الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
حزب اللواء السوري.. حاجة محلية أم صفحة فيسبوكية؟
درويش خليفة

لا أدري ما الدافع لإطلاق حزب سياسي في قطاع جغرافي محدد ليس له هوية واضحة تعبر عن تطلعاته ورؤيته وبرنامجه السياسي، سوى من خلال تصريحات صحفية ولقاءاتٍ تلفزيونية لأمينه العام ومدونة واحدة فقط على صفحة الحزب في موقع "فيسبوك". حتى إن شعار الحزب logo يُظهر أنه يحمل طابعاً مسلحاً من خلال وجود بندقيتين متقاطعتين، وفي وسط النجمة الحمراء "سيفٌ مستقيم"، بالإضافة إلى تأطير الشعار بالسنابل الذهبية، أي خلطة في الهوية البصرية للحزب، تضع المتابع في حيرة من أمره، إذا أراد تحليل ما يصبو إليه مؤسسو الحزب قبل أن يصدروا أوراقهم التي ينبغي أن تحمل أدبيات وأهداف كيانهم السياسي. حزب اللواء السوري


التصريحات الإعلامية التي وردت على لسان مؤسس "حزب اللواء السوري"، الذي يعتبر محافظة السويداء نقطة ارتكاز بالنسبة لهم، تقول إن هدفهم سياسي وليس لديهم ارتباطات بقوى إقليمية ودولية، ويتبين تنسيق قادة الحزب مع "قوة مكافحة الإرهاب" في المحافظة. ولكن من يتعمق في متابعته للموضوع سيجد أن الصورة الرمزية لصفحة الفصيل المسلح "قوة مكافحة الإرهاب" على موقع فيسبوك تظهر جندياً يضع شعار الحزب على كتفه. وبالتالي، تشير التحليلات إلى وجود صلة مباشرة بين الحزب والقوة المسلحة، وهذا يشبه تجربة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بجناحها السياسي "مسد".


إن التأكيد على وحدة أراضي سوريا ليست شعارات حزبية، كما ورد في مدونة الحزب على موقع "فيسبوك"، بل مسلمات يجب على جميع السوريين، وبكل توجهاتهم وانتماءاتهم الحفاظ عليها، لأنها جزء أصيل من سيادة سوريا واستقلالها.


واقع الحال في السويداء يتطلب وبإلحاح شديد تضافر الجهود لانتشالها من الحالة التي تعيشها مع باقي المحافظات السورية، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية وحالة اللامبالاة الحكومية التي تُمارس على السويداء بسبب مواقف أبنائها من النظام وتصرفاته تجاه السوريين كافة. كان آخرها زيارة وفد حكومي كبير من أجل إغراء وجهاء وشيوخ المدينة بمشاريع تنموية، على أن يتم حثّ سكان المدينة من أبنائها والمهجرين إليها للتوجه إلى مراكز الانتخابات ولعب دور الكومبارس في المسرحية الهزلية المسماة "الانتخابات الرئاسية السورية". حزب اللواء السوري


ثمة أقاويل حول توجهات قادة الحزب لتشكيل إدارة ذاتية أو فيدرالية تفرض أمراً واقعاً على الجغرافيا السورية الممزقة بفعل الصراع المسلح والتداخلات الإقليمية والدولية، لكن المعطيات في حالة السويداء تختلف عن مثيلتها في المنطقة الشرقية من سوريا. حيث تغيب أهم المقومات، كالموارد طبيعية والكثافة سكانية والمعابر الحدودية، والأهم من كل ما سبق؛ فقدان المشروع للدعم الخارجي الإقليمي أو الدولي.


ادعاءات النظام المتكررة بحمايته للأقليات في سوريا، لم تنعكس يوماً على الواقع المعيشي في السويداء ولاسيما في العقد الأخير، إذ لم يوافق النظام يوماً على فتح معبر للسويداء مع الأردن، وبالتالي فرض طوق على المحافظة، مفاتيحه بيد النظام وفروعه الأمنية.


وكما قال شيخ الكرامة الراحل "وحيد البلعوس": "النظام لا يقيم أي اعتبار لأبناء الطائفة الدرزية، كما غدر بنا وقام بإطلاق النار علينا من الخلف، في "معركة داما" التي ذلّت النظام، الذي يصفنا بالإرهابيين بينما يصف رجاله الفاسدين بالوطنيين".


وفي ضوء كل ما ذُكر، أعتقد أن جرّ الدروز إلى معركة عسكرية مع النظام، لن تكون في مصلحة الجميع، بسبب اختراق النظام وفروعه الأمنية لكل الطوائف، ووقوف كثيرين منهم إلى جانبه في معركته ضد الشعب السوري. وبالتالي سيؤدي امتداد الصراع إلى لبنان، وقد تندلع أزمة طائفية هناك، بسبب العلاقات المتأزمة بين "حزب التقدم الاشتراكي" بزعامة وليد جنبلاط و"حزب الله" الذي ينتشر في السويداء ويروج المخدرات فيها بشكلٍ علني، وعلى مرأى الجميع، فأي مواجهة من هذا النوع قد تأخذ المنطقة باتجاه صراعٍ مفتوح تؤول إلى ما لا يحمد عقباه.


 السويداء لم تتقاعس عن مواكبة الحراك الشعبي


شاركت السويداء في الثورة السورية منذ أيامها الأولى من خلال اعتصام نقابة محامي السويداء للتعبير عن رفضهم استخدام النظام لآلة القتل بحق جيرانهم في درعا. وكانت تنسيقية السويداء نشطة إبان الحراك السلمي، وفي الشهر السابع من عام 2011، أصدر أحرار السويداء بياناً، أكدوا فيه على التزامهم بحق الشعب السوري في الانتقال نحو الدولة الديمقراطية، وعدم الانجرار نحو خطاب النظام الذي يحضّ على الكراهية والطائفية. حزب اللواء السوري


ولم يتوقف الحراك عند هذا الحد؛ ففي صباح عيد الأضحى عام 2011، قامت مجموعة من الشابات والشبان من السويداء بإلصاق منشورات تطالب بالحرية وإسقاط النظام. تلاه عدة نشاطات أخرى بإحراق تمثال حافظ الأسد مرتين، ليقوم النظام فيما بعد باستفزاز أهالي المدينة باعتقاله للطالبتين الناشطتين "سحر أبو زين الدين"، و"آمال سلوم".


وشهدت المدينة خلال الأشهر القليلة الماضية حراكاً واسعاً، عبروا فيه عن رفضهم لممارسات النظام وعدم إيلائه أي أهمية للمدينة من حيث الخدمات والوضع الاقتصادي المتهالك، إضافة إلى غض نظر قوات النظام عن وجود داعش في بادية السويداء، مما يشكل تهديداً مباشراً للمنطقة وهذا ما أثبتته حادثة "الأربعاء الأسود" في منتصف عام 2018، التي قُتل فيها 254 من أبناء السويداء و2 من النازحين إليها و5 شبان من مقاتلي الفزعة الذين قدموا من جرمانا في ريف دمشق ذات الصبغة الدرزية.


في الختام، السويداء بحاجة لتمثيل فعلي ضمن أطر وطنية سياسية-عسكرية، للعمل على مشروع تحرري يزيل كافة أشكال التطرّف التي جلبها نظام الأسد إلى سوريا، وإعادة البلاد إلى شكلها الطبيعي، دولةٌ مدنية تراعي حقوق مواطنيها بعيداً عن التعصب الطائفي والقومي، وطناً للجميع. حزب اللواء السوري


درويش خليفة


ليفانت -  درويش خليفة ليفانت

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!