الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
بايدن.. من المثالية إلى الواقعية
خالد الزعتر

بدا واضحاً أن الخطاب السياسي للرئيس الأمريكي جو بايدن يشهد تغيراً جذرياً فهو بدأ يخرج من إطار الخطاب السياسي المثالي الذي يحاول فيه بايدن حرف التعامل مع إيران من خلال تبني نهج مهادن، محاولاً بكل الطرق استرضاء نظام الملالي إلى إطار الخطاب السياسي الواقعي الذي ينظر للأمور من رؤية واقعية، ويضع النقاط في مكانها الطبيعي.

وبالتالي تبني سياسة أكثر حزماً تجاه إيران والتي تبرز في نقطتين مهمتين، وهي عدم استبعاد الخيار العسكري تجاه إيران، والتعهد بإبقاء الحرس الثوري الإيراني على قائمة التصنيفات الإرهابية، وهما بلا شك نقطتان مهمتان في طريق استكمال الإنجازات التي تحققت في عهد ترامب ومواصلة استراتيجية الضغط الأقصى تجاه إيران.

عوامل عديدة قادت الرئيس جو بايدن إلى إحداث تغيير جذري في الخطاب السياسي نحو الواقعية السياسية بدلاً من المثالية التي كانت السمة الرئيسة لخطاب بايدن منذ وصوله إلى البيت الأبيض، أهم هذه العوامل هو كسب ثقة دول المنطقة، خاصة في ظل انتهاج إدارته استراتيجية إعادة الانخراط في المنطقة، وهي خطوة لن تنجح طالما ظلت أمريكا تفتقد لثقة دول المنطقة، وبخاصة الدول الرئيسة والفاعلة في النظام الإقليمي، مثال المملكة العربية السعودية، والعامل الآخر هو وجود قناعة لدى الإدارة الأمريكية بأن إيران غير جادة في تحقيق الاتفاق النووي وانكشاف محاولاتها لكسب المزيد من الوقت وآخرها فشل المفاوضات غير المباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين في الدوحة.

لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تلعب في المربع الخاطئ فيما يخص محاولاتها لإعادة إحياء الاتفاق النووي يؤكدها هذه التغييرات التي يشهدها الخطاب السياسي الأمريكي من المثالية إلى الواقعية، حيث تولدت قناعة أمريكية بأن محاولة انتهاج سياسة اللين مع إيران والمهادنة فشلت في تحقيق أهدافها بإعادة الاتفاق النووي إلى قواعده، وأن العقلية الإيرانية لا تعرف سوى لغة القوة، وهو ما جعل بايدن الذي كان مناصراً للغة الدبلوماسية يعيد التأكيد على إبقاء الخيار العسكري متاحاً كما هو حال بقية الإدارة الأمريكية.

المتغيرات التي يشهدها الخطاب السياسي لإدارة جو بايدن تجاه إيران لا تعني أنه قد يتمخض عنها اتفاق نووي جيد يخدم المنطقة، لأن إدارة جو بايدن حتى اللحظة ما تزال تعتقد أن الاتفاق النووي الذي تم التوصل له في عهد إدارة أوباما "اتفاق جيد"، وحتى اللحظة ما يزال الخطاب السياسي للرئيس جو بايدن يهاجم سلفه ترامب على الخروج من هذا الاتفاق، ولذلك يبقى سقف الطموحات بوجود اتفاق نووي جيد يقيد إيران نووياً وإقليمياً صعب الوصول له، وبالتالي فإن الرؤية السياسية للرئيس جو بايدن تحتاج لاستكمال مرحلة التغيير الجذري الذي تعيش في خضمها للوصول إلى قناعة بأن ما حدث من اتفاق نووي في عهد أوباما كان اتفاقاً لا يلبي متطلبات تحقيق الاستقرار في المنطقة، وأن السير على نهج أوباما يعني الوصول "لاتفاق نووي هشّ" لا يخدم الأمن والسلم الدوليين.

 

ليفانت – خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!