الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تحديات مكافحة التحرش الجنســ.ـي في لبنان: بين ثغرات القانون وضرورة التحول الثقافي

تحديات مكافحة التحرش الجنســ.ـي في لبنان: بين ثغرات القانون وضرورة التحول الثقافي
التحرش: تعبيرية

صدمت اليونيسف بتقريرها حول التحرش الجنسي في لبنان، حيث أكدت أن تقريباً جميع النساء في البلاد يتعرضن لهذا النوع من العنف خلال حياتهن. وأشارت المنظمة إلى أن هذا النوع من العنف أصبح أمرًا شائعًا في المجتمع، سواء في الأماكن العامة أو عبر الإنترنت، في الأسواق ووسائل المواصلات، داعية إلى التصدي له من خلال رفع الصوت وطلب المساعدة.

تؤكد لانا قصقص، مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، أن النساء في أي مرحلة من حياتهن يتعرضن للتحرش الجنسي، بغض النظر عن مستواهن الاقتصادي أو التعليمي أو المهني. وتشير إلى أن هذا يعود إلى منظومة فكرية تشجع على العنف القائم على النوع الاجتماعي، ملقية اللوم دائمًا على المرأة وتبرير أفعال الرجل.

وفي ظل غياب التوعية الجنسية، يمكن للصغيرات أن يتعرضن للتحرش دون أن يدركن حقيقة ما يحدث لهن، مما يؤدي إلى شعور بالذنب حين يكتشفن في وقت لاحق أنهن تعرضن لانتهاك.

تشارك ميرفت، التي تعرضت للتحرش قبل عشر سنوات، قصتها وكيف تأثرت بالحادثة، مما دفعها للابتعاد عن الخروج والتحدث مع الناس. وتشير إلى أنها لا تزال تعيش مع مشاهد الاعتداء التي تعرضت لها، ورغم هروبها من المتحرش في الوقت الحاضر، إلا أن الأثر النفسي لا يزال يؤثر عليها.

تعكس هذه القصص الواقع المأساوي الذي تعيشه النساء في لبنان، ورغم تصريحات القوى الأمنية التي تصف لبنان بأنه من بين البلدان الأكثر أمانًا، فإن الوضع يظل مقلقًا ويستدعي التصدي له بشكل فعال.

 

 

تتنامى آثار التحرش الجنسي في المجتمع اللبناني، حيث يختلط الصمت بالألم وتردد أصداؤه في الأماكن العامة وعبر الإنترنت. يشير تقرير لمنظمة اليونيسف إلى أن "كل النساء في لبنان تقريباً تعرضن للتحرش الجنسي في حياتهن". يظهر هذا التقرير حقيقة مريرة حيث يصبح التحرش جزءاً من الحياة اليومية، سواء في الأماكن العامة، وفي الأسواق، وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تكمن آثار هذا الظاهرة في غياب الوعي والتوعية الجنسية في المجتمع، حيث يكون تعريض الفتيات الصغيرات للتحرش أمرًا شائعًا دون فهمهن للوضع. يؤكد الخبراء أن التحرش يتسبب في صدمات نفسية عميقة، منها ضعف الثقة بالنفس، ولوم الذات، وتدني القيمة الذاتية، مما يؤثر على صورة الجسد ويتسبب في اضطرابات نفسية تستمر لفترة طويلة.

يروي شهود عيان قصصاً مؤلمة حول التحرش، حيث تصف ميادة تجربتها قائلة: "رغم مرور ثلاث سنوات، إلا أنني لا أزال أتذكر اللحظة التي اعتدى فيها زوج صديقتي علي بتحرش. شعرت بأن حقيقة حمايتي تمزقت، وتلاشت الثقة بالأشخاص من حولي". تتجلى صعوبة الكشف عن التحرش والتحدث عنه في المجتمع، حيث يواجه النساء والفتيات الصمت والخوف من عدم تصديق الناس وعدم حمايتهن قانونيًا.

في هذا السياق، صوّرت منظمة "أحلى فوضى" مبادرة توعية تستخدم "زرّ وقائي"، جهاز انذار يمكن تفعيله بالضغط عليه لإصدار صوت عالٍ يشكل تهديدًا للمتحرش ويشجعه على الابتعاد. يتم توزيع هذه الأجهزة للفتيات والنساء بهدف تعزيز الوعي وتوفير وسيلة للدفاع عن النفس.

قدم القانون الجديد في لبنان خطوة إيجابية نحو مكافحة التحرش الجنسي، إلا أن هناك ثغرات يتعين تغطيتها. يعتبر التعريف الواسع للتحرش وترك تقدير القاضي لمدى تكرار التحرش هو أحد النقاط المثيرة للجدل. كما ينقص القانون آليات حماية فعّالة للضحايا، حيث يبقى عبء إثبات الجريمة على عاتقهن.

تؤكد المحامية في منظمة "كفى"، فاطمة الحاج، أن هناك حاجة ملحة إلى قانون شامل يشمل آليات حماية لضحايا التحرش والاعتداء والاغتصاب. يتطلب العلاج للضحايا دعمًا نفسيًا واجتماعيًا فعّالًا لتمكينهن من التغلب على الصدمة واستعادة حياتهن.

على صعيد أوسع، تتطلب مكافحة التحرش الجنسي جهودًا مشتركة من المجتمع والحكومة. يجب زيادة التوعية حول قضايا العنف الجنسي وتعزيز التربية الجنسية في المدارس. يشدد الخبراء على أهمية تغيير الأفكار والتصدي للثقافة التي تتسامح مع التحرش الجنسي، وتلقي اللوم على الضحية.

في ختام الأمر، تظل الحاجة ماسة للتحول الثقافي والتشديد على حقوق النساء والفتيات في لبنان. يجب تعزيز التضامن المجتمعي لدعم الضحايا وتشجيع الشهادة على الظلم الذي يمارس بحقهن. مع استمرار الحملات التوعية والضغط لتحسين القوانين، يمكن تحقيق تقدم يعزز المجتمع اللبناني ويحمي جميع أفراده.

المصدر: الحرة 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!