الوضع المظلم
الثلاثاء ١٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • النيل وسدّ النهضة.. الصبر المصري في مُواجهة التعنّت الأثيوبي

النيل وسدّ النهضة.. الصبر المصري في مُواجهة التعنّت الأثيوبي
سد النهضة ومصر \ ليفانت نيوز

لا تزال مع معضلة سد النهضة تشغل الرأي العام المصري، في ظل تعنت الجانب الأثيوبي بمواقفه، وتشبثه بالانفراد في الإجراءات المتعلقة بتخزين المياه، ولو كان ذلك على حساب دولتي السودان ومصر.

وقد التقطت في بداية يونيو الماضي، الأقمار الصناعية، صوراً كشفت أن السلطات الإثيوبية تواصل تعلية الممر الأوسط في السد وتفريغ بعض السدود الأخرى، استعداداً لموسم الفيضان والتخزين، كما كشفت استمرار العمل في رفع الممر الأوسط لسد النهضة، حيث تستهدف إثيوبيا الوصول إلى منسوب 595 م منذ التخزين الأول صيف 2020.

اقرأ أيضاً: سد النهضة والكهرباء.. إمعان أثيوبي بخرق إعلان مبادئ العام 2015

بينما جددت مصر تأكيدها على أن سد النهضة، يرتبط بقضية وجودية لمصر وشعبها، فيما لم تسفر الجهود عن اتفاق بشأن السد، الذي يثير قلق القاهرة والخرطوم على حصصهما من الماء، ويثير خلافاً بين الدول الثلاث.

التخزين الثالث

وبالصدد، كشف خبير مصري في الثالث من يوليو الماضي، أن الملء الثالث لسد النهضة الإثيوبي سيبدأ في أسبوع، وذكر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إنه من المرجح وصول بحيرة السد إلى مستواها الذي وصلت إليه في 19 أغسطس 2021، بإجمالي 8 مليارات م3 نهاية ذلك الأسبوع، على أن يبدأ التخزين الثالث بداية الأسبوع التالي، ولمدة شهر.

كما أشار إلى أن التخزين سيجري حتى نهاية الأسبوع الأول من أغسطس، في حالة استمرار بوابتي التصريف، أو نهاية يوليو في حالة غلقهما، بهدف تخزين حوالي 5 مليارات م3، وحينئذ يغمر الفيضان الممر الأوسط من جديد، مضيفاً أنه رغم تغطية السحب معظم منطقة سد النهضة، إلا أنه يمكن من خلال صور الأقمار الصناعية معرفة عدم وصول البحيرة إلى مستوى العام الماضي.

اقرأ أيضاً: السيسي: نهجنا التفاوض بشأن سد النهضة

وبالحديث عن صور الأقمار الصناعية، فقد كشفت صورة فضائية التقطت، في الثامن عشر من يوليو، عن انتهاء إثيوبيا من تخزين المليار الأول في الملء الثالث لسد النهضة، وقد علق عليها الخبير المصري الدكتور عباس شراقي لـموقع قناة "العربية"، بالقول إن صور الأقمار الصناعية وبعد مرور 7 أيام من بدء التخزين الثالث، كشفت عن اكتمال أكثر من مليار متر مكعب من التخزين الثالث، مع استمرار فتح بوابتي التصريف رغم انتشار السحب في منطقة سد النهضة.

لافتاً إلى أن بعض الصور من الموقع تظهر استمرار وضع الخرسانة، لمزيد من تعلية الممر الأوسط الذي يصل ارتفاعه حالياً، إلى حوالي 590 متراً فوق سطح البحر، قائلاً إنه من المتوقع للتخزين الثالث، أن يكون حوالي 5 مليارات متر مكعب، بالإضافة إلى تخزين العامين الماضيين ليصبح الإجمالي حوالي 13 مليار متر مكعب.

مساعي مصرية للحل السلمي

ورغم الإجراءات الأحادية الأثيوبية، فقد أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استمرار مصر في سعيها لإيجاد حل عادل باتفاق ملزم لملء وتشغيل السد، كما شدد في الواحد والعشرين من يوليو، على أن مصر اتخذت الخيار التفاوضي في قضية المياه، ولا سيما موضوع السد الإثيوبي، موضحاً أن ذلك استناداً إلى مجموعة من الثوابت الحاكمة، والتي تنم عن رغبة مصر في تنمية العلاقات الثنائية مع أثيوبيا، وتوسيع أطر التعاون وتكامل الأهداف والسعي إلى إيجاد رؤية مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا لحل تداعيات بناء سد النهضة.

اقرأ أيضاً: السودان ترفع حالة التأهب بعد بدء الملء الثالث لـ"سد النهضة" الإثيوبي

وأشار السيسي إلى أنّ مصر تؤمن بوحدة الهدف والمصير بين دول حوض النيل، وبخاصة الدول الثلاث على أساس المنفعة المتبادلة وعدم إلحاق الضرر والعمل على تحقيق المصلحة للجميع، وواصل: "حرصنا في الوقت ذاته على استمرار دعم مختلف جوانب التنمية في حوض النيل، وهو ما يستلزم التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها، وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، وفي ذات الوقت يحفظ مصالح دولتي المصب مصر، والسودان وعدم إلحاق ضرر بحقوقهما المائية، وذلك من خلال اتفاقية قانونية ملزمة وشاملة بين كل الأطراف المعنية بتشغيل السد ورفض الإجراءات المنفردة أحادية الجانب التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوق مصر في مياه النيل".

مساعي أمريكية للوساطة

وفي ظل حالة المراوحة، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في الثالث والعشرين من يوليو، أن المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، مايك هامر سيتوجه إلى مصر والإمارات وإثيوبيا بين 24 يوليو و1 أغسطس، لبحث التوصل لحل لملف سد النهضة، وقالت الوزارة في بيان نشرته على موقعها، إن هامر "سيقدم دعم الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للقضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، الذي يحقق مصالح جميع الأطراف ويساهم في منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً"، كما لفتت إلى أنه سيجري مفاوضات أيضاً مع الاتحاد الأفريقي، الذي تجري تحت رعايته محادثات سد النهضة.

اقرأ أيضاً: الملء الثالث لسد النهضة وكمية المخزون تدعو للقلق

وبالفعل، فقد وصل المبعوث الأمريكي في الخامس والعشرين من يوليو، إلى القاهرة، حيث أكد هامر، التزام بلاده بالأمن المائي في مصر، مشيراً إلى أن واشنطن تدعم جهود التوصل إلى تسوية حول سد النهضة الإثيوبي، قائلاً: "جئت إلى القاهرة في أول رحلة رسمية لي للمنطقة لأستمع إلى آراء شركائنا المصريين بشأن القضية الهامة المتعلقة بسد النهضة ، ولفهم احتياجات مصر المائية بشكل أفضل"، مضيفاً: "نشارك بنشاط في دعم طريق دبلوماسي للمضي قدما تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، للتوصل لاتفاق يوفر الاحتياجات طويلة الأجل لكل مواطن على امتداد نهر النيل".

اعتراض مصري لمجلس الأمن

لكن الجهود الأمريكية لم تُغير في الحال كثيراً، مما دفع الجانب المصري، في التاسع والعشرين من يوليو، عبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، لتوجيه خطاب إلى مجلس الأمن الدولي، لتسجيل اعتراض القاهرة ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا، في ملء سد النهضة بشكل أحادي دون الاتفاق مع مصر والسودان.

وقالت الخارجية المصرية في بيان لها آنذاك، إن تلك الإجراءات تعد مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015، وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب، مشيراً إلى أن مصر سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية، للتوصل لاتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا قد أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة.

اقرأ أيضاً: أثيوبيا وسد النهضة.. تحذيرات من قنبلة مائية توازي القنبلة النووية

وهو ما كرر تأكيده، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في السادس من أغسطس، عندما شدد على أن موقف مصر في ملف سد النهضة ثابت، ولن يتغير، لافتاً إلى أن مصر اتخذت المسارات الدبلوماسية في هذه الأزمة، وحاولت أن تتحلى بالصبر وخطوات التفاوض، وقال السيسي "الأمور لن تُحل بالصوت المرتفع، الأمور تُحل بالقدرة والعمل والصبر، المياه أمانة في رقبتي ومحدش هيمسها".

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!