الوضع المظلم
السبت ٢٣ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • خارطة الشرق السوري.. الطامعون كثر والمدنيون خارج الحسابات

خارطة الشرق السوري.. الطامعون كثر والمدنيون خارج الحسابات
الشرق السوري

 ليفانت – نور مارتيني 


 





تعيش المنطقة الشرقية في سوريا، مرحلة جديدةً من التجاذبات، بدأت إرهاصاتها مع توقيع الاتفاق النفطي، حيث بدأت الأحداث تتسارع بعد ذلك، فمن استهداف شيوخ العكيدات، وشيوخ العشائر، إلى عودة شيخ الفواعرة إلى نظام الأسد، وسط استقبال حافل، وصولاً إلى الاغتيالات المتبادلة في صفوف القوى المتواجدة على الأرض.



 




يضاف إلى كلّ ما سبق ملامح حرب باردة بين الأمريكان والروس في مناطق شرق سوريا، عنوانها استعراض العضلات، وفرض الهيمنة البرية عن طريق تسيير الدوريات، واستجلاب التعزيزات، فضلاً عن قيام الولايات المتحدة بفرض منطقة حظر جوي خاصة بها، في سوريا، بعد اعتراض طائرة إيرانية قيل أنها طائرة مدنية.


اقرأ المزيد: وحدات “حماية المنشآت النفطية”..تحلّ مكان قسد في حقل “العمر”


يظهر اليوم داعش ليزيد من تعقيد المشهد، المعقّد أصلاً، بسبب محاولات التمدّد التركي عبر الشمال السوري، والمحاولات الحثيثة لإحكام السيطرة على الشريط الحدودي، يضاف إليه التمدّد الإيراني شرقاً وجنوباً، على امتداد البادية، التي أفرغها داعش سابقاً من مدنييها، الذين لم يعودوا إليها قط، وحوّلها الروس والإيرانيون، بالاستعانة بميليشيات النظام والميليشيات متعدّدة الجنسيات الرّديفة له، مضافاً إليها ميليشيا “حزب الله” اللبنانية إلى قاعدةٍ عسكرية مترامية الأطراف، مستفيدين من الموقع الجغرافي، وانعدام أشكال الحياة المدنية.


في ظلّ كلّ هذه الظروف، تبرز بشكل أكبر قضايا أكثر تعقيداً، منها وباء كورونا الذي ضرب اقتصادات أعتى الدول، فكيف يكون الحال مع دول أرهقتها سنوات الحرب والقتل التدمير التي قاربت على العشر؟ بالتزامن مع استغلال بالغ السوء لـ”قانون قيصر” من قبل النظام وحلفائه، الذين رهنوا فتح المعابر الإنسانية وإنقاذ المدنيين، بإنقاذ النظام من براثن العدالة الدولية!



داعش..جندي النظام السوري المجهول



لم يشكّ السوريون يوماً بضلوع النظام في تصدير داعش، وهو صاحب الباع الطويل في تصنيع المرتزقة، وإقحامهم في مشاكل اجتماعية وحروب أهلية، غير أنّ النظام الذي لم يأبه يوماً إلا لشهوة القتل التي تضمن بقاءه حاكماً على أنقاض بلد، فيما يسعى إلى اقتلاع الاعتراف بالشرعية الدولية، بذريعة اجتثاث داعش، وهو ما قام به فعلاً بمؤازرة الحشد الشعبي الذي ادّعى القضاء على داعش عام 2017.


اليوم، يعود الداعش بالسلوك ذاته، والذريعة هي استهداف جنود النظام، ولكن الجديد في الأمر أن قوات النظام السوري ذاتها، لم تعد قسماً واحداً، فجزء من الجيش بات يتبع لإيران، والقسم الآخر لروسيا، وبذبك باتت هذه المقولة تفتقر إلى الدقّة، بمعنى.. هل يستهدف داعش الجيش بكلّ مكوناته فعلاَ؟


اقرأ المزيد: شرق سوريا.. داعش يذبح شخصين ويفرض إتاوات على تجّار المحروقات


كان قد جرى الادّعاء بأنّ عناصر من تنظيم داعش قاموا بشن هجوم، فجر الخميس، على موقع عسكري، يتبع “الحرس الثوري الإيراني” في منطقة جويف ضمن بادية الميادين شرقي مدينة دير الزور.



وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 9 من العناصر المحليين ضمن قوات “الحرس الثوري” الإيراني، بالإضافة إلى مصرع عنصرين، من خلايا تنظيم داعش.


وتزامن ذلك مع دخول أولى طلائع القوات الروسية إلى مدينة البوكمال، معقل الميليشيات الإيرانية في سوريا، والتي تعرّضت مراراً لضربات جوية من قبل التحالف وإسرائيل، في الآونة الأخيرة. 


وكان  الحرس الثوري الإيراني قد استدعى 4 ضباط من قوات النظام السوري؛ بينهم تابعون لجهاز الأمن العسكري، وأُبلغوا “رسالة شديدة اللهجة” خلال لقائهم أحد قادة “الحرس الثوري” الإيراني في البوكمال.


حيث استبعد القيادي الإيراني ضلوع تنظيم “داعش”في العملية، استناداً إلى شهادات أهالي المنطقة، “ممن شاهدوا الشخص الذي استهدف عناصر (الحرس الثوري) بمنطقة الوادي داخل مدينة البوكمال، يوم الخميس الماضي، وأكدوا أنه كان يرتدي الزي العسكري التابع لقوات النظام السوري”. كما كشف القيادي الإيراني عن العثور على “الدراجة النارية التي استخدمها منفذ الهجوم وقد تركها قرب إحدى المزارع قبل أن يلوذ بالفرار.



تقليم أظافر “قسد”



مع توقيع الاتفاق النفطي، بدأت حملة الاغتيالات التي طالت وجهاء بعض العشائر في المنطقة، وشهدت المنطقة اضطرابات أمنية، وتصعيداً ضدّ قسد، اضطرّها إلى سحب حواجزها من المنطقة، بالتزامن مع محاولات استهداف قيادييها في دير الزور، في محاولات تفجير وتصفية، نجح بعضها وفشل الآخر، ناهيك عن الاختراقات الأمنية لكوادرها، من قبل جهات عدّة تمكّنت قسد من كشفها حيناً، وهرب بعض هؤلاء الكوادر مرات أخرى.


وكانت وحدات “حماية المنشآت النفطية” المدعومة والمدربة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، قد تولّت مسؤولية حماية حقول وآبار النفط في ريف دير الزور، وتم رفع رايتهم الخاصة بعد إزالة راية “قسد” ووحدات حماية الشعب، التي كانت مرفوعة في حقل العمر النفطي.


اقرأ المزيد: روسيا تجدّد مطالبتها لقسد بتسليم عين عيسى للنظام السوري


وكان المرصد السوري قد رصد، قبل أسبوع، خروج مظاهرة في بلدة الكسرة الخاضعة لنفوذ “قسد” في ريف دير الزور، احتجاجاً على فساد المجالس المدنية وتسلط كوادر “حزب العمال الكردستاني” على مؤسسات “قسد” في ريف دير الزور، بحسب تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان.


كذلك أفادت مصادر مطّلعة أنّ موسكو خيّرت قوات سوريا الديمقراطية، بين إخلاء بلدة “عين عيسى”، التي تحوي قاعدة عسكرية، وتسليمها للنظام السوري، أو تكرار ما حدث في عفرين، وإعطاء الضوء الأخضر لتركيا، من أجل شنّ عملية عسكرية فيها. 


حيث تشير بعض التسريبات إلى حصول اتفاق بين دمشق وموسكو و”قسد”، تضمن تشكيل 3 نقاط حول عين عيسى، وسط تردد أنباء عن تعثر الترتيبات بسبب رفض “قسد” الخروج من عين عيسى.



الدور الروسي.. شرطي في المنطقة



تصدّر روسيا نفسها كشرطي في المنطقة، من خلال الظهور بمظهر المخلّص القادر على ضبط إيقاع الأحداث في الشرق السوري، مستعينة بـ”قنابل بشرية” موقوتة، سواء من خلال مرتزقة فاغنر الذين انتشرت فضائح حول التمييز في المعاملة بينهم وبين قواتها الرسمية، على لسان المقاتل “جابيدولين” مدرّب “صيادي داعش”، أو أولئك الذين جمّعتهم من خلال “اتفاقات المصالحة والتسويات” من هنا وهناك، وهم الآخرون لا تعنى بأمرهم، وصولاً إلى كلّ الفصائل العسكرية التي خذلتها بسبب اختلاف طبيعة المرحلة.


حيث قامت باستهداف داعش جواً، وميليشيات إيران والنظام السوري من خلال وكلائها في الفيلق الخامس، بالإضافة إلى محاولاتها المستفيدة لكبح جماح الطموح الأمريكي في المنطقة، مع توجيهها ضربات نوعية وتكتيكية لتركيا والفصائل الموالية لها، كلّما اقتضى الأمر.



غير أنّ كلّ هذه المحاولات، اصطدمت بالتلويح بشمل كيانات روسية، في قائمة عقوبات قيصر، حيث يتمثل الخطر الأكبر -وفقاً لخبراء روس- ليس فقط في القانون نفسه الذي يفرض قيوداً وعقوبات ضد الشركات والمؤسسات السورية فضلاً عن الأفراد؛ بل في تضمينه طلباً للرئيس الأميركي بفرض عقوبات ثانوية على السلطات والشركات والأفراد من البلدان الأجنبية المتعاونة مع سوريا.


والأمر هنا مرتبط بقطاعات محددة توليها روسيا أهمية فائقة، بينها التجارة والتعاون الاقتصادي في قطاعات صناعة النفط، وصناعات الطيران، والإنشاءات، فضلاً عن النظام المصرفي، وكلها قطاعات وضعت الشركات الروسية أحلاماً كبرى على السوق السورية فيها.


وسط كلّ هذه التجاذبات، تستغلّ كلّ قوى الأمر الواقع المشهد، لتزيد من وطأة ظروف الشتاء القاسية، وانتشار كورونا الوبائي في سوريا، فتزيد من مرارة معاناة المدنيين، فتركيا تهجّر ما تيسّر لها وتقطع المياه عن الحسكة، ويمعن داعش في غيّه ويطالب المدنيين بالإتاوات بل ويعاود نشاطه الإجرامي، فيما ينقسم العسكريون بين موالٍ لروسيا وموالٍ لإيران، وتحكم أمريكا قبضتها على منشآت النفط.


 

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!