال التركي المصنف إرهابياً علما أنه لم يتعامل أي دولة في العالم مع قسد على أنها إرهابية وانفصالية سوى النظام الأسدي، وروسيا، وإيران، والأخوان المسلمون السوريون ومطاياهم.


استغلت تركيا فجوة نتجت عن تداخل المصالح بين أطراف التصارع في سورية، فقامت بتجنيد مرتزقة سوريين واحتلت مدينة عفرين، وطردت السكان الأصليين ووطّنت لصوصاً من التركمان والعرب القادمين من ريف دمشق، وسمحت للفصائل المرتزقة بأن تعيث فساداً في المنطقة وأن تعفّش كل ما تسطيعه كمكافأة لها على خيانتها وقتلها مواطنين سوريين كان من المفروض أن تحميهم.


المحاولة الثانية


حاولت تركيا أن تقنع أمريكا بالسماح لها بالتوغل شرقاً لاحتلال مناطق جديدة من سورية بحجة حماية أمنها القومي ضد الانفصاليين الكورد، ولكن أمريكا لم تعط تركيا أي بارقة أمل في تغيير الواقع هناك. علماً أن تركيا صرفت جهداً كبيراً في إشاعة أكاذيب عن اتفاقات تركية أمريكية حول إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري بعمق 30 كم، وهذا الأمر ثبت كذبه، ولم ينفع في أي شيء الإعلان المستمر عن نية تركيا التوغل شرقاً.


المحاولة الثالثة


نجحت تركيا في السيطرة التامة على مؤسسات المعارضة السياسية الثلاث: الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والحكومة المؤقتة، والهيئة العليا للتفاوض. كما استطاعت إطباق سيطرتها على جميع فصائل الجيش الحر والتي جعلتها خاضعة للفصائل الإرهابية وعلى رأسها جبهة النصرة الإرهابية التي تعتبر ذراع الحكومة التركية في الشمال السوري.


وبموجب سيطرة تركيا على الشمال السوري والمعارضة السياسية قامت بتنصيب نفسها كنائب عن المعارضة السورية في مؤتمرات أستانة وسوتشي، وأبرمت إتفاقات سرّية بينها وبين روسيا لم تطلع عليها المعارضة السورية، والأخيرة لم تعترض بل هي تصفق وترقص طربا لكل ما يفعله أردوغان.


في السابع عشر من أيلول 2018  في سوتشي، قامت روسيا وتركيا نائبة الفصائل المسلحة وممثلة المؤسسات المعارضة السياسية بالتفاهم على ما سمي تطبيق اتفاق سوتشي الذي رشح عنه البنود التالية:


 



  1. سحب السلاح الثقيل من الفصائل المسلحة بعمق 30 كيلومتر داخل على طول الحدود الإدارية لمحافظة إدلب.


 



  1. تسيير دوريات روسية وتركيا مشتركة في المناطق منزوعة السلاح الثقيل.


 



  1. فتح الطريقين الدوليتين: حلب – دمشق، وحلب – اللاذقية تحت اشراف تركيا وروسيا.


 


أمرت تركيا حليفتها جبهة النصرة الإرهابية بسحب سلاحها وسلاح باقي الفصائل الثقيل في المناطق المتفق عليها مع روسيا.


إلا أن تركيا لم تكن جادة في تطبيق اتفاقاتها مع روسيا لأن الأخيرة فشلت في دعم توجه تركيا لدخول منطقة شرق الفرات فتعثر اتفاق الـ 17 من أيلول، فحاولت روسيا الالتفاف على الاتفاق وفرض الحل العسكري الذي واجه معارضة أمريكية قوية مستندة على عدم الموافقة على حلول عسكرية للمسألة السورية.


وبدورها قامت روسيا بالهجوم على محافظة إدلب جوياً، وبرياً بمساعدة عناصر الفيلق الخامس التابع لها والمشكل في معظمه من عناصر المصالحات، تحت تبرير مكافحة الإرهاب المتفق عليه شكليا وصورياً بين تركيا وروسيا.


وقامت تركيا بمساندة فصائلها لصد الهجوم ليس انقلاباً على روسيا، وإنما محاولة لفرض اتفاق جديد يعوّض تركيا عن استحالة دخولها إلى شرقي الفرات وسيطرتها على مزيد من المساحات السورية بحجة إيجاد المنطقة الآمنة المزعومة التي يجب أن تكون تحت الإدارة التركية حصراً.


و اليوم وبعد شهرين من محاولة تدمير محافظة إدلب وتهجير أكثر من 75%  من سكان ريف إدلب الجنوبي إلى الشمال الإدلبي، وصلت الأمور الى مفترق الطرق التالي:


أولا ــ إما أن تقوم تركيا وبالاعتماد على الفصائل التي تسيطر عليها بفرض سيطرتها على كامل محافظة إدلب، بعد حل جبهة النصرة الإرهابية التي تتخذ روسيا من وجودها ذريعة للهجوم على إدلب بحجة مكافحة الإرهاب.


ثانيا ــ أن تقوم تركيا وبالاعتماد على الفصائل التي تسيطر عليها بفرض سيطرتها على المناطق الممتدة ما بين الحدود السورية التركية إلى ما قبل طريق حلب اللاذقية بعدة كيلومترات. وتقوم بسحب يدها من الجنوب الادلبي، أي من شمال طريق حلب اللاذقية الى حماه ليتم تسليمه عمليا للنظام الاسدي.


وفي كلا الحالتين، ستكون تركيا قد وضعت يدها على أراض سورية جديدة بحجة انشاء المنطقة الآمنة بزعم إعادة السوريين المتواجدين في تركيا إليها. وهذه أكبر كذبة تطلقها تركيا. فالسوريون الموجودون في تركيا المنتمين إلى المناطق التي تنوي تركيا السيطرة عليها لا يشكلون 5%  من السوريين المقيمين في تركيا. فمن ذا الذي يريد أن يترك منزله في تركيا ليعيش تحت زيتونة في إدلب التي لا ينتمي لها أصلاً إلا إذا تم جلبه الى هناك بقوة السلاح؟


ونظراً الى التقارب التركي الروسي غير المسبوق بعد تسلم تركيا منظومة الـــ S 400   فمن المتوقع وليس من المؤكد أن تقوم تركيا بتسليم ثلثي إدلب للنظام، و أن تحتفظ بالثلث الشمالي كمنطقة آمنة حتى إشعار آخر قد لا يأتي.


أخيراً وليس آخراً


ما تحدثت عنه هو تناول الطموحات التركية والروسية التي ستبقى مجرد طموحات و آمال إلا إذا وافق عليها الجانب الأمريكي الذي يصر حتى اللحظة على مبدأ عدم السماح بحسم عسكري في سورية سواء لصالح النظام، أم لصالح المعارضة.


 


الطموحات التركية في سورية


 

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!