-
بيونغ يانغ وواشنطن.. الصدامات ما بين تضارب المصالح والنكاية
العداء القوي الذي يجمع واشنطن وبيونغ يانغ، وعجز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن وضع نهاية له، رغم لقائه مع كيم جونغ اون، تتوسع حدته مع تشابك الملفات الدولية والإقليمية في جنوب غرب آسيا، إذ تخالف كوريا الشمالية، المواقف الأمريكية في مجملها، نتيجة تعارض المصالح أو حتى النكاية بواشنطن.
تقارير أمريكية تدين بيونغ يانغ
وبالصدد، لا تتوقف واشنطن عن إصدار التقارير التي تدين النظام الحاكم في بيونغ يانغ، الأمر الذي يثير امتعاض الأخيرة، حيث ذكر تقرير سنوي أمريكي عن قضية الاتجار بالبشر، في منتصف يوليو الماضي، أن كوريا الشمالية تحتجز ما يتراوح بين 80 إلى 120 ألف شخص في معسكرات الاعتقال السياسي، وهو ما استنكرته كوريا الشمالية، ووصفته بأنه "هراء مطلق".
اقرأ أيضاً: تحذير أميركي-كوري جنوبي.. كوريا الشمالية تحضّر لتجربة نووية سابعة
وضمن مقال عرض على موقعها على الإنترنت، شجبت وزارة الخارجية الكورية الشمالية، تقرير الاتجار بالبشر لعام 2022، والذي صنف كوريا الشمالية في المستوى الثالث، وهو أدنى مستوى، للعام العشرين على التالي، وذكرت الخارجية الكورية، أن الولايات المتحدة يجب أن "تضع نفسها على طاولة العمليات أولاً، قبل التدخل في شؤون الدول الأخرى وإخفاء العلل الموجودة لديها"، معتبرةً أن "إصدار الولايات المتحدة، التي ما زالت تتبع التاريخ المشين للاتجار بالبشر، لتقريرها السنوي وتقييمها لحالة الاتجار بالبشر في البلدان الأخرى حسب أهوائها، هو هراء مطلق وإهانة لحقوق الإنسان".
كما أضافت الخارجية الكورية الشمالية، بأن "الاتجار بالبشر مرض عضال موجود في الولايات المتحدة، منذ مئات السنين منذ تأسيسها، ولا يزال متفشياً في جميع أنحاء البلاد"، لافتةً إلى حالات الوفاة لحوالي 50 مهاجراً في حاوية شحن في ضواحي "سان أنطونيو" بولاية تكساس الأمريكية، كما أشار إلى أن قرابة 12.5 مليون أفريقي، أجبروا على العبودية من عام 1525 إلى عام 1866.
اتهامات كورية لأمريكا في أوكرانيا
وضمن سياق النكاية، اتهمت كوريا الشمالية في الرابع والعشرين من يوليو، الولايات المتحدة بتصنيع أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، مكررة بذلك اتهامات أطلقتها روسيا ونفتها الولايات المتحدة، وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية إن واشنطن "أقامت عددا من المختبرات البيولوجية في عشرات البلدان والمناطق، بما في ذلك أوكرانيا، في تحد للمعاهدات الدولية"، زاعمةً وجود عناصر "اكتشفتها" روسيا.
اقرأ أيضاً: انتشار مرض معوي في كوريا الشمالية.. والسلطات عاجزة عن مواجهته
كذلك اتهمت بيونغ يانغ واشنطن بأنها "الراعي الشرير للإرهاب البيولوجي الذي يلقي البشرية في الدمار"، وبشن "حرب بكتيرية" خلال الحرب الكورية في خمسينات القرن الماضي.
علماً أن إيزومي ناكاميتسو، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح في مارس إن الأمم المتحدة، قد قالت بأنها "ليست على علم بأي برنامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا"، فيما كانت قد قالت بيونغ يانغ في فبراير الماضي، بإن السياسة الأمريكية هي "السبب العميق للأزمة الأوكرانية"، مع العلم بأن كوريا الشمالية، اعترفت رسمياً بمنطقتين انفصاليتين معلنتين ومواليتين لروسيا في شرق أوكرانيا.
تهديدات بيونغ يانغ لجارتها الجنوبية
ولعل أشد أوجه الخلاف بين واشنطن وبيونغ يانغ، تظهر في العداء الطويل لجارتها الجنوبية، الحليفة لواشنطن، وبالسياق، هدد رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في السابع والعشرين من يوليو، بتدمير جيش جارته الجنوبية وسلطتها بحال قامت سيئول "بمغامرات خطيرة"، قائلاً خلال الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين للهدنة التي أوقفت الحرب الكورية: "نحذر حكومة كوريا الجنوبية بأننا سندمر جيشها بحالة قاموا بأي مغامرات خطيرة".
مضيفاً: "إذا كان النظام الكوري الجنوبي، وأفراد العصابات العسكرية يفكرون في أخذنا عسكرياً، ويعتقدون أنهم قادرون على تحييد أو تدمير جزء من قوتنا العسكرية بشكل استباقي على أساس وسائل أو أساليب عسكرية معينة، فهم مخطئون"، وأكمل كيم بأن بيونغ يانغ "مستعدة تماماً" لأي صراع عسكري مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: كوريا الشمالية تتهم جارتها الجنوبية بنقل عدوى كورونا للبلاد
فيما قال تشوي جين، نائب المدير العام لمعهد نزع السلاح والسلام، وهو مركز أبحاث تديره وزارة خارجية كوريا الشمالية، لوكالة "أسوشيتد برس": "إذا اختارت الولايات المتحدة وحلفاؤها المواجهة العسكرية معنا، فسيواجهون عدم استقرار غير مسبوق من الناحية الأمنية"، ورأى أن التدريبات العسكرية المشتركة بين واشنطن وسيئول هذا العام، تدفع شبه الجزيرة الكورية إلى حافة الحرب، متهماً مسؤولين أمريكيين وكوريين جنوبيين بالتخطيط لمناقشة نشر أصول استراتيجية نووية أمريكية خلال تدريب مشترك آخر من المُقرر أن يبدأ في أغسطس.
رفض لخطة تسوية
فيما ردت كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون، في التاسع عشر من أغسطس، بكيل من الشتائم، على عرض مساعدة قدمه رئيس كوريا الجنوبية، عندما أكد استعداد بلاده تقديم مساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل تخليها عن الأسلحة النووية، حيث قالت بصريح العبارة: "على رئيس كوريا الجنوبية أن يغلق فمه".
مردفةً في بيان: "كان من الأفضل لصورته أن يغلق فمه، بدلاً من التحدث بالهراء، لأن ليس لديه شيء أفضل يقوله"، وأيضاً اعتبرت أن رئيس الجارة الجنوبية الساذج، قائلة إنه "ساذج حقاً ولا يزال صبيانياً لاعتقاده أن بوسعه مقايضة التعاون الاقتصادي بشرف كوريا الشمالية وأسلحتها النووية"، وتابعت: "لا أحد يقايض مصيره بكعكة ذرة".
اقرأ أيضاً: كوريا الشمالية تخشى من "ناتو آسيوي"
وعلى الطرف المقابل، اعتبر وزير الوحدة في كوريا الجنوبية، الذي يتولى العلاقات مع الشمال، تصريحات كيم بأنها "عديمة الاحترام وغير لائقة"، لكنه حث في الوقت نفسه على تعزيز قدرات الردع لجيش بلاده في مواجهة الشمال، فيما رأى خبراء أن الخطة الاقتصادية الأحدث التي تعرضها سول تشبه مقترحات قدمها رؤساء سابقون، مثل تلك التي طرحت خلال اجتماعات القمة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي، كيم يونغ أون، مما يشير إلى أن من المستبعد أن تقبل بيونغ يانغ العرض.
التعارض في تايوان
وبالتأكيد، لم يكن الموقف من الوضع في تايوان استثنائية عما سبق، حيث انتقدت كوريا الشمالية، في الثالث من أغسطس، ما وصفته بـ"التدخل الوقح" للولايات المتحدة في الشؤون الداخلية للصين، بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان، إذ قال متحدث باسم وزارة الخارجية في كوريا الشمالية، إن بيونغ يانغ "ستدعم بالكامل" موقف بكين، محملاً واشنطن مسؤولية إثارة التوترات في المنطقة.
اقرأ أيضاً: كوريا الشمالية تعترف بمقاطعتي لوغانسك ودونيتسك
وأردف المتحدث ضمن بيان "إن التدخل الوقح للولايات المتحدة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واستفزازاتها السياسية والعسكرية المتعمدة هي السبب الأساسي لتعكير السلام والأمن في المنطقة"، معتبراً تايوان جزءاً لا يتجزأ من الصين، وقضيتها تتعلق بالشؤون الداخلية للبلاد، مؤيداً احتجاج بكين الشديد على الزيارة وحق الدول ذات السيادة بـ"اتخاذ إجراءات مضادة".
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!