-
اللاذقية الموت الموت لفقرائها.. و المجد المجد لأغنيائها
عماد شريتح
النازحون كانوا سبباً رئيسياً في ارتفاع أسعار العقارات، لم تعد كل العائلات (اللاذقانية) لها القدرة على تأمين ثلاث وجبات يومياً، سكان أحد المحافظات يعملون بأجرة يومية قليلة مما أثر سلباً على استقطاب العمالة من شباب المحافظة العاطلين عن العمل أصلاً.
قبل الوعيد و التهديد و إطلاق الشتائم على كاتب السطر السابق ، وإتهامه بالعنصرية ، يجب التأكيد أن تلك العبارات بالرغم من قساوتها همسوا بها سرا أهل اللاذقية مرة، و قالوها جهرة مرة أخرى.
بطبيعة الحال موجات النزوح من محافظات أخرى، أذكت روح العنصرية المزروعة أصلاً في عموم مناطق سوريا بفضل سياسة مقصودة هدفها إطباق السيطرة على المجتمع السوري، فابن صليبة على سبيل المثال لديه نظرة استعلاء على صديقه الجامعي الذي يقطن في الرمل الجنوبي، والتعميم في هذا الشأن ليس صحيحاً و لكنه موجود .
لم تعد اللاذقية جميلة كما كان يراها روادها، فالحرب سحقت كل شيء، ولم تعد تشعر براحة من يزورها لتضيق سبل العيش بل انعدامها، و التغيير الديمغرافي المتعمّد، وانتشار التشرّد في كل أحيائها لدرجة ازدحام الأرصفة بالمقيمين عليها من كل محافظات سورية، ثلاث سمات واضحة على أقل تقدير باتت تميز اللاذقية خلال السنوات الأخيرة.
المنظر الاعتيادي هو اصطفاف المئات أمام الأفران وعلى أطراف الجمعيات الخيرية التي تقدم بعض المساعدات الشحيحة المتبقية بعد أن تمت سرقتها من قبل من يستطيع سرقتها، حيث تبدأ السلسلة من أكبر رأس هرم في اللاذقية و مروراً بأصحاب البزات العسكرية دون استثناء ولا تنتهي عند أصحاب البسطات الذي لن يفاجئك إذا باعك أغطية تحمل شعار أمم المتحدة المقيت الراعي الأكبر لكل الحروب .
تتسم مساهمة اللاذقية في الاقتصاد السوري بالضعيفة منذ عشرات السنوات بالرغم من كل المقومات الطبيعية السياحية لها، و لا يرجع السبب "كسل أبنائها" كما كان يصفونهم أبناء المحافظات الأخرى، وإنما التهميش المتعمّد للمناطق ذات الأغلبية السكانية السنية، فالخدمات معدومة في مناطق كالرمل الجنوبي الذي يعرف بجمال رماله.
يعتمد أبناء المحافظة في معيشته خلال السنوات الأخيرة على الحوالات الخارجية من مختلف العالم، فمكاتب التحويل أصبحت تغطي المحافظة، و التي تؤمن الأموال المرسلة من أوروبا وتركيا عبر وسطاء وتجار في سوريا من خلال عملية معقدة جداً، و بعلم النظام السوري الذي يغض الطرف في معظم الأوقات عن تلك المكاتب.
أصبحت مدينة التناقضات بكل المقاييس فعند قيامك بجولة من كورنيش البحر حتى المناطق القديمة تشاهد التباين العمراني ، فالكتل الأسمنتية العصرية أصبحت تجاور بعضها البعض على كورنيش البحر، بينما مناطق المدينة القديمة تتميز بالإهمال المطلق وانتشار الأوساخ والفوضى وانقطاع الكهرباء وكأن تلك المناطق أصبحت غزة.
هذا العيد أيضاً لن ينفع معه الدعاء لله باللقاء القريب
تحول هواء البحر الرطب إلى دخان يخنق شبابها ، فأصبحت هجرتهم من المخيار لا مفر لهم إن يقاتلوا و يقتلوا ، أو يهربوا من عسكرة مدينتهم التي لم تعد تتسع لهم، فالفقير لا صوت له و"الرمادي" أصبح خائناً.
الأغلبية الساحقة من شباب الطائقة السنية فضّلوا الهجرة إلى أي بقعة جغرافية تحتضنهم بعيداً عن العسكرة، فقصدوا أوروبا وتركيا وأماكن أخرى تاركين خلفهم عائلات تدعو بعد كل صلاة وقبل كل إفطار رمضان باللقاء القريب، ولكن إلى الآن لم ينفع الدعاء.
تلك الهجرة الجماعية أثّرت وسوف تأثر على البنية الثقافية والاجتماعية للمدينة ، وبالمقابل تم تقديم تسهيلات الجنسية السورية للقوات الإيرانية والمليشيات اللبنانية المتطرفة الذين يجلبون عادات اجتماعية غريبة جداً عن طبيعة المجتمع السوري، والذي يوصف بالاعتدال والوسطية والبعيد كل البعد عن التحزبات والتصنيفات المناطقية.
لا أمل يلوح بالأفق هذا هو الواقع المعاش المرير الذي ألفه السكان، و في حال ازدياد حدة المرار فيه يتجه الجميع نحو الصيدليات لشراء بعض المهدئات المتوافرة، وربما كان صحيحاً ما كان يتردد على الأسماع ارتفاع مبيع المهدئات و المقويات الجنسية - إلى جانب انعدام الطحين - مستمراً .
اللاذقية الموت الموت لفقرائها.. و المجد المجد لأغنيائها
اللاذقية الموت الموت لفقرائها.. و المجد المجد لأغنيائها
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!