الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
تضارب استخباري بين أنقرة وطهران.. وكلمة السر في تل أبيب
الموساد والميت التركي \ ليفانت نيوز

في العاشر من فبراير الجاري، اعتقلت الاستخبارات التركية 17 شخصاً للاشتباه في تعاونهم مع المخابرات الإيرانية، بغية اختطاف أحد المعارضين للنظام الإيراني، ووفق تقارير إعلامية تركية، فقد نظم مؤامرة الاختطاف فريق يضم مدعياً وصاحب شركة للصناعات الدفاعية وعقيد متقاعد وعدد من الضباط، لكن دون أن يتم الكشف عن هوية الهدف من العملية بشكل كامل، إلا أن الإعلام التركي وصفه بأنه أحد المعارضين للنظام، ويعيش في مدينة زونغولداك الساحلية المطلة على البحر الأسود.

النشاط الاستخباري الإيراني في تركيا، ليس جديداً، فقبل عامين، اغتيل مدير قناة بلاك بوكس في إسطنبول، مسعود مولوي، فيما أفادت صحيفة ديلي صباح التركية وقتها، أن محمد رضا ناصر زاده، موظف في القنصلية الإيرانية في إسطنبول، اعتقل بتهمة التورط في القاتل، لكن وزارة الخارجية الإيرانية نفت النبأ آنذاك، ووصفت الخبر بأنه "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق"، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن المعتقل ليس موظفاً في القنصلية العامة الإيرانية.

اقرأ أيضاً: إنقاذ 62 مهاجراً في تركيا قبالة سواحل "موغلا".. اعتقال مئات آخرين

إلا أن وكالة أنباء الأناضول التركية نشرت لقطات تلفزيونية مغلقة لاحتجاز ناصر زاده في مطار إسطنبول، تفيد بأن موظف القنصلية الإيرانية في إسطنبول توجه إلى قسم الرحلات الخارجية بمطار إسطنبول بـ "جواز خدمة"، وبحسب التقارير، فقد استخدمت وزارة الاستخبارات الإيرانية المجموعة الإجرامية لاغتيال وخطف معارضي الحكومة الإيرانية في تركيا، في الأقل منذ عام 2015.

وسبق أن اتُهم عدد من أعضاء تلك الجماعة الإجرامية وقائدها ناجي شريفي زندشتي، وهو تاجر مخدرات دَوْليّ، بارتكاب عدة جرائم قتل في عام 1997، بما في ذلك مقتل سعيد كريميان، مؤسس ومدير المسلسل التلفزيوني جيم آنذاك، وجرائم قتل تتعلق بتهريب المخدرات في تركيا، تم القبض عليهم، ولكن أطلق سراحهم فيما بعد وعاد ناجي شريفي زندشتي إلى إيران.

وفي أكتوبر من العام 2021، أفادت وكالة الأنباء التركية الرسمية، باعتقال ثمانية أشخاص، بينهم اثنان من عملاء المخابرات الإيرانية، كانوا يعتزمون، حَسَبَ مسؤولين أمنيين أتراك، اختطاف ونقل طيار سابق في القوات الجوية الإيرانية من مدينة فان التركية.

التضارب الاستخباري

تلك العمليات تفتح المجال للشك، في أن أنقرة تغض طرفها عن نشاط جواسيس طهران على أراضيها، ما دام عمل هؤلاء لا يتعارض مع المصالح التركية، خاصة أن تقديم تسهيلات للاستخبارات الإيرانية في تركيا، سيقابله حكماً تسهيلات للاستخبارات التركية في إيران، في ظل وجود مجموعة من الملفات التي تهم الطرفين، من أبرزها القضية الكردية، والتخلص من قيادات أحزابهم المناوئة لكل طرف بشكل مباشر.

لكن التضارب بدأ يخرج للعلن، مع مساعي تركيا لإصلاح العلاقة المتوترة مع إسرائيل، فيما لن تقبل أنقرة ما يعكر مساعيها تلك، لتنشر وسائل إعلام تركية، في الحادي عشر من فبراير الجاري، صورة تظهر أفراد خلية إيرانية مزعومة، قيل إنها حاولت اغتيال رجل الأعمال الإسرائيلي-التركي يائير غيلر في إسطنبول.

اقرأ أيضاً: نزيف تركيا المستمر.. غالبية شباب تركيا يريدون الهجرة

ووفقاً لتقارير صحفية تركية، ضمت الخلية تسعة أفراد، اعتقل ثمانية منهم باستثناء الضابط في الاستخبارات الإيرانية المدعو ياسين طاهر ممكندي (53 عاماً) الذي كان يشرف على تنفيذ المخطط من إيران، بينما ترأس الخلية في داخل تركيا، الإيراني المدعو صالح مشتاق بيغوز (44 عاماً)، علماً أنها ضمت مواطنين أتراك وإيرانيين.

وذكرت صحيفة "صباح" أن أفراد الخلية (باستثناء طاهر ممكندي) اعتقلوا ووجهت إليهم اتهامات بتشكيل منظمة إجرامية، بينما نقل رجل الأعمال الإسرائيلي غيلر إلى منزل آمن، في ظل عمل "الموساد" على توفير حراسة له، ولفتت الصحيفة إلى أن جهاز الاستخبارات الوطنية التركي و"الموساد"، خلصا إلى استنتاج مفاده أن هناك هدفين وراء مخطط الاغتيال المزعوم، أحدهما الحيلولة دون تحسن العلاقات بين تركيا وإسرائيل، والثاني هو الانتقام لاغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده.

تضييق على الإيرانيين

ويتجلى في تلك المفاضلة بين إيران وإسرائيل، أن أنقرة كانت حاسمة لجهة تفضيلها التعاون الاستخباري مع إسرائيل على إيران، فذكرت وكالة "الأناضول" الرسمية التركية، في الثاني عشر من فبراير، بأن جهاز المخابرات وقوات الأمن التركية، أوقفا 14 شخصاً للاشتباه بتعاونهم مع المخابرات الإيرانية، لتنفيذ خطط لاختطاف معارضين إيرانيين موجودين في تركيا.

كما كشفت الوكالة الرسمية التركية، نقلاً عن مصادر أمنية، أن "إحسان صاغلام، صاحب شركة الدفاع "باي صاغلام/By Sağlam"، والمواطن الإيراني الذي يعمل لديه، مرتضى سلطان سنجاري، كانا يسعيان لاختطاف معارضين إيرانيين من تركيا، وتلقيا تعليمات من سيد مهدي حسيني وعلي قهرماني حجي أباد، اللذين يعملان لصالح المخابرات الإيرانية".

اقرأ أيضاً: وفاة مريبة لشاب سوري في تركيا تثير تساؤلات الناشطين

وبينت أن "صاغلام وفريقه حصلوا على 150 ألف دولار على فترات متقطعة، مقابل اختطاف معارضين إيرانيين، وأن مسؤولي المخابرات الإيرانية تعهدوا بدفع مبلغ مقابل شخصيات أخرى يُخطط لاختطافها"، منوهةً إلى أنه "نتيجة للأنشطة الاستخباراتية، تقرر بدء الخطة بنقل المخابرات الإيرانية أسماء الأشخاص المراد اختطافهم إلى صاغلام وسنجاري، وفي المرحلة التالية تم تحديد منطقة إقامة المراد اختطافهم، حيث التقى صاغلام وسنجاري بهم وكسبوا ثقتهم".

ولعل ما يؤكد أن طهران خسرت المفاضلة مع إسرائيل في تركيا، ما ذكرته وسائل إعلام، منتصف فبراير، من أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" ساعد في إحباط 12 مخططاً لشن هجمات على مواطنين للدولة العبرية في تركيا خلال العامين الماضيين، حيث قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الروابط بين "الموساد" وجهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MIT) تعززت خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من التوترات القائمة في العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.

اقرأ أيضاً: اتصالات سرية وعلنية بين تركيا وإسرائيل

 لافتةً إلى أن وفداً رفيع المستوى من مسؤولي "الموساد" زار تركيا مؤخراً، على رأسه رئيس الجهاز الاستخبارات ديفيد بارنيع الذي يشرف شخصياً، وفقاً للقناة الـ12، على العلاقات الاستخباراتية مع تركيا، ما يعني بأن أخبار إلقاء القبض على جواسيس طهران في تركيا، قد يتحول إلى خبر دارج في نشرات الأخبار، خلال الشهور القادمة، فيما لو أقنعت أنقرة، تل أبيب بمصالحتها وتطبيع العلاقات بشكل رسمي وكامل معها.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!