الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
تحالفات الانتهازيين.. نزوات بلا صداقة
إبراهيم جلال فضلون (1)

"سَلاَمٌ عَلَى الدُّنْيَـا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِـهَا صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِـفَا"، كلمات عبرت عن صفة الانتهازية للإمام الشافعي. فمن نهز، لانتهز الفرص واغتنمها، منافيًة للفعل الإيجابي، فأصحابها منتهزون بتحقيق مأربهم على حساب الآخرين ولو كانت مصلحة عامة، يتسلقون أشلاء الآخرين والركوب على أكتافهم ليصلوا إلى مبتغاهم، كسلم يصعدونه، مُتنقلين من شخص إلى شخص، فهُم انتهازيون يجيدون فن المداهنة والتملق والمدح، يحملون في حقائبهم الكراهية والغل، وأينما يكونوا كانت شياطينهم حاضرة، بلا قيم ولا مبادئ أخلاقية تحكمهم.

وإذا بحثت عن معنى الكلمة في القواميس الأصيلة لا محركات البحث المتناقضة وما بها من نحل وعيوب، ستجد أن الكلمة مرتبطة بعالم السياسة دون غيرها، وما أكثر الانتهازيين ممن يبتدعون في رسم الخطط في زمننا هذا، وحالما يسرقون أحلامهم الواهنة، يُطلقون ساقهم للريح ولا يتبقى منهم شيئا إلا الذكرى السيئة والشعور بالحسرة والخزي بعارهم ودونيتهم وبعض من الشعور بالغباء.. هكذا كان سُعار الإخوان ورقص الانتهازيين.. (التنظيم الدولي للإخوان المسلمين)، حتى لفظتهم الأرض ومن عليها منذ أن أرادوا بمصر سوءاً، ولم يجدوا دولة ترعاهم إلا وطردتهم بعد أن عاثوا فيها فساداً، ليعودوا عندما سقطت طبقة السياسة في اختبارات القيم إلى أغطية النساء، يختبئون تحت سوادها، لكن الانتهازية في كل مكان ودرب حتى في السياسة مثل الميكافيلية، صارت صفة ملازمة لطرائقها ومُعاملاتها ومناوراتها، كأصحاب الأقنعة تتعدد وتتلون وجوههم، حتى تظن نفسك المحظوظ في العالم معهم دون أن تدري أنك تستنزف كل طاقاتك لشخص انتهازي.

وما احتجاج الإسرائيليين المحتلين على مشروع إصلاح قضائي تدعمه الحكومة بتأليف بنيامين نتنياهو من اليهود الأرثوذكس المتطرفين والأحزاب اليمينية المتشددة، إلا دليل على انتهازية تعصبية من قبل قادتهم وممارساتهم المعلنة ليس على العرب فقط بل وعليهم أيضاً، ليروا أنه يهدف إلى "القضاء على ديمقراطيتهم، وبالتالي انقسام البلاد، ولا ينسي العالم عندما وضع بوتين القيصر الروسى أردوغان ومعاونيه دقائق ممل في قاعة الامبراطورة كاترين قاهرة العثمانيين بالكرملين منذ سنوات.. ووقوف وزراء أنقرة كالتلاميذ أمام بوتين يثير سخرية العالم، لتتضح الانتهازية بين الكرملين وأنقرة، خاصة في سوريا وليبيا، حيث يدعم البلدان أطرافا متنافسة، وبعد الانتخابات التركية وفوز أردوغان أعاد على حليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الفعلة تمهيداً لانتهاء ما يعرف بـ"تحالف الانتهازيين" الذي استمر لسنوات، ويعود الشرخ بين الطرفين بتسليم أردوغان قادة كتيبة آزوف الأسرى المحتجزين في تركيا إلى زيلينسكي الأوكراني، بالإضافة إلى حديث أردوغان عن إمكانية انضمام أوكرانيا إلى الناتو، لتعتبر روسيا أن أنقرة انتهكت الاتفاقات بذلك حسب بنود الاتفاقات بين موسكو وأنقرة، أنه من المفترض أن يبقى قادة آزوف في تركيا حتى نهاية الصراع، بل ووقع أردوغان وزيلينسكي اتفاقات لتعزيز التعاون بين البلدين، بما يشمل الصناعات العسكرية، حينها قال زيلينسكي: "إننا عائدون إلى الوطن من تركيا وسنعيد أبطالنا إلى الديار".

وأخيراً: الانتهازي لديه قدرة فائقة على تمييز الأكتاف ونوعياتها، يمتلك مهارة الاستعراضات والتنقل بين المتناقضات بأقوى أسلحته، ليجد في أجوائنا الراهنة فردوسه المنشود، لكن المؤمنً "كيس فطن"، يعرف من هو البهلوان هذا المتحول في الحياة العامة إلى سلوك بشري، (مُضلل، متملق، وصوليّ، محتال، مخادع، فاسد، ذا مصالح وفتن). منهم مجرد "كومبارس" ومنهم من بات سمسارًا فاحذروهم، هم أعداء للعروبة وشعوبها، فاحذروهم في السياسة ودروبها، بل وفي كل ركن من أعمالنا.

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!