الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
بازارات عسكرية جديدة في شمال سوريا
فتح الله حسيني

اتهمت جهات سياسية كردية روسيا بانها بدأت مجددا في تحريض الدولة التركية على شن هجمات جديدة على مناطق في شمال وشرق سوريا، لتقويض النفوذ الكردي أولا ومن ثم تقويض الهيمنة العسكرية الكردية على مناطق شمال وشرق سوريا التي تشكل بمجملها جغرفيا كبيرة وغنية. 


ان اتهام تلك الجهات السياسية الكردية لروسيا لم تأتي بمحض الصدفة، لأن روسيا ووفق مخرجات مؤتمر آستانة الأخير والذي يشكل حاضروه ضامنون للمسألة السورية: ايران وروسيا وتركيا، قد اتفقوا فيه على انه من حق تركيا التشاور مع الضامنين الآخرين الدخول الى مناطق جديدة في سوريا دون الوقوف في وجه ذلك التدخل، لذلك فأن المراهنة الروسية حاليا على منطقة "عين عيسى" تأتي في سياق تقويض النفوذ الكردي على حساب تقوية نفوذ النظام السوري الذي بات بمجمله نظاما متفرجا على احتلالات كثيرة وتدخلات اقليمية كثيرة دون أن يكون لذلك النظام أي موقف رادع.


التركيز الروسي على "عين عيسى" والتي تشكل العاصمة الادارية للادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، هو ضرب جديد من الصفقة الجديدة مع حليفتها في مؤتمري سوتشي واستانة تركيا، لضرب ما تبقى من مخرجات مؤتمرات جنيف المتتالية والتي بات مؤتمرا رديفا بعد ان كان مؤتمرا اساسيا حول ضرورة ايجاد حل سياسي للأزمة السورية.


فقد سبق وأن اجتمع ضباط روس مع كبار قادة قوات سوريا الديمقراطية في اجتماعين هامين في قاعدة "حميميم" الروسية وفي قاعدة قسد في عين عيسى، وطالب الضباط الروس بضرورة تسليم كامل عين عيسى لسلطة النظام المركزي في دمشق، وذلك في سابقة خطيرة أخرى تستهدف منطقة جديدة في خارطة شمال وشرق سوريا والحاقها بالاحتلال التركي وتعميم الفوضى من قبل الفصائل العسكرية السورية الموالية لأنقرة، خاصة وان روسيا ما زالت كما كانت تمثل النظام السوري سياسيا وعسكريا كحليف استراتيجي.


ان البازار العسكري الجديد يهدف الى تقليص هيمنة قوات سوريا الديمقراطية، خاصة بعد المؤتمرات التي عقدته مجلس سوريا الديمقراطية توصلت من خلالها الى صياغات الحل السياسي في الداخل السوري دون التعويل على الخارج بمشاركة مختلفة من جميع الشعوب والمكونات السورية الفاعلة، ومن ثم الانذار لتركيا بضرورة شن حملة جديدة على تلك المناطق الآمنة، خاصة وان التفاهم بين الدولتين ما زال مستمراً وانتج عن ذلك التحالف خسارة الكرد لمناطق كثيرة وأيضا خسارة السوريين لمناطق كثيرة ضمن جغرافيات مختلفة.


ما تطمح اليه موسكو من خلال هذا التقايض أولا تضعيف التحالف الكردي الأمريكي ومن ثم التوافق على انشاء قواعد عسكرية روسية ومناطق تمركز عسكرية للنظام وفق مربعات أمنية لوقف الاحتلال التركي الذي بالأساس هو توافق روسي تركي دون ارادة النظام وارادة قوات سوريا الديمقراطية، الا ان التوافق بين الروس وقسد قد يعطي ثماره في وقف الاحتلال التركي مجددا مع احتفاظ قوات قسد بمراكزها وثكناتها الى جانب انشاء قواعد عسكرية روسية ليكون محافظا على قواته في تلك المنطقة وانشاء التوازن والوجود العسكري مع ندها التقلدي أمريكا.


ربما على قوات سوريا الديمقراطية الوصول الى صيغ توافق مع الروس بعد توافقها مع الجانب الأمريكي، لان الوصول الى توافق كردي روسي من شأنه تحفيف التهديدات التركية رغم ان الدولة التركية ستظل مصرة على موقفها العدائي للكرد ومشاريعهم السياسية والعسكرية، ولكن ربما بعد التوافق الكردي مع قوات التحالف الدولي ولاحقا السماح لروسيا بانشاء قواعد عسكرية لها في مناطق شمال وشرق سوريا ستؤدي الى صيغ أخرى آمنة تبعد المنطقة عن شبح احتلال تركي جديد، وهذا ما ستنجح فيه قسد.


 


فتح الله حسيني

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!