-
العصابات والأجهزة الأمنيّة وأبواق الفتنة والكذب
انبرت الأبواق، أي الصفحات المسماة زيفاً "وطنية" كما تحب أن تسمّي نفسها، على مواقع التواصل الاجتماعي في السويداء، بالترحيب والتهليل للخطوة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية في المحافظة بالدخول إلى (الوكر _عش الدبابير)، والمقصود هنا بلدة عريقة الواقعة في الريف الشمالي الغربي للسويداء، والمشهورة بعصابتها التي روّعت بإجرامها، وعلى مدى سنوات، أهالي محافظتي السويداء وجارتها درعا، والوافدين إليها، من خلال عمليات الخطف والابتزاز والقتل والسرقة.
أشادت هذه الصفحات بحزم تلك الأجهزة، وبدئها بضرب المارقين والخارجين عن القانون، وحفاظها على سلامة وأمن المواطنين، وبنفس الوقت مستغلّين هذا الحدث الاستثنائي ليتناولوا بالشتم والتخوين كل من تسوّل له نفسه الحديث عن فساد وتآمر هذه الأجهزة، ولكن فرحتهم سرعان ما تبددت بعد جلاء التفاصيل، والتي أقلّ ما يقال فيها بأنّها مهزلة ومسرحية رديئة.
فجحافل القوى الأمنية عندما دخلت البلدة لم يجدوا ولا فرداً واحداً من أفراد هذه العصابة، والتي تعد بالعشرات، وطبعاً لم يوفقوا بتحرير أي مختطف من براثنها، فلقد انسحبت العصابة إلى تلة قريبة من البلدة، وقيل أنّه حدثت مناوشات وتبادل لإطلاق النار، لكن مع الحرص الشديد بألا يصاب أحد من الطرفين، وسريعاً انسحبت هذه العناصر من البلدة، فالأهالي منعوهم من دخول البيوت بحجة التفتيش، وتمركزوا على مقربة من القرية، وعم السكون، ووضح بأنّ هناك مفاوضات تجري خلف الستار، فالفروع الأمنية تعرفهم جيداً، فلم تمضِ إلا بضعة أشهر على إجراء التسوية لأفراد هذه العصابة، كما كنا قد وثقناه سابقاً، والذين عادوا لأعمالهم الإجرامية، بعد عدة أيام من إجرائها.
ليتضح ويظهر أنّ سبب هذه العملية هي حادثة الاختطاف التي طالت سائق شاحنة وقود تنقل المحروقات إلى المحافظة، ونجم عنها امتناع السائقين، وبشكل جماعي، إيصال المحروقات إلى السويداء لكي لا تطالهم أيادي العصابات، وبقيت المحافظة بدون محروقات لعدة أيام، وتكدّست طوابير السيارات على محطات الوقود، وبدأت الأصوات ترتفع معبرة عن ضيقها، وأنّه لا بد من وضع حدّ لهذه العصابات.
وفي اليوم التالي للعملية، تم الإفراج عن السائق، وكما ذكر بدون دفع أي فدية، وعادت العصابة وعناصر الأفرع الأمنية إلى مواقعهم سالمين، فصمتت الأبواق وانكفأت تشعر بالخذلان على أمل أن تهديها أجهزتها العفنة عمليات نوعية أخرى وانتصارات ترد الروح لها.
بغض النظر، سواء كانت عملية الخطف منسقة مع الجهة الوصائية على هذه العصابة، أو لم تكن، لكن بالمحصلة يظهر للمتتبع مدى التفاهم والتنسيق بين هذه العصابات والأفرع الأمنية، فما إن تحركت الأخيرة حتى غادرت العصابة عريقة، وهذا دليل على تنسيق ضمني واضح، ثم كيف لهذه العصابة أن تعلم بمواعيد قدوم صهاريج البنزين للمحافطة، أو سيارات التموين العام، لولا أن أحدهم يخبرها بموعدها؟ والمعلوم أنّ مراقبة الأجهزة الخليوية والاتصالات، من اختصاص الأجهزة الأمنية فقط.
لقد أصبح واضحاً أنّ هذه الجماعات في السويداء، وفي كل مكان بسوريا، هي تنسيق أمني فاضح، بغية تأجيج الفوضى والاستفادة منها دورياً، وما قصص النهب والتسليح التي تقوم بها عصابات أبو علي خضور للقادمين من خارج القطر بحجة أنّهم جمارك، وما فضحه أحد المتصلين من أبناء السويداء، في اتصال مباشر مع الإعلامي سمير المتيني، إلا دليل واضح على دور هذه الأجهزة في ترويع الناس ونهبهم، وأنّ هذه العصايات لن تنتهي إلا بنهاية هذه الأفرع، والتي تعني نهاية هذا النظام (العصابة الأكبر).
ولوقتها ستبقى الأبواق تردد بوطنية الأجهزة وبضرورة إعادة سطوتها الأمنية، كمن يقول عن العلقم المر حلواً حتى يذوقه كما ذاقه كبار ضباطها، من جامع جامع لرستم غزالة وعصام زهر الدين (ابن السويداء ذاتها)، لآخر ضابط تمت تصفيته حين انتهت مهمته.
ليفانت - سلامة خليل
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!