-
المُعارضة التركية تنتفض بوجه سياسات أردوغان التوسعية.. فهل يرضخ؟
شنّت زعيمة حزب "الخير" التركي المعارض٬ ميرال أكشنار، اليوم الثلاثاء، هجوماً حاداً على سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخارجية، لا سيما فيما يخص الأزمة السورية، وقالت أكشينار٬ خلال مؤتمر للحزب بالعاصمة التركية أنقرة: "على ماذا حصلنا نحن بعد التجربة السورية؟ لقد أنفقنا نحو 40 مليار دولار على ملايين اللاجئين وعرضنا جيشنا لحروب أهلية في سوريا ليس لنا بها ناقة ولا جمل، ولا نعلم متى سننتهي منها".
وأضافت: "يا سيد أردوغان، إذا لم تكن عقلانياً، فأنا مستعدة للذهاب إلى سوريا ومقابلة الأسد لحل هذه المشكلة"، معتبرةً أن إرسال قوات تركية إلى ليبيا "سيزيد الأمر سوءاً" وسيؤثر على تركيا بشكل سلبي، وتابعت أكشنار هجومها على سياسات أردوغان قائلة: "أصبحت السياسة التركية الخارجية قائمة على الكراهية... عندما ننظر إلى كل هذا، نرى طموح أردوغان أن يصبح قائداً للشرق الأوسط، ونرى الكثير من الكراهية من جيراننا على الحدود".
اعتقال المعارضين للتوسع التركي..
ولا يعد الرفض الذي أبدته أكشينار الأول من نوعه لدى المعارضين الأتراك لسياسات أردوغان التوسعية، ففي العاشر من أكتوبر الماضي، وعقب شنّ تركيا هجوماً عسكرياً على مناطق قوات سوريا الديمقراطية شمال البلاد، فتحت السلطات التركية تحقيقاً مع زعيمين من المعارضة المؤيدة للأكراد، واعتقلت 21 شخصاً لانتقادهم الهجوم الذي شنه الجيش التركي على شمال سوريا.
ودعا حزب الشعوب الديمقراطية لوقف الهجوم قائلاً إنه "محاولة غزو"، وقال سيزاي تيميلي الزعيم المشارك للحزب إن العملية محاولة من الحكومة لحشد الدعم بعد تراجع التأييد الشعبي، فيما عمد الادعاء التركي لفتح تحقيق ضد تيميلي والزعيمة المشتركة للحزب بروين بولدان بسبب تصريحاتهما عن الهجوم، بحجة معهودة دائماً من قبل السلطات التركية بحق المكوّن الكردي هناك وهي "تنفيذ دعاية لمنظمة إرهابية" و"الإساءة للحكومة التركية علناً".
ملاحقة النشطاء على مواقع التواصل..
وفي السياق ذاته، فتحت السلطات التركية تحقيقات بعد ساعات من بدء العملية العسكرية شمال سوريا، ضد 78 شخصاً انتقدوا الهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتقلت السلطات في اليوم الثاني للهجوم 21 شخصاً في إقليم ماردين بجنوب البلاد، بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جرى اعتقال كل هؤلاء بذرائع جاهزة من قبيل "إثارة الكراهية والعداء" و"القيام بحملة دعائية لتنظيم إرهابي"، وهي ذات الإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية عندما اعتقلت أكثر من 300 شخص بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، منتقدة للهجوم التركي على عفرين شمال سوريا في يناير كانون الثاني العام 2018.
وبالتالي أضحى كل مواطن مقيم في تركيا ورافضاً للسياسات التوسعية لحزب العدالة والتنمية موصوماً بدعم الإرهاب، لتتجاهل أنقرة أن الإرهاب يحل مع حلول مليشيات تدعمها هي بالمال والسلاح، فيما يتفاخر هؤلاء بقتل السوريين من باقي التيارات السياسية والعرقية بمجرد الاختلاف معهم في وجهات النظر، كحادثة قتل السياسية الكُردية "هفرين خلف" شمال سوريا على يد مليشيات "الجيش الوطني السوري" التابع لتركيا، رغم أن هؤلاء يدعون أنهم قد ثاروا على منهج الحزب الواحد والفكر الواحد، فكانت الصورة مُعاكسة بالكامل لإدعاءاتهم، وفضحت بالتالي سعيهم لخدمة الأجندات التركية على حساب الدم السوري.
التذكير بالعثمانية..
فيما انتقد الرئيس التركي في نوفمبر الماضي، تصريحات المعارضة التركية التي تقول بعدم وجود داعٍ لبقاء القوات التركية في سوريا، مدعياً وجود جهات تسعى لإغراق تركيا بالدماء، عبر استخدام "التنظيمات الإرهابية"، وأضاف أن من يحاول زرع الفنتة بين أبناء الجمهورية التركية، سيفشل في محاولاته كما فشل في الماضي، ورداً على الجهات الداخلية التي تنتقد سياساته التوسعية، قال أردوغان "هذه الجهات لا تدرك بأن الدولة العثمانية كانت تنتج وتصدر القذائف والبنادق والسفن وأنواع أخرى من الأسلحة، وآثار هذه الدولة ممتدة إلى جنوب القارة الإفريقية".
نهاية لوزان..
ولطالما تطرق اردوغان في أحاديثه للعام 2023، وهو العام الذي ينهي مائة سنة على تأسيس تركيا بموجب معاهدة لوزان على أنقاض العثمانية، حيث يشير مراقبون إلى مساعي أنقرة للعودة والسيطرة إن بشكل مباشر أو عبر وكلاء على المناطق التي كانت تخضع سابقاً لهيمنة الاحتلال العثماني، وقال أردوغان في العاشر من نوفمبر، إن تركيا اليوم تصنع 70 بالمئة من احتياجاتها العسكرية والدفاعية بقدرات وإمكانات محلية بحتة، وأن الهدف الأسمى، هو الوصول إلى نسبة 100 بالمئة في الصناعات الدفاعية والعسكرية المحلية، وأضاف أنه كان لدى تركيا 62 مشروعاً في مجال الصناعات الدفاعية عند مطلع الألفية الثالثة، وأنها اليوم تمتلك أكثر من 700 مشروع بميزانية تبلغ 60 مليار دولار، معرباً عن أمله في رؤية المقاتلة الحربية المحلية في الأجواء مع حلول العام 2023، وهو العام الذي يبدو أن أردوغان يطمح أن يكون بوابةً للتوسع التركي العلني في محيطها الأقليمي.
الضرر وليس النفع..
سياسات توسعية تبدو خطيرة على تركيا ومحيطها الأقليمي وقد تفتح الباب أمام حروب جديدة، وهو ما ذهب إليه رئيس حزب الشعب الجمهوري وزعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو في التاسع والعشرين من ديسمبر، إذ أعلن رفضه إرسال قوات تركية إلى ليبيا، موضحاً أن نواب حزبه سيقفون ضد تمرير مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، وموجهاً انتقادات لحكومة أردوغان، بالقول: “هذه السياسات الخارجية ستجلب لتركيا الضرر وليس النفع، كل من لديه ضمير يجب أن يرى ذلك”.
كما انتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري السياسات الخارجية التركية القائمة على إرضاء “الإخوان المسلمين”، قائلاً: “إذا كنتم ستقومون بتعليق عمل وزارة الخارجية، وستديرون السياسات بعدد قليل من الأشخاص في القصر من جماعة الإخوان المسلمين، فإن هذا سيكون مستقبلكم”، متابعاً: "تركيا لا تمتلك سياسات خارجية سليمة، نحن نحدد سياسة خارجية قائمة على مصالح الإخوان المسلمين، وقد تم تحديد السياسات الخارجية مع مصر بناءً على ذلك”، وقال كيليتشدار أوغلو أيضاً: “لا نريد أن تسيل دماء جنودنا على الصحاري العربية، ما هو الدافع وراء إرسال جنودنا لكي يسقطوا شهداء في صحاري العرب؟".
ليست كافية..
لكن فيما يبدو أن المعارضة التركية لا تتمتع بالقوة الكافية لردع السياسات التوسعية لحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، بدليل حصوله على تفويض من البرلمان لإرسال الجيش إلى ليبيا، في الثاني من يناير، بأغلبية 325 صوت، مُقابل 184 صوت معارض، وهو ما يعني بشكل من الأشكال أنه يتمتع بغالبية برلمانية مريحة ترى أن سياساته التوسعية أمرٌ صحيح، ما يضع المنطقة أمام خيارات صعبة، فيما أو استمر الأتراك بعنادهم على استعادة مُلكٍ اغتصبوه يوماً بالقوة، ودحروا منها بذات الأسلوب!
ليفانت-خاص
متابعة وإعداد: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!