الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
ترامب يخلط الأوراق في شرقي الفرات
حسين أحمد

حسين أحمد - كاتب سوري




إن لعبة " عض الأصابع" قد لا تفيد في التغيير الديموغرافي للواقع السياسي في شرقي الفرات من قبل الأطراف المعنية لأن المطلوب من الكرد في هذه المرحلة هو المهارة الدبلوماسية والإعلامية أكثر من كل الأوقات، لنقل راهنهم إلى مراكز القرار، إذ يبدو أنه تتوافر للكرد مقومات الظروف الموضوعية، وكذلك المناخ الدولي أكثر تهيئة من أي وقت سابق حيث لديهم ما يدعو لنقل قضيتهم إلى المحافل الدولية. المطلوب منهم في هذه الفترة الحساسة هو تحويل الحراك السياسي الدولي لخدمة الكرد وقضيتهم والأهم من كل ذلك حمايتهم في مناطقهم لأن الأعداء يراهنون دوماً على تشتت التنظيمات السياسية الكردية في سوريا لإفشال أي نصر كردي بعد أن قدموا 11 ألف شهيد وعلى عدم الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية، لأن هذه التجربة وعلى الرغم من أنها مدنية لم تنل الشرعية من قبل أمريكا بل اقتصر على التعاون من الجانب العسكري، ولن تقبل بأية تجارب خارج ما خطط له مسبقاً ﻻ من قبل الإسلام السياسي وﻻ من قبل التجارب اليسارية.


أعتقد أن تجربة أردوغان تشبه تماماً تجربة الإسلام السياسي الذي تمارسه إيران بصورة مشوهة ومسيطر عليها وتحت السيطرة وﻻيجوز الإعلان صراحة عنها، لأن الأمر في المحصلة يكون لصالح القضية الكردية. ما جرى في سري كانيي" رأس العين" والدماء التي سالت ستكون الأساس الطبيعي لما هو قادم، فبعد كل هذه التضحيات وهدر الدماء نجد أن الأمر يستدعي ما يتوجب التدخل والكشف عن الخارطة المستقبلية لسوريا، أي النظام المستقبلي المفترض لسوريا والذي يشبه النظام العراقي السابق هو السبب بممارساته من جهة، وتركيا بتدخلها في الشأن السوري، وهو شأن الكرد من جهة ثانية، ويتضح الأمر من خلال القوة التي جاءت بها الفصائل الراديكالية التي رافقتها تركيا إلى المناطق الكردية وكادت تنهزم وتندثر وكان وضعها حتى قبل فترة قريبة يثير الشفقة، لكن فيما بعد تم حقنها بمقويات ومعنويات عالية كونهم رأوا أنه بدونها ﻻ يمكن القيام برسم الخريطة من جانب واحد.


وفق قناعتي أرى أنه كان لأردوغان هدفين من ذلك: الأول: الفصل بين المناطق الكردية وإضعاف وسائل الاتصال فيما بينها، وأتوقع أنه تمكن من الوصول إلى هدفه في السيطرة على كري سبي "تل أبيض" وسري كانيي" رأس العين" وقبلها عفرين.


الثاني: توطين مليون لاجئ في المنطقة بين كري سبي وسري كانيي وهذا هو التغيير الديموغرافي بعينه في المنطقة التي تم الاتفاق عليها بين أمريكا وتركيا بحدود 120 كيلو متراً. من الواضح أن أردوغان كان يخطط منذ البداية لإقامة منطقة تعريب مابين تل أبيض ورأس العين وهذا ما قد حصل، إذ قال وزير خارجية تركيا: "الوضع سيبقى على ما عليه في كري سبي "تل أبيض" وسري كانيي "رأس العين" وتسكين مليون لاجئ في المنطقة التي نسيطر عليها" لكن هل سيحقق أردوغان ما يريده؟ علماً أن هذه المنطقة كانت هدفاً لأردوغان بقصد تعريبها كما كان النظام يقوم بتعريب هاتين المنطقتين، وقد تم تعريب المنطقة في 1974 وإسكان أناس من الرقة وحلب ولكن تركيا تحتاج الآن إلى إمكانيات كبيرة لتمضي بهذه السياسة ولا أظن أنها تستطيع لوحدها تحمل أعبائها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بتركيا.


أخيراً لم تنتهي القضية الكردية باحتلال تركيا لعفرين وسري كانيي وكري سبي، الكرد شعب حي مر عليه الكثير من الويلات والانكسارات عبر التاريخ وبقي حياً. عليه أن يلملم جراحه ويتخلص من الأسباب التي أدت به إلى ما وصل إليه ويحكم العقل بدلاً من العاطفة، ويستفيد من الدرس الراهن ويبشر بالتفاؤل وخاصة تلك الأصوات التي بدأت ترتفع في أوروبا وأمريكا ودول أخرى ولها ثقلها السياسي.


.....


العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!