الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تركيا واللاجئون السوريون.. من الترحيب المزعوم إلى الطرد الناعم

تركيا واللاجئون السوريون.. من الترحيب المزعوم إلى الطرد الناعم
تركيا و اللاجئون السوريون \ ليفانت نيوز

منذ بدايات الحرب في سوريا، وبدء رحلة اللجوء إلى تركيا، تعرض اللاجئون السوريون إلى أشكال وأنماط عدة من التمييز والابتزاز والاستغلال، كان أهمها استغلال جهودهم في العمل عبر منحهم مرتبات تعادل نصف ما يتقاضاه العاملون الأتراك في العادة، بجانب اعتداءات جسدية على الحدود، نفذتها قوات الجندرما.

إلا أن تلك الممارسات، والتي كان يجري تجاوزها من قبل أغلب السوريين بحكم عدم توفر بديل أفضل، توسعت أكثر فأكثر، إلى أن أضحى الاعتداء على اللاجئين السوريين في تركيا، وتعرضهم لجرائم القتل والاعتداء البدني، أمراً معتاداً على مواقع الأخبار وضمن نشراتها.

تعاطي أنقرة مع اللاجئين

استقبلت تركيا منذ بداية الحرب السورية في العام 2011، اللاجئين السوريين في مخيمات نزوح على الحدود، لكن مع استمرار تلك الحرب سنوات طويلة، انتقل كثير من السوريين من المخيمات إلى المدن التركية، ومنهم من لم يدخل مخيماً قط، وتوجه فوراً للمدن بحثاً عن فرص عمل خسرها في موطنه الأصلي.

اقرأ أيضاً: عفرين.. اشتباكات في المدينة بين فصائل مدعومة من تركيا

وخلال السنوات الـ11 الماضية، جرى منح كثير من السوريين بطاقات الإقامة المؤقتة، لكن حتى تلك البطاقات، باتت تركيا "بخيلة" في منحها، بل وتعمل على سحب الممنوح منها، إذ أعلنت إدارة الهجرة التركية، في 27 مارس الماضي، عن “إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا، وأن حوالي 500000 سوري قد عادوا طواعية إلى هناك”، إلا أن مصادر صحفية قالت إن أرقام دائرة الهجرة مبالغ فيها بشكل كبير، وقد كشفت بالصدد إدارة "معبر باب الهوى" الحدودي مع تركيا، عن أعداد اللاجئين السوريين الذين رحّلتهم تركيا إلى سوريا، خلال شهر آذار/ مارس الماضي، ولفتت إلى أن عدد اللاجئين السوريين الذين رحّلتهم السلطات التركية من أراضيها، بلغ 1321 شخصاً.

كذلك في نهاية مارس، ألغت السلطات التركية، وثائق حوالي 150 ألف سوري كانت قد سمحت لهم بالإقامة في تركيا، وبناء عليه تم ترحيل مئات السوريين، فيما ينتظر آخرون مصيراً مشابهاً، ووصلت رسالة إلى أكثر من 150 ألف لاجئ سوري في تركيا، بشأن الترحيل إلى سوريا، بجانب توقف دائرة الهجرة في أنقرة تماماً، عن تسجيل آلاف السوريين الحاملين لبطاقات الهوية وتعطيل هوياتهم.

التعاون مع النظام السوري لإعادة اللاجئين

ولم يتوقف الجدل في تركيا، عند عراقيل منح بطاقات الإقامة، فبعد سنوات من تمويل وتسليح المليشيات المسلحة المؤتمرة من قبل مخابراتها، لم تستبعد السلطات التركية التواصل مع النظام السوري بغية إعادة اللاجئين السوريين، وهو ما بدى بأنه خطة تركية بديلة لتخفيف من حنق الأتراك على اللاجئين السوريين، إذ صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في الواحد والعشرين من أبريل، بأنه يجب ضمان سلامة اللاجئين السوريين قبل إعادتهم لبلادهم، مشيراً إلى إمكانية تعاون بلاده مع نظام بشار الأسد في قضايا الإرهاب والمهاجرين “دون الاعتراف به”، حسب قوله.

التعاون إذاً، مع النظام الذي لطالما تعهدت أنقرة بإسقاطه، حيث كانت تأمل في تولية الحكم لتنظيم الإخوان المسلمين السوري، ليكون أداتها في حكم سوريا، كما هو الحال مع غرب ليبيا، وكما كانت تأمل في مصر وغيرها من الدول العربية، وتابع أوغلو: “نتعاون مع طالبان في أفغانستان رغم عدم اعترافنا بها حتى الآن لمنع انهيار البلاد وانتشار الإرهابيين ومنع قدوم المزيد من المهاجرين… كما نرى أنه من المفيد التعاون مع نظام الأسد دون الاعتراف به”.

اقرأ أيضاً: مسؤولة بالبنتاغون: نعارض بشدة هجوماً تركياً على شمال سوريا

فيما أطلق أردوغان قنبلة من العيار الثقيل، بالتوازي مع تصريحات وزير خارجيته، إذ قال في العشرين من أبريل، إنه "مع انتهاء تشييد البيوت المصنوعة من الطوب في سوريا، سنأمن عودة اللاجئين إلى بيئة آمنة، وسيعودون طواعية من تلقاء أنفسهم، في السياسة نحن لسنا سلطة تطرد اللاجئين بل تحتضنهم"، وذلك مع قرب الانتخابات التركية، التي غالباً ما يكون اللاجئين وقودها.

ووفقاً لموقع “الجريدة التركية” نهاية أبريل الماضي، تعتزم تركيا، إعادة 1.5 مليون لاجئ إلى بلادهم من خلال تحسين العلاقات مع دمشق، في غضون 15-20 شهراً، إذ أشارت الصحيفة إلى أن السلطات في أنقرة، تعمل على تسريع مبادرات العودة الآمنة للاجئين، لا سيما وأن أنقرة روجت إلى أنها أحرزت تقدماً كبيراً في مشاريع البناء الصناعي المنظمة في مناطق عمليات “درع الفرات” و”نبع السلام” و”غصن الزيتون” التي تحتلها في شمال غربي سوريا.

اللاجئون كورقة انتخابية وأداة تغيير ديموغرافي

وحسب التقرير الذي نشرته الجريدة، في الخامس والعشرين من أبريل، فإنه تم إجراء تحليلات ميدانية لـ 200 ألف منزل بتمويل من قطر، فيما تواصل المحادثات مع دمشق، لا سيما بشأن اللاجئين حيث يريد الجانب التركي، دعماً من دمشق في هذا الصدد، وهي مخططات تعود بالنفع أولاً واخيراً على تركيا، من خلال استغلال السلطة لإعادة اللاجئين السوريين كورقة انتخابية ترفع بها من رصيدها لدى الناخبين الأتراك،، إضافة إلى وضع اللاجئين العائدين في خدمة مشروعها للتغيير الديموغرافي شمال سوريا، حيث تسعى أنقرة لتهجير المكون الكردي بشكل خاص، وتوطين موالين لها في مناطق انتشارهم، ليكونوا فاصلاً  بين الكُرد في سوريا والكُرد في تركيا.

اقرأ أيضاً: الذبح على خطى داعش.. مليشيات سورية موالية لتركيا نفذتها بـحـــلب

وبالصدد، صرح رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل للصحافة، مؤكداً إن عمليات الترحيل تتعارض نظرياً مع قانون الحماية المؤقتة الذي ينطبق على السوريين في تركيا، مشيراً إلى أن توقيف قيود بطاقات الحماية المؤقتة لآلاف السوريين، كان بهدف الترحيل أساساً، ولم يأت نتيجة خطأ، وإنما الهدف منه ترحيل أعداد كبيرة من السوريين إلى الشمال السوري، لافتاً إلى وجود مخطط لترحيل أكثر من مليون لاجئ سوري قبل إجراء الانتخابات التركية في العام القادم، مؤكداً أن المفترض أن يبقى أصحاب الأعمال والشركات وطلاب الجامعات، والبقية عرضة للترحيل.

النازحون بالمخيمات أولى بالبيوت من اللاجئين

نشر فريق "منسقو الاستجابة السريعة في سوريا"، في العام الماضي، احصائية أظهرت أن عدد المخيمات في مناطق شمال غرب سوريا بلغ 1137 مخيماً، يعيش فيها أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، وفي الموازاة، ذكرت إحصائية صادرة عن مكتب اللاجئين التابع لـ"الائتلاف الوطني" المُعارض، أن هذه المخيمات تضم نحو مليون و700 ألف شخص، ويشكلون 321 ألف عائلة، بينهم 45 ألف من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وعليه، تواصل الجدل حول المشروع التركي لبناء المستوطنات شمال سوريا، لتوطين مليون لاجئ سوري، مع تعمده تجاهل وجود آلاف العائلات في مخيمات عشوائية في الداخل السوري، وأحقيتهم في الحصول على تلك المساكن، حيث تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الثالث من مايو الماضي، في رسالة مصورة خلال مراسم تسليم منازل مبنية من الطوب في إدلب، عن تحضيرات لمشروع جديد يتيح العودة الطوعية لأكثر من مليون شخص مقيم في تركيا.

زاعماً أن العودة ستكون إلى بيئة آمنة وبطريقة مشرّفة، مدعياً أن المشروع سيتم تنفيذه بدعم من منظمات تركية ودولية، أهمها "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"، في ثلاث عشرة منطقة أبرزها في مناطق العمليات التركية في اعزاز والباب وجرابلس في ريفي حلب الشمالي والشرقي وتل أبيض في ريف الرقة ورأس العين في ريف الحسكة، بالتعاون مع المجالس المحلية التابعة لأنقرة، في تلك المناطق.

اقرأ أيضاً: المرصد السوري: مقتل 48 "جهادياً" بعمليات للتحالف بمناطق تواجد تركيا

وهو ما دفع كثير من السوريين لاعتبار أن الأولوية في ذلك "المشروع الاستيطاني" يجب أن تكون للنازحين المقيمين في المخيمات، والذين يعيشون ظروفاً مأساوية لجهة انعدام الأمن واستمرار حركة نزوح المدنيين، إضافة إلى انعدام المقومات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤمن حياتهم، فيما أشار عاملون في المجال الإغاثي بالمناطق التي تسعى تركيا لإعادة توطين اللاجئين فيها، إلى عدم قدرة تلك المناطق على تحمل أعداد إضافية من السكان.

مؤكدين أن المخيمات تغطي مساحات واسعة من المناطق الخاضعة لأنقرة وميلشياتها السورية، المعروفة بمسمى "الجيش الوطني السوري"، إضافة إدلب الخاضعة لـ"النصرة\تحرير الشام"، هذا عدى عن أن تلك المناطق معدومة اقتصادياً ولا تتوفر فيها فرص العمل.

وعليه، لن يؤدي إعادة اللاجئين السوريين من تركيا، إلا إلى رفع معدلات البطالة والفقر، وبالتالي ستزداد الجرائم والاقتتال الذي يحصل كل يوم في "مناطق تركيا الآمنة" شمال سوريا، بين مسلحين يفترض أنهم "رفقة سلاح"، إضافة إلى تحول تلك المناطق إلى أوكار للإرهابيين، وما قتل زعماء تنظيم داعش الإرهابي فيها، من "أبو بكر البغدادي" إلى “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي"، وصولاً لـ"ماهر العقال" إلا دليلاً لمن يريد أن يرى.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!