الوضع المظلم
الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
تهجير الفلسطينيين خط أحمر  
عيد النعيمات

الأردن العربي الهاشمي جذرٌ أصيل من جذور الأمة العربية الرشيدة لصيق بتاريخها وقيمها، وملِكهُ عربيٌ هاشميٌ حكيم وخلفه شعبٌ أبيٌ مُخلص وحكومة مخلصةٌ لله وللشعب والملك، أما قضايانا فهي قضايا أمتنا أولاً ثم ما يربطنا بالإنسانية من قضايا وقيم، وأما أقدس قضايانا فهي فلسطين قضيتنا الأولى قبل كل القضايا؛ كانت وما زالت وستبقى حتى قيام دولتها الشامخة لتكون بعد ذلك شقيقة الوجود، ونحن في مقدمة حماتها إلى جانب أشقائها المُخلصين، ومن هذا المنطلق فإن جميع تحركات جلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية من أجل القضية الفلسطينية تنطلقُ من إيمان راسخ وعزيمة لا تلين، وشعبٌ على أتم الاستعداد لنجدة ونصرة أشقائه في الأرض المحتلة مهما كلفهم ذلك، ولو أن هذا العالم المُريب انضبط بما للسياسة من علوم وفنون وقيم وما للأخلاق من ثوابت لكان للدنيا وخاصة منطقة الشرق الأوسط اليوم شكل آخر، ويبدو أن العرب والدول الأمريكية اللاتينية ودول آسيا هم الأكثر انضباطاً بقوانين وضوابط وقيم هذا العالم الذي نصدُقه بأننا نحن جزءاً منه.

هكذا تتضح الحقائق.. طفح الكيل وتهجير الفلسطينيين خط أحمر.. والأردن على خط مواجهة المخاطر

بذلت الدبلوماسية الأردنية الرشيدة الشجاعة المؤزرة بتوجيه وإسناد جلالة الملك جهوداً تستحق الثناء في مرحلة من أكثر مراحل العالم المعاصر استهتاراً وعبثاً وازدواجية في المعايير والتعامل؛ ازدواجية أظهرت الحقائق التي يقوم عليها الغرب الذي يدير الشرعية الدولية كيفما يشاء ويرى، وهنا جاء رد الأردن بعد أن طفح الكيل ليقول للازدواجية الدولية (الغربية) عندما يكون قطع الماء والغذاء والدواء ووسائل الحياة عن الأوكرانيين جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فتتسارع القرارات وأكثر منها سرعة التنفيذ لما لا يكون الموقف كذلك عندما يتم قطعها عن الشعب الفلسطيني؟ لن نقبل بما يتعرض له شعبنا الفلسطيني وتتعرض له مقدساتنا وسيادتنا، وتهجير الفلسطينيين خطٌ أحمر.

قُرابة مئة سنة من الاعتداءات والإرهاب الإسرائيلي الصهيوني (وكل اعتداء أجنبي على آمنٍ أعزل في بيته وأرضه وتاريخه وجذوره فهو إرهاب ولا تكيلوا بمكيالين) اعتدوا على كل شيء؛ اعتدوا على أرض فلسطين والأراضي العربية الأخرى، ولم يعتدِ الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني وحده بل اعتدى أيضا على القوانين والأعراف وعلى دينهم الذي يدينون به، وعلى السيادة الأردنية الهاشمية على المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف إضافةً للتهديدات والتلويحات المستمرة والممارسات العدوانية لجيش الاحتلال وعصابات المستوطنين تحت حمايته سواء في القدس أو باقي المناطق الفلسطينية المحتلة، والاعتداء على معبر رفح كممر إنساني وحيد لشعبنا الفلسطيني في غزة وكل ذلك بمباركة غربية واضحة إذ باتت الأصوات الرسمية العنصرية اليوم علنية، وبات دعم فلسطين جريمة.

تبذل قيادتنا قصارى جهدها وتقاتل من أجل فلسطين وتتعرض لضغوط دولية وقيود بسبب ذلك ومع ذلك ماضية قدماً ملتزمةٌ بمبادئها وثوابتها، وعندما قالت وصرحت مراراً وتكراراً منذ زمن بأن ما يجري في فلسطين من اعتداءات وممارسات عنصرية هي انتهاكات للقوانين والأعراف الدولية وأن لذلك عواقب وخيمة، ولن يجلب ذلك سلاماً لمن أراد  السلام، وقد صرح بذلك جلالة الملك عدة مرات تحت قبة الأمم المتحدة وفي لقاءات عديدة محذراً من العواقب؛ ولكن الاحتلال ومن يسانده في هذا العالم جعل أحد أُذنيه من طين والأخرى من عجين، وعلى ضوء تخلي المجتمع الدولي عن دعم الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) التي أسسها هو من أجل التغطية على كوارث الاحتلال الصهيوني، وتخلي المجتمع الدولي عن دعم اللاجئين السوريين في الأردن بالشكل المطلوب، وبحسب التصريحات الفجة التي سمعناها مؤخراً من الغرب أرى شخصياً ونحن دولة ديمقراطية وفيها حرية الرأي والتعبير مكفولة أن الأردن يتعرض إلى ضغوط وقيود دولية غير مباشرة بسبب مواقفه.

هذا هو الحال؛ تقع المنطقة تحت ضغوط عبث النظام الإيراني في المنطقة وفي غزة، والانحياز الأمريكي التام والصريح للاحتلال الإسرائيلي والعدائي في مضمونه ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقد كان ذلك واضحاً في تصريحات الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته إذ تخطيا العامل القانوني والدبلوماسي والإنساني في تصريحاتهما كمسؤولين رسميين وتناسيا أن أمريكا دولة راعية للسلام بالمنطقة فكان من المفترض بها أن تكون وسطية وعنصر تهدئة وأن يعترفوا هم والعرب والعالم أجمع بأن ما يجري هو نتيجة عدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والإصرار على سلب حقوق الفلسطينيين، ولقد أخل الأمريكان بكافة تعهداتهم وقيمهم التي ادعوا بها وشعاراتهم التي أسقطوها بتصريحاتهم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة وعموم الشعب الفلسطيني، ويبدو أن النظام الإيراني على وفاق مع الأمريكان بشأن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني منذ أن قام بشق الصف الوطني الفلسطيني ولم يراعِ في الحسبان أهمية وضرورة وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة العدوان والاحتلال والعمل على نيل كامل حقوقه المشروعة، لكنه -أي النظام الإيراني- لم يكن له هدف سوى أن يصنع لنفسه رقماً من خلال المزايدة على القضية الفلسطينية والمغامرة بشعبها من أجل مخططاته وفرض هيمنته بالمنطقة، وما يؤكد التوافق بين نظام ولاية الفقيه والأمريكان والغرب هو دفاعهما عنه بأنه لا توجد أدلة على تورط النظام الإيراني في الصراع على الرغم من تأكيد الإيرانيين أنفسهم على تورطهم، واليوم تتكشف حقيقة ملالي إيران وحزب الله وكافة من يدور بفلكهم كما تكشفت حقيقة الأمريكان والأوروبيين وغيرهم، والملالي والغرب مُدانون على حدٍ سواء؛ فالملالي إضافة لشق الصفوف والفتن وتهديد استقرار المنطقة؛ استخدموا القضية الفلسطينية للمزايدة والاستعراض، وورط الملالي بعض القوى الفلسطينية وغدروا بهم وتركوهم في جحيم المعارك بمفردهم، وغامروا بأرواح الأطفال والنساء والمسنين وعرضوا المنطقة لمخاطر لم تكن في الحسبان وكان فعلهم الأهوج خدمة للأعداء أعداء القضية الفلسطينية التي يتاجر بها الملالي.

  نتحمل نحن العرب مسؤولية ثقيلة ومرهقة ليس بسبب استهتار المحتل وسوء مواقف الأمريكان فحسب بل أيضاً وللأسف الشديد بسبب بعض المواقف العربية التي جاءت على غير المؤمل والمتوقع على كافة الصُعد.

طوبى للصادقين.. والمجد للشهداء.

ليفانت - د. عيد النعيمات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!