الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • بشار الأسد والقمة الإسلامية: خطاب السلام وممارسة القمع واللصوصية

بشار الأسد والقمة الإسلامية: خطاب السلام وممارسة القمع واللصوصية
شيار خليل

في مشهدٍ مليء بالتناقضات، ظهر بشار الأسد في القمة الإسلامية في الرياض متحدثًا عن السلام، ووقف القتل، والقضية الفلسطينية. إلا أن خطابه هذا لا يتعدى كونه محاولة مفضوحة لإعادة تقديم نفسه كزعيم “مقاومة” في المنطقة، متجاهلاً عن عمدٍ دوره الرئيسي في تدمير بلاده، تشريد شعبه، واعتقالهم، وفتح الأبواب أمام إيران لتنفيذ أجنداتها التوسعية.

 

القضية الفلسطينية شماعة النظام: إرث الأب والابن

كما فعل والده حافظ الأسد، استخدم بشار الأسد القضية الفلسطينية كشماعة لتبرير سياساته القمعية وتمرير أجنداته في الداخل والخارج. حافظ الأسد احتكر خطاب “المقاومة” لعقود، رغم أن ممارساته كانت تصبّ في مصلحة تعزيز قبضته على الحكم فقط، بينما كان يحكم قبضته الأمنية على السوريين.

بشار لم يخرج عن هذا النهج، بل عمّق استغلال القضية الفلسطينية لكسب الشرعية الإقليمية، حتى في الوقت الذي كانت فيه طائراته ومدفعيته تفتك بالشعب السوري. بالنسبة للنظام السوري، كانت فلسطين دائمًا أداة دعائية تستخدم لتشتيت الانتباه عن القمع الداخلي وجرائم الحرب، وليس قضية حقيقية يدافع عنها.

 

فتح الأبواب أمام إيران وتنفيذ أجنداتها في المنطقة

لا يمكن الحديث عن خطاب الأسد في القمة الإسلامية دون التطرق إلى الدور الذي لعبه في فتح أبواب سوريا لإيران وحلفائها، لا سيما حزب الله، منذ بداية حكمه، لعب بشار الأسد دورًا محوريًا في تسهيل التغلغل الإيراني في المنطقة، ما ساهم في زعزعة استقرار الدول العربية.

دعم النظام السوري لحزب الله كان ولا يزال استراتيجية أساسية لتعزيز النفوذ الإيراني في لبنان، وخلق تهديد دائم لدول المنطقة، وعلى رأسها دول الخليج.

ومنذ اندلاع الثورة السورية، أصبحت سوريا منصة لتنفيذ الأجندة الإيرانية، بدءًا من تشكيل الميليشيات الطائفية، مرورًا بتغيير التركيبة السكانية في بعض المناطق السورية، وصولاً إلى تعزيز النفوذ العسكري الإيراني على حدود إسرائيل.

 

محاولات عربية فاشلة لإبعاده عن إيران

حاولت دول عربية، في أكثر من مناسبة، إعادة بشار الأسد إلى الصف العربي عبر إغرائه بفك الارتباط مع إيران، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل. النظام السوري أثبت أنه لا يرى أي جدوى من العودة إلى الحضن العربي، مفضلاً التبعية الكاملة لإيران وحلفائها.

رغم المحاولات العربية، فإن إيران أصبحت الحليف الاستراتيجي الأول للنظام السوري، إذ توفر له الدعم العسكري والاقتصادي لضمان بقائه في السلطة. المواقف الأخيرة تشير إلى أن عودة الأسد إلى المحافل العربية لا تعكس توافقًا حقيقيًا، بل رغبة من بعض الدول في إدارة الأزمة السورية بأقل الخسائر، دون أي أمل في تغيير جذري في سياسات النظام.

بالمجمل إن خطاب الأسد عن السلام ووقف القتل لا يتسق مع أفعاله التي أودت بحياة مئات الآلاف من السوريين. حديثه عن فلسطين والسلام لا يمكن فصله عن سياسته التي مهدت الطريق لتفكك سوريا، وتحويلها إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.

ما زال بشار الأسد يحاول تلميع صورته من خلال القمم والمحافل الدولية، مستغلاً الشعارات القديمة التي ورثها عن والده، لكن الواقع يثبت أنه لا يمثل سوى نظام أمني قمعي، يخدم أجندات إيران وحزب الله، ولا مكان له في مشروع سلام حقيقي في المنطقة. ما لم يتم محاسبة الأسد على جرائمه، سيظل أي حديث عن السلام، سواء في سوريا أو فلسطين، مجرد سراب سياسي لا طائل منه.

ليفانت-شيار خليل 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!