الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
جنيف 1 فقد صلاحيته عمليا وفعليا
علي الأمين السويد

علي الأمين السويد


من أبجديات إدارات الدول، أن القرار السياسي تدعمه وتحميه البندقية الملتزمة بتنفيذ قرارات صانع القرار السياسي. وعندما يكون السياسي مجردا من القوة تندرج سياسته تحت مسميات التنظير او النشاط السياسي الشخصي الذي مهما كان كلامه عظيما وحساسا فقد يوثر على مجموعة من الافراد دون أن يكون له أثر حقيقي على المجتمع.


وهذه الحقيقة لم تغب هذه عن نظام الأسد لحظة واحدة، فقد فهم منذ بداية اغتصابه للسلطة في سورية أن السلاح المسلط على رقاب البسطاء هو الذي يصنع السياسة الداخلية والخارجية.


وبسبب السلاح، استطاع النظام الأسدي التعامل مع الالتزامات السياسية المحلية والاقليمية والدولية باستراتيجية إفراغ هذه لالتزامات والمعاهدات من محتواها الحقيقي وتطويع البديل ليكون أدوات بيده يستخدمها كيف يشاء، وهذه الاستراتيجية جعلته يبدو كنظام ذكي بينما هو في الحقيقة نظام قاتل و مجرم خارج عن القانون.


ولنا في اتفاق الطائف المثل


ففي عام 1989 نجحت الدبلوماسية السعودية في جمع الأطراف اللبنانية المتناحرة على طاولة الحوار في الطائف وانتجت اتفاقا سمي “اتفاق الطائف” كان من أفضل الممكن حينئذ.


وكان الاتفاق يهدف الى هدنة وطنية يتوقف فيها الرصاص ليسمع اللبنانيون أنفسهم وهم يتحاورون لعل ذلك يساعدهم على بناء وطنهم ونبذ العنف الطائفي والديني والعنصري. وكان من شروط الاتفاق انسحاب جيش النظام السوري من لبنان بعد عامين من سريان الاتفاق. فماذا حدث؟

قام النظام السوري بقتل الرئيس الراحل رينيه معوّض بعد 17 يوما من انتخابه حسب اتفاق الطائف ليجعل منه القطة التي يقطع العريس رأسها ليلة دخلته على عروسه.

والنتيجة كانت أن ساسة سلطات لبنان جميعهم ركعوا للنظام الاسدي، وأصبحوا عملاء له وفق اتفاق الطائف ذاته. ومنذ ذلك اليوم الى ساعة كتابة هذا المقال تفنن ساسة لبنان برئاساته الثلاث في التعبير عن الخضوع والتبعية للنظام السوري ولم يفلت من العبودية إلا من رفض أن يكون عبدا للنظام وهم شخصيات قليلة يُكن لها كل الاحترام والتقدير.


ولم يفلت من العمالة والعبودية إلا الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان تم قتله عندما ظنّ أنه رئيس حكومة لبنان فعلا.


فإن كانت الحال هكذا في لبنان وهو دولة مجاورة لسورية واقع تحت السلطة السورية حتى هذه اللحظة بالرغم من أن المجتمع الدولي ركل الجيش الاسدي خارج لبنان منذ زمن بعيد، فكيف الحال في الـــ 60 % من سورية التي يحميها النظام الاسدي؟


كيف سيستطيع وزراء المعارضة تنفيذ أي قرار حكومي يعارض رغبة نظام الأسد باستخدام بنادق الأسد ذاتها؟ من يصدق بأن وزيرا سيكون بإمكانه أن يقيل رئيس المخابرات السورية وأن يعين شخصا من المنشقين مكانه؟ من سيمكنه من هذا الفعل؟ ما هي الأداة؟ هل كلما أراد تطبيق قرار سيلجأ ذلك الوزير للأمم المتحدة لتساعده على نقل عنصر امن من حلب الى الدير مثلا؟


وجود معارضين في حكومة نظام الأسد سيكون شكليا ومؤقتا وخصوصا بعد قتل عدة منهم ليكونوا رينيه معوض 2 ورينيه معوض3 و هكذا.


هل انشاء اللجنة الدستورية يندرج ضمن بنود جنيف واحد؟


تضمنت بنود جنيف انشاء هيئة حكم انتقالي لا يكون الأسد فيها. ومن أعمال هذه الهيئة كتابة دستور أو تعديل دستور أو تطوير دستور يوافق عليه الشعب السوري.


ومن البديهي أن الدستور يكتبه البرلمان، وبما انه هنالك هيئة حكم انتقالي، فالمفروض أن تقوم هيئة الحكم الانتقالي بالدعوة الى انتخابات نيابية تفضي الى تأسيس مجلس نيابي، يقوم المجلس النيابي المنتخب بإنشاء لجنة تكتب الدستور، ومن ثم يعرض الدستور على الاستفتاء الشعبي.


فهل تشكلت هيئة الحكم الانتقالي والأسد ليس فيها حتى يتم تأسيس لجنة للدستور؟


كما قلنا، فإن النظام الاسدي وداعموه بارعون في تفريغ الالتزامات والتعهدات المحلية والدولية من معانيها. فقد قفز النظام الاسدي وحلفاءه الاتراك والإيرانيون والروس فوق بند انشاء هيئة الحكم الانتقالي، وفوق شرط عدم وجود بشار الأسد في السلطة، وفوق عدم انتخاب برلمان شرعي، وفوق صلاحيات البرلمان الشرعي في كتابة الدستور الى فقط تأسيس لجنة تكتب الدستور.


وللعلم فإن النظام الأسدي ينظر بازدراء الى لجنة الدستور التي لم يتم الإعلان عن اسم واحد فيها دون موافقته. لقد تمت موافقة النظام الاسدي على 150 عضوا: 50 عضوا من النظام، و مثلم من المحايدين، و مثلهم من المعارضة. قام النظام بالاعتراض على بعض المعارضين فتم تغييرهم واستبدالهم بشخصيات رضي عنها النظام. ولم يتقدم وفد المعارضة باعتراض واحد على أية شخصية وضعها النظام في وفده، بل لم يتجرأ الوفد على ذلك.


أفلا يحق لنا القول بأن جميع أعضاء لجنة الدستور عملاء للنظام؟


كما ان معظم الأسماء المعارضة والمحايدة ليس لها علاقة بالسياسة ولا بالقانون ولا بكتابة الدستور كما تقول المعارضة التي تتحسر على عدم اشراكها في اللجنة حسدا من عند انفسهم، فإن أعضاء وفد النظام لا يقلّون عدم كفاءة و بعد تخصص عن نظرائهم من المعارضة و من وفد الامعات، عفوا المحايدين. وهذا يدل على استهزاء النظام بلجان الدستور وبقيمة ما سيفعلونه إن اجتمعوا.


و هنا أود ضرب تحد لممثلي المعارضة الذين يدعون أنهم معارضة و انهم مع ثورة الشعب و أن عملهم ذا قيمة بأن يكونوا هم جميعهم او بعضهم مشارك في حكومة نظام الأسد بعد كتابتهم اجمل دستور في العالم. إن كان صادقين فليكونوا في فوهة المدفع تطبيقا للمثل السوري القائل:”طباخ السم، بيدوقوا.”


هل مازال جنيف صالحا للتطبيق؟


جنيف واحد أو القرار 2254 مازال صالحا في حال تم فرضه بقرار من مجلس الامن تحت الفصل السابع، و بما أن هذا الشرط من المستحيلات السبع، فيمكن القول بأن جنيف واحد و القرار 2254 اصبحا من الماضي و لا يمكن تطبيقهما.


فالظروف التي ولد فيها جنيف واحد كانت مناسبة لتطبيقه. فقد كانت المعارضة المقصودة او جناح الثورة يسيطر على 50 % من سورية و النظام يسيطر على الباقي. فكان يمكن للمعارضة ان يكون لها سلاحها في الجيش الذي يحمي قرارات وزرائها.


أما اليوم فسورية عبارة 60% من سورية 2012 و كلها تحت سيطرة النظام السوري و الاحتلال التركي و الاحتلال الإيراني و الاحتلال الروسي و الاحتلال الحزب اللاتي اللبناني، فكيف سيستطيع وزير من المعارضة اغلاق باب غرفة نومه على نفسه دون موافقة هؤلاء القوى المحتلة؟


أما الــ 40 % المتبقية من سورية فهي بيد مجلس سورية الديمقراطي الذي لا يجرؤ الأسد و حلفائه على دعوتهم لأي فعالية سياسية لان مسد تستطيع فرض شروطها على الجميع بحكم قوتها السياسية الوطنية و العسكرية التي تفوقان قوة النظام الاسدي الوضيع.


ما هو الحل الثوري الذي ينفع الثورة و سورية الوطن؟


اليوم 60 % من سورية الآن يقع تحت الاحتلال التركي و الإيراني و الروسي. و الدول المحتلة تحتاج الى تحرر من الاحتلال و ليس الى لجان دستورية و لا الى قرارات اممية توفق بين رئيس ميليشيا الأسد بشار و بين شخصيات لا حول ولا قوة لها.


وهنا أدعو الشعب السوري لإعلان حرب التحرير ضد قوى الاحتلال التركي و الإيراني و الروسي و اللبناني، و ادعو دول العالم ذات المصلحة في هذا النضال لأن تبادر لدعم الثوار الذين ينذرون انفسهم لتحرير بلدهم من رجس المحتل الأجنبي.


 


 




كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!