-
المعارضة الثرثارة – أحمد معاذ الخطيب مثلاً
بالرغم من أن تحليل ونقد الشأن السوري أمر متاح للجميع دون استثناء، إلا أن هنالك أصوات سورية، وأصوات ومتسورنة، وأخرى غير سورية استمرأت الاستعلاء الخطابي على السوريين. وهي لا تفتأ تدعي الإحاطة بدقائق وخفايا الأمور، وأن ما على الرعاع إلا فتح آذانهم، وتصديق كل ما يُصدر لهم شرط ألا يستخدموا عقولهم.
هي أصوات لم تتوقف عن انقاذ نظام الأسد في الليالي الظلماء. وتنجده كلما دق الكوز بالجرة. والاهم من ذلك، أن أولئك الناس لا يرون في الاستخفاف بعقول السوريين ودماء شهدائهم بأسا. ويظنون أنهم من المعصومين بحكم وجود بعض المريدين لهم من حولهم. وهؤلاء المريدون هم قوم مزيج بين الحسابات الفيسبوكية، وجماعة من المغيبين عقليا الظانين أنهم يحسنون صنعا، وماهم سوى ظواهر صوتية وجدت لتخدم تلك الشخصيات المريضة بحب الظهور فوق أي مستنقع.
وعلى رأس تلك الشخصيات، يظهر رئيس الائتلاف السابق أحمد معاذ الخطيب الذي لم يحتج النظام الاسدي الى خدمة عظيمة في ظرف حالك، إلا وكان الخطيب لها. وفيما يلي سأعدد بعضاً قليلا من عمليات الإنقاذ التي نفذها للنظام السوري في ساعات لا يمكن تعويضها.
1. ففي مستهل تشكيل الائتلاف، وفي أول لقاء رسمي جمع قادة الائتلاف مع وفد الخارجية الأمريكية برئاسة السيد وليم بيرنز نائب وزيرة الخارجية الامريكية آنذاك، دافع احمد معاذ الخطيب عن جبهة النصرة الإرهابية، وأدان اعتبارها منظمة إرهابية من قبل أمريكا. فكانت هذه أول "مهمة أسدية" أظهرت الائتلاف على أنه منظمة فاشلة سياسيا يقودها صبيان أغرار، إن لم نقل منظمة داعمة للإرهاب العالمي كما وصفها بعض سيناتورات أمريكا في ذلك الوقت.
وهذه الخطوة خدمت الأسد خدمة عظيمة، وألغت فكرة التعامل مع الائتلاف على انه تنظيم يمثل الثورة السورية، بل اثارت الشكوك بالثورة من أصلها. فماذا يمكن للنظام أن يريد أكثر من ذلك؟
2. بُعيد تشكيل الائتلاف، وبُعيد تدميره الأول عقب اللقاء الفاشل الأول والأخير مع الإدارة الأمريكية، وبعد أن كان السوريون متمسكين باستراتيجية "لا حوار مع النظام السوري." وبعد أن كان موقف المجتمع الدولي متماسك في الاستجابة لرغبة الشعب السوري في عدم جدوى الحوار مع نظام الأسد، خرج احمد الخطيب بمبادرة للحوار مع النظام الأسدي دون الرجوع الى الائتلاف الذي يرأسه، وبدون أي توافق مع أي من أعضاءه.
وقد نصت المبادرة على بنود تثير السخرية مثل إطلاق النظام سراح 60 ألف امرأة، وتمديد جوازات السوريين لمدة عامين. فلم يكترث النظام لها على الاطلاق. ولكن هذه المبادرة نسفت تماسك جبهة المجتمع الدولي الداعم لفكرة الـ"لا حوار مع الأسد" لصالح إمكانية الحل السياسي بالحوار بين ما يسمى بـ"المعارضة" والنظام السوري.
ويكون بذلك قد وجد المجتمع الدولي ضالته في إيجاد عذر لفعل لا شيء لإنهاء القضية السورية بجهود المدعو احمد معاذ الخطيب. فماذا يمكن للنظام أن يريد أكثر من ذلك؟
3. قبيل انعقاد القمة العربية في الدوحة، انتهت مدة رئاسة أحمد معاذ الخطيب الأولى للائتلاف، ولكنه أعلن استقالته من الائتلاف في خطوة كان هدفها الإصرار على تسخيف المعارضة السورية وخصوصا أن وكالات الأنباء راحت تستضيفه وتسأله عن سبب الاستقالة فكانت ردوده معيبة بحيث أنها تمحورت حول كذب المجتمع الدولي بشأن القضية السورية، وحول دعم عدد من دول العالم لنظام الأسد.
وكأن المجتمع الدولي هو من عينه في رئاسة الائتلاف. وكأنه كان ينتظر أن تأتمر دول العالم بأوامره ولكنها خذلته. ويكون بذلك قد تأكدت الصورة البلهاء للمعارضة السورية بجهود الخطيب. فماذا يمكن للنظام أن يريد أكثر من ذلك؟
4. وعلى هامش القمة العربية، قامت قناة الجزيرة الإنجليزية بلقاء مع رئيس الائتلاف المؤقت أحمد معاذ الخطيب في الدوحة. وكانت المحاورة صحفية أمريكية مرموقة سألته عن أسباب استقالته، فأجاب بأن السبب هو كذب المجتمع الدولي على الشعب السوري. وعندما سألته إن كانت أمريكا من ضمن المجتمع الدولي الذي كذب على الشعب السوري، أجاب بنعم. فسألته عن السبب فأجاب بأن أمريكا لا تعرف مصلحتها في المنطقة.
أمريكا، أعظم قوة على كوكب الأرض لا تعرف مصلحتها في الشرق الأوسط، بينما السيد احمد معاذ الخطيب يعرف ماهي مصلحة أمريكا.
على كل حال قامت الصحفية بسؤال الخطيب إن كان قد عمل معروفا وأخبر أمريكا بأنها لا تعرف مصلحتها بلهجة ساخرة منه ومن كل ما يمثله.
هذا لقاء اعلامي عالمي أظهر سخف المعارضة السورية جمعاء باعتبار أن وجه سحارتها يعرف مصلحة أمريكا بينما قادة أمريكا لا يعرفون مصلحة بلدهم. فماذا يمكن للنظام أن يريد أكثر من ذلك؟
والآن نأتي الى آخر صرعة من ضجيج تلك الشخصيات
فاليوم نشر المنقذ الاسدي احمد معاذ الخطيب مقالة عنونها بـــ "صراحة بلا حدود ومعذرة إلى الله "على حسابه الخاص في وسائل التواصل الاجتماعي. وسأقوم فيما يلي بالاقتباس والتعليق.
اقتباس:
" عشرات القنوات الفضائية تضخ السُّم بين السنة والشيعة." انتهى الاقتباس.
تعليق:
وكأن علاقة الشيعة ممثلين بإيران، والسنة ممثلين بمعظم الدول العربية حاليا مثل علاقة السمنة مع عسل لولا دس السم الإعلامي من قبل عشرات القنوات الفضائية. أي أنه لا يوجد سفك دماء شيعي للسنة ولا احتلالات إيرانية لأراض عربية. أو أن الاحتلال وسفك الدماء لم يكن ليحدث لولا دس عشرات القنوات الفضائية السم بين الحبيبين: السنة والشيعة.
اقتباس:
"عقلاء السنة وعقلاء الشيعة تحت ضغط شارع جاهل يمارس إرهاباً معنوياً واجتماعياً وإعلامياً هائلاً.
التيارات التكفيرية (التي تحفر حتى في الطرف الواحد) والخرافية (التي أساءت إلى أهل البيت باسم أهل البيت) تقود الساحة إلى مزيد من التطرف والكراهية والعداء.
". انتهى الاقتباس
تعليق
عقلاء الشيعة يعني قادة إيران ومن بينهم قاسم سليماني ونوابه، وحسن نصر الله. بينما عقلاء السنة المعني بهم هم العرب الذين يعتقدون بأن الشيعة اخوتهم مثل الاخوان المسلمين وحضرة جنابه هو يعانون من ضغط جهل الشيعة غير العاقلين والممثلين بالحرس الثوري الإيراني، والحشد الشعبي وأعضاء حزب الله، وجهل السنة يعني العرب الرافضين للاحتلال الإيراني لأراضيهم.
والمعادلة تقول بأن عقلاء الشيعة وعقلاء السنة أناس طيبون ولكن من يحيط بهم أبالسة والعياذ بالله.
اقتباس
يكاد يستحيل لم الطرفين على منهج واحد. انتهى الاقتباس
تعليق
يعبر الخطيب عن إمكانية جمع الشيعة والسنة على منهج واحد بدليل استخدامه كلمة "يكاد."
وبمناسبة محاولات الجمع بين السنة والشيعة، فقد حاولت الدول قبل ذلك استخدام استراتيجية تدعى التقريب بين المذاهب، وقد اثمرت تلك الاستراتيجيات في تأكيد تناقض المذاهب.
وحاول الدكتور يوسف القرضاوي التوصل مع القيادة الإيرانية الى "كلمة سواء" فما ناله الا الاستخفاف به وبأفكاره والتجاهل.
واليوم يقدم أحمد معاذ الخطيب نفسه كوسيط للم الشيعة والسنة على منهج واحد.
اقتباس:
"كسوري أسجل ألمي البالغ ورفضي لاحتلال إيران لسورية ودعمها لنظام أوغل في دماء المسلمين وما أغنى في المقاومة شيئاً وأرفض اعتبار طريق القدس يمر في أي مدينة في بلدي وأكرر عتابي الشديد لعدم طرح إيران التي تتكلم عن المظلومية والاستكبار العالمي لأي مبادرة لإنقاذ شعب اجتمعت أيدٍ كثيرة لتدميره لابد للعقلاء من البحث عن كلمة سواء لا تدمج الطرفين بل تجمع بين أهل القبلة في المشتركات. " انتهى الاقتباس
تعليق
العتب عاطفة مصنفة على انها شكل من أشكال إظهار الحب. والمعروف بأنه لا يوجه العتب الا المحب لحبيبه. وهنا المدعو أحمد معاذ الخطيب يعاتب إيران الدولة "المحتلة" لسوريا باعترافه هو قبل سطرين من عتبه. يعاتبها لأنها لم تساعد الشعب السوري بتقديم مبادرة ما.
هل إيران دولة احتلال، أم دولة صديقة؟
فالاحتلال يقتل ويدمر وينهب. ومقاومة الاحتلال لا تصح بالعتب والغزل وانما بالرصاص والتضحيات. فما سبب هذا العتب الحميمي لدولة تغتصب الأرض السورية من قبل شخص ترجع اصوله العرقية والمذهبية الى إيران؟
من الواضح أن الخطيب يقدم نفسه لإيران كخيار في حال تزعزعت ثقتها ببشار الأسد (كما يشاع أحيانا) باعتباره هو سيد العقلاء الذين يبحثون عن كلمة سواء براغماتية فهلوية، يقول بأنها لا تدمج الطرفين بل تجمع بين أهل القبلة في المشتركات.
اقتباس
صلاة قائد شيعي بحجم السيد الخامنئي على زعيم سني بحجم القائد إسماعيل هنية رحمه الله.. لفتة نحو كلمة سواء لعلها تجعل كثيرين من أهل القبلة سنة وشيعة يشعرون بالخطر المحيط بالجميع. (التفاصيل الفقهية لا تقف أمام خطر داهم يعصف بكل المسلمين ومن يرى رأياً آخر فليتبع وليقم بما يعتقد أنه الصواب)
- من يكيدون بالمسلمين ينهكون السنة بالشيعة وينهكون الشيعة بالسنة ويتعمق أسر الكل (والمتصارعون في نشوة انتصار وهمي) وأهل الكيد بجميع المسلمين يتفرجون
- عندما لا يمكننا حل إشكالات معقدة فلنخفف الاستنزاف فيما بيننا ولنحاول أن نوقف استدعاء التاريخ الذي بات أداة تحطيم لكل المرجعيات السنية والشيعية.
الأمة المسلمة أسيرة فمتى نفيق؟ انتهى الاقتباس
تعليق
مرة أخرى يقدم أحمد معاذ الخطيب نفسه مبعوثا ربانياً ملهماً يجمع الشيعة والسنة على كلمة سواء، ويعرض أفكاره لقبول اعتماده في الوظيفة التي يأمل تنكب مقاليدها.
والأهم من هذا وذاك، هو يخلط السياسة بالدين. فإسماعيل هنية لم يكن يعمل تحت إمرة خامنئي لأنه قائد سني ذو حجم، وانما كان موظفا لدى خامنئي قائد دولة إرهابية تحتل سوريا.
وهذه الدولة الإرهابية – إيران – هي من ساهمت في إبقاء بشار الأسد على راس السلطة حتى الان وبعد زهق وزهقت أرواح أكثر من مليون انسان سوري، وتدمير البنى التحتية، وتهجير أكثر من نصف سكان سوريا الى اصقاع الدنيا.
مثل خامنئي لا يصفه سوري حر بأنه "سيد" وانما نقول عنه نحن السوريون الأقحاح مجرم وارهابي وقاتل. ونقول عمن يسانده مجرم إرهابي، ونقول عمن يصفه بالسيد ممن يحملون الجنسية السورية تحديدا بالخائن والوضيع.
ونحذر بأن هذه الشخصيات الملتحية والمتدثرة برداء العقلانية النرجسية لن تتوقف عن إيذاء الشعب السوري بطريقة تخدم دعاية النظام السوري والإيراني وتخدم كل عدو لهذا الشعب المناضل حتى يتم افرادها إفراد الإبل الجرباء وتعريتها أمام القاصي والداني. قولوا لهذه الشخص بأنه قد آن الأوان لكي يخرس وأن يرحل ضجيجه الى غير رجعة.
ليفانت: علي الأمين السويد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!