الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • باسمة قصاص: نجاح القصة مرتبط بوضوح اللغة وتجنب الغموض وعدم إهمال التشويق فيها

باسمة قصاص: نجاح القصة مرتبط بوضوح اللغة وتجنب الغموض وعدم إهمال التشويق فيها
باسمة قصاص

دمشقية الهوى، تكتب بعاطفة الأنثى، انطلقت من بوابة الشعر في البداية، ثم اتجهت نحو القصة القصيرة وأدب الأطفال والشعر المحكي والزجل، لكنها لم تتخلَّ عن الشعر، بحيث ظل محبوبها وهاجسها الأول، وها هي الآن تسير بخطوات واثقة على دروب الإبداع شعراً وقصة، وتنتج أدباً فيه الكثير من حكايات الجمال، وكل همها خلق المسرّة في قلوب الآخرين، وهي من عشاق (نزار قباني) المؤيد للمرأة حسب تعبيرها.


باسمة قصاص

ـ "باسمة قصاص" من أنتِ وكيف تصفين للقارئ الكاتبة والشاعرة التي بداخلكِ؟ طبعًا أنا لا أسأل عن "بيانات" تحفظها جيدًا ذاكرة الأوراق، فهي متاحة للجميع. أنا أسأل عن الذي لم يرد في مستند، عن المحفور بالصدر، ولا يستطيع رصده جهاز رسم القلب، ولا تلتقطه عيون الكاميرا.


*لعل إجابة هذا السؤال ليست بسيطة ولا سهلة فلا أظن أنّ أحدًا من الشعراء والكتّاب والمبدعين عمومًا يمكنه أن يتحدث بدقة واصفًا نفسه، وما أستطيع قوله في هذا المضمار إنني مجرد عاشقة للكتابة وسابحة في أجوائها، وهذا العشق يكبر يومًا بعد يوم.


-كمبدعة ألا تشعرين بالتعب والإحباط من كتابة الشعر والقصة القصيرة وقصص الأطفال بسبب الأوضاع المتعبة التي تمر بها سوريا؟ وهل أثر الوضع السيء الذي يعيشه البلد على إبداعكِ؟


*بالتأكيد ما حدث ويحدث في وطني الحبيب سوريا كان له تأثير كارثي على جميع مفاصل الحياة فيها، ومنها الحياة الأدبية والفنية والثقافية، مع هذا فهناك إرادة بالتحدي والمواجهة ومتابعة الكتابة والتعب وارد أكيد في الكتابة، كما في غيرها من الأعمال، ولكنه تعب فيه من نشوة الإبداع ما يجعله يُنسى سريعاً.


-ديوانكِ الشعري الأول " لولاك " ماذا أضافَ مع مجموعتكِ الثانية "دروب العشق" إلى تجربتك الشعرية؟


*من الأمور التي تشجع الشاعر وتدفعه إلى الأمام بقوة عرض إبداعه على الناس بشتى الطرق والأساليب والوسائل ومنها إصدار الدواويين.
من هنا فإنني أستطيع القول إنّ مجموعتي الأولى والثانية قد أضافتا إليّ الكثير وشجعتاني ودفعتاني لمواصلة ما بدأته بالكتابة المستمرة لإنتاج ما هو أكثر وأفضل أملًا في تثبيت قدميّ على أرض صلبة في عالم العطاء هذا.


- اللغةُ هي ركن أساس في بنية النص الأدبي كيفما كان جنسه ولونه، وقد انتبه لهذه الظاهرة اللغوية منذ عصر ( أبو تمام)، و(المتنبي)، ومن ثم (محمود سامي البارودي)، (فالجواهري) اللغة كإحدى اللبنات في النص الشعري أو القصصي، كيف تنظرين إلى دورها في نصوصك الشعرية ؟


*بل هي أهم اللبنات، إذ كيف لنا أن نبدع بعيدًا عن اللغة التي هي لسان الشاعر وصوته؟ فكلما اجتهد في تقويمها وتحسينها واتقانها كلما استطاع أن يعبّر عما يريده أحسن تعبير، فالتفكير مهما كان قويًا لا يمكنه أن يرى النور دون لغة جيدة تترجمه وتبرز مراميه، وما زلت أحاول أن تكون لي لغة صحيحة متميزة أستطيع من خلالها التواصل مع المتلقي بنجاح.


باسمة قصاص
-القصيدة والموسيقى توءمان، والحضور الإيقاعي في النّص الشّعري يمشي جنبًا إلى جنب مع الصور الشّعرية، يتناغمان، فيستدعي أحدهما الآخر، والقصيدة التي لا تُطرب سامعها لا يحق لها الانتماء إلى الشعر، وقد قال جبران: أنينُ النّاي يبقى بعدَ أن يفنى الوجود؟


*صدقت فإنّ الشعر ما يميزه عن غيره من أنواع الكتابة هو الإيقاع أو الوزن والموسيقى، وعلى الشاعر ألّا يهمل هذا الجانب المهم في بناء القصيدة حتى وإن كان يكتب قصيدة النثر محاولًا إخراجها جميلة الإيقاع ليطرب لها وبها قارئها أو مستمعها.


-تكتبين القصيدة العمودية والتفعيلة وفي قصائدكِ جمال وصور بهية، من أين يتأتّى لكِ كل هذا، من الشحن العاطفي أم صدق التجربة أم من شحنة الروح، أم من التمكن اللغوي، أم ماذا؟


*من كل هذه مجتمعة، فالتجربة مهما كانت طويلة لن تصل إلى شيء بمنأى عن التمكن اللغوي والشحن العاطفي، سيما وأنّ الشعر أساسه الشعور ومنطلقه الإحساس والروح قبل الفكر، فكيف سيكون حال القصيدة إن خلت من صدق الإحساس وسلامة اللغة والتفكير؟


-الوزن والقافية والمعنى من الأركان الأساسية في بناء القصيدة الشعرية وإذا خرجت القصيدة عن هذا الإطار لا تعتبر قصيدة وإنما مجرد خاطرة ما رأيكِ؟


*أنا مع رأيك هذا تمامًا، وإن كنت أرى أنّ بعض الخواطر إن جاءت متقنة لا تخلو من بعض الشاعرية، وإن كنا لا نستطيع وصفها بأنها شعر.


-هناك جدلٌ كبيرٌ حول التسمية التي يجب أن نطلقها على قصيدة النثر، كيف تنظر الشاعرة "باسمة" إلى قصيدة النثر؟


*أنا مازلت أكتب قصيدة النثر ولم أصل إلى درجة القطيعة معها وأفضّل الحفاظ على نعتها بالنثر مهما بلغ حجم شاعريتها وعلى من يكتبها ألّا يهمل الإيقاع الداخلي في بنائها.


ـ الشاعرة الموهوبة التي تكتب تحت الحالة العاطفية لا تقع في الرتابة، أبدًا. فالمشاعر لديها نهر دفاق دائم الفيض، ومن لا تكتب تحت الحالة العاطفية لن تستطيع أن تطوّر أدواتها، تحدد رموزها، وبالتالي ستقع في تقليدية مملة، ما رأيك؟


*نعم هذا أكثر من صحيح، فلا شيء يقتل الشعر إلّا خلوّه من العاطفة وابتعاده عن الإدهاش وسقوطه في مستنقع الرتابة والتقليد، والقصيدة الخالية من صدق العاطفة تولد ميتة وتبقى ميتة.


-ما هي القصة في نظرك، وأين تكمن روعتها، وما هي العناصر الأساسية التي تجعلها ناجحة بكل المقاييس؟


*القصة هي نحن وتاريخ البشرية هو تاريخ قصص الناس، ولعل هذا ما يجعلها الأقرب إلى الناس والأحب، وكلنا كنا نهفو إلى سماع القصص ونعشقها ونحن أطفال، ويستمر هذا العشق ولا ينتهي، وروعة القصة تكمن في أنها الأقدر على استمالة الأسماع أكثر من الشعر لما فيها من بساطة اللغة ووضوحها، ولما فيها من عناصر التشويق وما تقدمه من الدروس والعبر بشكل غير مباشر، لهذا فنجاحها مرتبط بوضوح اللغة وتجنب الغموض وعدم إهمال التشويق فيها.


ـ مما لا شك فيه أن الإنسان فـُطر على الخيال، فما هي نسبة الخيال في قصصك، أم انك تأخذين كل شخصيات وأبطال قصصك من الواقع المحيط بك؟


*إنّ الخيال مهم جدًّا في كتابة القصة، لا يمكن التخلي عنه حتى وإن أخذت أحداثها من الواقع وإلّا وقعت القصة في أسر التقريرية وصارت نشرة إخبارية أكثر منها عملًا إبداعيًا.


-كمنتجة للنص الأدبي.. هل لك غنى عن فعالية النقد، سواء كانت مكتوبة أو مسموعة؟


*لا غنى عن النقد وهو يسعدني وأتعلم منه، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، بشرط ابتعاده عن الأهواء والشخصنة وتمسكه بالموضوعية والمهنية.


-ماذا ينقص المرأة السورية لتبدع أكثر وأكثر؟ هل ينقصها الوطن الذي تسير على عذوبة أنغامه، أم الضحكة التي لم تزر شفاهها منذ وقت طويل ، أم أن تكافئها الحروب فلا تطرق بابها مرة؟


*لعل أكثر ما ينقصها هو الإحساس بالأمان والإيمان بدورها والثقة بمواهبها والاحترام لتفكيرها،فهي بهذا ستزداد إبداعاً وعطاءً بالرغم من جميع الظروف الصعبة القاسية المحيطة بها.


-سعدتُ بالحوار معكِ، وكلّ حرف مدهش وهديل حمامة سلام نتمنى أن ترفرف في سماء سورية وأنت بخير.. لكِ الكلمة الأخيرة، قولي ما تريدين.


*وأنا بدوري سعدتُ أكثر وليس لي بعد ما سلف سوى أن أقول شكراً لهذه الاستضافة الكريمة الجميلة، راجية أن أكون قد وفقت، وأن يكون حضوري على قرائنا الأعزاء خفيفاً، متمنية السلام والازدهار والنصر لبلدي سوريا ولجميع بلدان العالم، مع كل الود لكم وللجميع.


كاتبة وشاعرة سورية، من مواليد مدينة دمشق 1958 بدأت بكاتبة الشعر المحكي والزجل في المرحلة الإعدادية، وفي الثانية كتبت الشعر العمودي والتفعيلة وما زالت تحلق في سماء الإبداع من شعر وقصة وأدب أطفال، تنشر نتاجها في الصحف والدوريات المحلة والعربية. وقد صدر لها حتى الآن:
1ـ لولاك. مجموعة شعرية. دار العراب، دمشق.
2ـ دروب العشق. مجموعة شعرية. دار العراب، دمشق.
3ـ لماذا حزنت النحلة. أدب الأطفال. الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق.
4ـ الملكة التي أصبحت ملكة جمال، أدب الأطفال. الإمارات العربية المتحدة.


حاورها: بسام الطعان

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!