-
خطوة إلى الإمام خطوتان إلى الوراء.. وجبهة السلام والحرية مع المجلس الوطني الكوردي
يحقّ للينين أن يدافع عن المبدأ الحزبي ضد المبدأ الحلقي، وعن الحزب ضد المخربين المناشفة، ويسحق انتهازية المناشفة في قضايا التنظيم، ويضع الأسس التنظيمية للحزب البلشفي، الحزب الثوري النضالي المصنوع من طينة جديدة. #
في كتابه الشهير “خطوة إلى الأمام خطوتان للخلف” ( 1904)، إنّ لينين “صاغ للمرة الأولى في تاريخ الماركسية عقيدة الحزب بوصفه المنظمة القيادية للبروليتاريا، بوصفه السلاح الرئيس الذي لا يمكن بدونه كسب النضال من أجل دكتاتورية البروليتاريا” (تاريخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي)، إنّ خطوة إلى الأمام خطوتان للخلف، يعلّم المرء الأهمية العظيمة التي يتمتع بها التنظيم والانضباط.
على ما يبدو قام المجلس الوطني الكوردي بتطبيق هذه المقولة بشكل مغاير تماماً، فقد ناضلوا ومند تأسيس أول حزب عن قضيتهم القومية، وهي من ثوابت عقيدتهم، كما واستبشر الناس خيراً وتفاؤلاً بالتقارب الكوردي_الكوردي، فمنذ ما يقارب العام، والإدارة الأمريكية عبر سفيرها، ويليام روباك، ومستشاريه من الخارجية الأمريكية في المنطقة الكوردية أو الشمال السوري، حسب تعريف البعض، تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين الكورديين الرئيسين (المجلس الوطني الكوردي، وحزب الاتحاد الديموقراطي وحلفائه) بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي، إداري، عسكري شامل، ينهي حالة الخلافات القائمة بينهما. فالمفاوضات ما زالت جارية بين الطرفين الكورديين برعاية وضمان أمريكي، ودعم من قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الجنرال، مظلوم كوباني، بتنسيق مع قيادة إقليم كردستان. تم الإعلان مؤخراً عن الانتهاء من المرحلة الأولى، بالتوافق على رؤية سياسية مشتركة حيال جملة من القضايا الحساسة تهمُّ الكورد ومكونات المنطقة وسوريا عموماً، كالموقف من النظام، والمعارضة، ودول الجوار، والعملية السياسية، وفق مسار جنيف. السلام والحرية
ومن المؤكد لن يكون الاتفاق الكوردي_الكوردي نهاية المطاف بالنسبة للسياسة الأمريكية الجديدة في سوريا، كما أعلنت عنها في بيان مقتضب على صفحة سفارتها في دمشق. وما هو مؤكد، أنّ هذه المفاوضات ستتوسع لاحقاً، أو بالتوازي، لتشمل بقية مكونات المنطقة العرقية والدينية والسياسية، لتتوّج باتّفاق شامل على تشكيل إدارة بمرجعية سياسية سورية صرفة، ومن هنا نلاحظ التحول والتنازل الذي طرأ على موقف المجلس الوطني الكوردي وهو مشروعهم القومي تدريجياً. ويحسب المجلس الوطني الكردي بأنّهم أصحاب مشروع قومي، وpyd ليس لديها أي مشروع قومي، فمشروعها أمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، ومع ذلك دخل المجلس الحوار مع pyd لتوحيد الصف الكردي، وهي خطوة مباركة دون أدنى شك. فالخطوة التي بادرت بها، أسعدت الشعب الكوردي في الداخل والخارج، وكشفت اللثام عن البعض، حيث خرجت الكثير من القوى السياسية والاجتماعية والثقافية المعادية، التي تخدم أجندات إقليمية، بالضد من إرادة الشعب الكوردي بالبيانات والتشهير وحتى إظهار حقدهم وعداوتهم من هذا التفاهم أو التقارب.
والآن تعلن عن تأسيس جبهة السلام الحرية مع السريان وبعض العشائر العربية، هنا سؤال يطرح نفسه، ما الفرق بين مبدأ المجلس الوطني الكردي والمجلس السوري الديمقراطي، أين مشروعهم القومي من مشروع الأمة الديمقراطية؟.
أما الخطوتان اللتان تراجعتا للخلف، الأولى، كانت حسب رأي غالبية الشعب وبعض الأحزاب الكوردية، هي بقاؤها بالائتلاف طيلة هذه السنوات، والتي انتهكت أفظع الجرائم بحق الشعب الكوردي واحتلال أراضيها، بمساعدة السلطان العثماني، في عفرين وتل أبيض ورأس العين.
أما الخطوة الثانية المفاجئة للشعب، هي الإعلان عن جبهة السلام والحرية، فما زالت الجولة الثانية لم تنتهِ بعد من الحوارات البينية بين المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكوردية بقيادة PYD، في ظل تفاؤل مزعوم من الطرفين وتحت رعاية أمريكية، وفي ظل صراع خفي بين رؤوس حامية وأخرى هادئة في الطرفين، حيث كلٌ يعمل لأجندات لم تعد خافية لأحد، وفي هذا التوقيت السيء يعلن المجلس الوطني الكوردي عن جبهة السلام والحرية مع تيار الغد والمنظمة الآثورية والمجلس العربي في الفرات والجزيرة وبرؤية سياسية تتضمن ألفباء معظم المنصات والجبهات والتحالفات المعارضة القائمة (سوريا دولة ذات سيادة، السياد للشعب، الالتزام بشرعة حقوق الإنسان، وكافة المواثيق… إلخ)، لكن دون ضمانات رسمية موثقة، وبحضور ممثلين عن الأمم المتحدة أو برعاية أمريكية، حيث لا بديل عن حقوق الشعب الكوردي، وحل قضيته العادلة وفق الدساتير والمواثيق الدولية. وتجربة إقليم كوردستان ماثلة أمام عيوننا، رغم الاعتراف الدستوري بها. السلام والحرية
بات واضحاً أنّ جسد المجلس الوطني الكوردي يعاني من الضعف والهزل، ولم يعد يمتلك أية عوامل قوة في ظل تشظّي أحزابها المؤسسة، وخروج حزبين رئيسين من صفوفها (التقدمي والوحدة)، وعدم التزام (البارتي) بقراراتهم، وفقدان إطارها السوري المعارض (الائتلاف)، لجماهيريتها في الأوساط السورية العامة، وظهور الدور المدمر لحليفتها تركيا في المقتلة السورية، وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالاستفادة من خبرة وتجربة pyd، باستقطاب القوى العربية والثورية وغيرهم، على حساب أهم قضية وهي قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية.
حيث أشار السيد فيصل يوسف حول أهمية “جبهة السلام والحرية”، إلى أنّه “من الضروري تطوير العلاقات مع هذه القوى في هذه المرحلة، لتعميق العلاقات المجتمعية الأهلية، والضغط باتجاه الحل السياسي للوضع السوري، وفق القرارات الدولية والمحافظة على السلم الأهلي”، حيث لخصت رؤية الجبهة بالمهام الأساسية:
1- العمل على حلّ مسألة التعدد القومي في سوريا، حلاً وطنياً ديمقراطياً عادلاً، وفق العهود والمواثيق الدولية.
2- الاعتراف باللغات الكوردية والسريانية والتركمانية، كلغات رسمية، إلى جانب اللغة العربية، في المناطق التي يشكلون غالبية فيها، ويتم أخذ رغبات القوميات الأخرى في خصوصية لغاتهم بعين الاعتبار، ويمكن للمناطق تحديد لغة أو عدة لغات إضافية كلغة رسمية.
3- العمل على تعزيز السلم الأهلي والاجتماعي بين مكونات منطقة الجزيرة وشرق الفرات، وفي كافة مناطق سوريا.
4- نبذ العنف والتعصّب والتطرّف، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله وصوره، والانفتاح على كافة القوى والمكونات السورية، والعمل على توفير أسس الشراكة الفعلية بينهم، وصولاً إلى بلورة هوية وطنية سورية جامعة لكل السوريين.
5- دعم وتشجيع الحوار بين السوريين من مختلف المكونات، لفتح المجال أمام حرية الرأي، وتشكيل رأي عام يستند إلى المزيد من التفاهمات والتواصل والعمل المشترك، في كافة المجالات الوطنية والقومية والإدارية. السلام والحرية
6- ضمان الحفاظ على مصالح المكونات القومية والدينية في البلاد، ومنع أي غبن بحقّهم سياسياً واقتصادياً وخدمياً، وضمان الحقوق التشريعية لهم عبر برلمان ذي غرفتين، تخصص الغرفة الأولى لممثلي الشعب المنتخبين، والغرفة الثانية لممثلي المناطق والقوميات والأديان. يتم تحديد مهام الغرفتين من قبل مختصّين والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.
7- مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالعمل الفوري والجاد من أجل إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، والكشف عن مصير المفقودين والمغيبين قسراً، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الأهالي، وتمكين اللاجئين والنازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية بأمان وسلام. 8- تقوم الجبهة بوضع برنامج عمل للتواصل مع القوى الإقليمية والدولية لشرح رؤية الجبهة حول الحل السياسي في سورية.
ولنعود إلى أمريكا، التي اعتقدنا، لوهلة، أنّها شبه غائبة طوال السنوات التسع الماضية من عمر الأزمة، باتت اليوم أكثر حضوراً في الملف السوري، وبدأت تصريحات قادتها المكلفين بإدارة الأزمة، تأخذُ طابعاً جديّاً في الإعلان عن حقيقة الموقف الأمريكي في سوريا، والذي يمكن تلخيصه في “أنّها لم تكن معنيّة بكل ما دار على الأرض السورية من جزئيات ومعارك، طوال الفترة السابقة، بقدر اهتمامها وحمايتها لمناطق محددة غنية بالنفط، في شرق الفرات”.
وهذا يدفعنا إلى عدّة تساؤلات، لماذا فرَّطت الإدارة الأمريكية بنصف مساحة شرق الفرات لصالح مجموعات مسلحة تابعة لتركيا، حليفة روسيا وإيران في أستانا إذاً؟ وما هي مصلحة دولة عظمى، مثل أمريكا، أن تدفعنا مجدداً إلى الاعتقاد، أنّ جغرافية الشمال السوري ومكوناته، بدأت تشغل حيّزاً مهمّاً في السياسة الأمريكية الحالية والمستقبلية في المنطقة؟ ثم ماذا استجدّ في الواقع السوري عامة، ومنطقة شرق الفرات خاصةً، حتّى تولي كل هذا الاهتمام بتشكيل إدارة تُمثّل جميع مكونات شمال شرق سوريا، السياسية والعرقية والدينية؟ وهل تحقيق أهدافها الثلاثة السابقة في سوريا، محاربة تنظيم داعش، وإخراج الإيرانيين وميليشيات حزب الله اللبناني من سوريا، وإعادة الأمن والاستقرار والبدء بالعملية السياسية وفق مخرجات جنيف1، وقرار مجلس الأمن 2254، للوصول إلى حل سياسي شامل، تمرُّ عبر بوابة تشكيل إدارة ذاتية، خاصة بمكونات شمال شرق سوريا، تضمُ كورداً وعرباً وآشوريين وسريان؟. السلام والحرية
فٍإذا كانت سمة السياسة الخارجية الأمريكية في سوريا، خلال النصف الأول من ولاية الرئيس، ترامب، عدم الجديّة والضبابية، فإنَّ الإصرار على أنّه لا حل في سوريا بدون عملية سياسية شاملة، وفق مسار جنيف، أصبح العنوان الأبرز للنصف الأخير من هذه الولاية.
باعتقادنا لو لم تحظى جبهة السلام والحرية بدعم قوي من أمريكا والغرب، لم تجرؤ على إعلان “استقلال الجزيرة وحوض الفرات” عن الدولة السورية، مشيرين، في بيان، إلى “أنّ اتفاقية سايكس_بيكو، التي رسمت الخرائط والحدود في المنطقة، وما تلاها من معاهدات دولية، أنتجت دولاً من دون العودة إلى السكان المحليين”، مشيرين إلى أنّ سكان هذه المنطقة، من عرب وكورد وآشوريين وتركمان، عانوا من التهميش والإقصاء منذ إنشاء الدولة السورية، حيث “كان سكان الجزيرة دائماً الحلقة الأضعف في المؤسسات السورية العسكرية والمدنية، إذ لم يكن هناك أيُّ تمثيل يعكس مصالح سكان المنطقة، رغم أنّها المصدر الأساسي للموارد”، وفق البيان.
وأشاروا إلى أنّ “الجزيرة تمتلك كافة الأسس والمقومات والموارد التي تؤهلها لقيام دولة مستقلة مزدهرة، تحقق مصالح سكانها، وترتبط بعلاقات حسن جوار مع محيطها”. السلام والحرية
ليفانت – ماهين شيخاني
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!