الوضع المظلم
الجمعة ١٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • ذروة الاغتيالات الإسرائيلية في إيران.. والانهيار القادم من الداخل

ذروة الاغتيالات الإسرائيلية في إيران.. والانهيار القادم من الداخل
إيران وإسرائيل \ ليفانت نيوز

تنتقل المواجهات الكلامية بين إيران من جهة وإسرائيل من الجهة المقابلة، إلى حرب قصف المليشيات الإيرانية في سوريا مرات ولبنان في أخرى، ومواجهات متقطعة هنا وهناك، وتسير بجانبها حرب الاغتيالات، التي يسعى من خلال جهازا المخابرات الإيراني والإسرائيلي إلى استباق بعضهما في كشف المخططات المضادة، أو تنفيذها بحق الخصم ومسؤوليه.

إيران تُطهّر أجهزتها

وفيما يؤكد أن الاستخبارات الإسرائيلية مخترقة للداخل السري لإيران، بدأت القيادة الإيرانية في بداية يوليو الماضي، بعمليات تطهير داخل الحرس الثوري الإيراني، حيث قبضت السلطات على جنرال كبير في الميليشيا، نتيجة الاشتباه بتجسسه لصالح إسرائيل، وذلك عقب أن أقالت الأسبوع الذي سبقه، رئيس استخباراتها حسين طيب.

وجاءت إقالة الطيب البالغ من العمر 59 عاماً، في أعقاب 3 حالات إحراج كبيرة لأجهزة المخابرات الإيرانية، يظن مسؤولو الأمن الإسرائيليون أنها تركت النظام "مصدوما ومنزعجاً"، وذلك تبعاً لما أورده تقرير لصحيفة "التليغراف" البريطانية، حيث نوهت المعلومات إلى أن مساعي الإحراج الأولى كانت عندما حاولت طهران، تنفيذ سلسلة هجمات انتقامية على مواطنين إسرائيليين في تركيا، فدقّت تل أبيب ناقوس الخطر، وأمرت مواطنيها بالمغادرة فوراً، وخلال الفترة عينها، احتجزت أنقرة مشتبهاً بهم اعتقدت أنهم يعملون لصالح خلايا تجسس إيرانية.

اقرأ أيضاً: إيران ترفض ربط وجود الحرس الثوري على قوائم الإرهاب ضمن الاتفاق النووي

أما الحالة الثانية، فكانت في ختام شهر مايو/أيار الماضي، عندما قامت إسرائيل بعرض سلسلة من الوثائق الإيرانية، بما في ذلك تفاصيل حول برنامجها النووي، في حين كانت الثالثة، عندما اغتالت إسرائيل اثنين من علماءها النوويين، من خلال إرسال عملاء لتسميم طعامهم في حفلات العشاء قبل أن يختفوا.

وفي ذات الفترة، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، عن "عقيدة الأخطبوط"، وذكر إنها برهنت فعاليتها، حيث تسببت بحدوث موجات صادمة في كل أرجاء القيادة الإيرانية، بينما كشف محللون إيرانيون أن رئيس مخابرات الحرس الثوري المطرود حسين الطيب، كان من أقوى الرجال في إيران، وعلى علاقة وثيقة بالمرشد الأعلى علي خامنئي، ضمن إشارة منهم إلى الضربة القاسية التي تلقتها طهران عقب انكشاف أمره.

تحذيرات إيرانية من تأثير الحرب المخابراتية

وفي ظل حالة من عدم اليقين داخل النظام الإيراني، وفي عرض نادر للتضامن العام، وقف وزير المخابرات الإيراني ورئيس مخابرات الحرس الثوري في يوليو، لالتقاط صورة جماعية، متعهدين بالعمل معًا لتعزيز الأمن، وهو مفهوم يعني محاربة العمليات الإسرائيلية داخل إيران، فيما أشار قرار كبح التنافس بينهما إلى القلق على أعلى مستويات المؤسسة الإيرانية، وكذلك الشارع الإيراني من تصاعد الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل، بما في ذلك اغتيال قائد على عتبة منزله في وضح النهار وسط طهران في مايو/أيار.

وتعهد إسماعيل الخطيب، وزير المخابرات والعميد محمد كاظمي بـ"تعاون أجهزة المخابرات والأمن" وسط مخاوف من أن حرب الظل المستمرة منذ عقود مع إسرائيل على وشك الانفجار، وذلك وفقاً لتقرير "فيننشيال تايمز"، فيما قال سياسي إصلاحي: "يبدو الأمر كما لو أن إسرائيل أنشأت منظمة واسعة النطاق في طهران وتدير عملياتها بحرية، ومن الواضح أن إسرائيل تستهدف صورة إيران "الآمنة للغاية" لتشويه عظمتها في عيون الناس".

اقرأ أيضاً: إيران تبدي الجاهزية لتبادل السجناء مع الولايات المتحدة

كما أشار التقرير إلى أن تلك العمليات شكلت صدمة لنظام يفتخر بأمنه، فيما قال محللون إن مدى التسلل الإسرائيلي إلى المؤسسة الإيرانية أصبح واضحاً أيضاً، وذكر أحد المحللين المحافظين: "التسلل قضية خطيرة للغاية، يحتاج النظام إلى التفكير في حل لها"، فيما قال أحد المقربين من النظام الإيراني: "تظل سياسة إيران قائمة على العمل مع القوات التي تعمل بالوكالة عنها، ولن نشن أي هجمات ضد إسرائيل إذا لم تهاجمنا مباشرة"، وأكمل: "ليس من الحكمة أن نقاتل إسرائيل، لقد أظهروا أسنانهم، لكنها ليست حادة بما يكفي لتصل إلى حد ضرب إيران".

فيما قال قائد الحرس الثوري العميد الركن حسين سلامي، في يونيو الماضي، في حفل تقديم رئيس المخابرات الجديد إن "حرب المخابرات هذه تحولت اليوم إلى الحرب الأكثر اتساقاً والأكثر واقعية"، مُحذراً من أن "العدو جلب كل وسائله إلى الميدان" وذكّر رفاقه بأن "العديد من الأنظمة" أطيح بها من قبل قوى عالمية من خلال عمليات استخباراتية، قائلاً: "العدو الولايات المتحدة وإسرائيل، ينويان نزع ثقتنا بأنفسنا وإفراغنا من الداخل"، وهذا هو "أخطر أنواع العدوان وأكثرها خداعاً، ونحن نحث الجميع للمساعدة في إحباط هذا الوهم".

وأقلقت تلك التقارير عن الهجمات المنتظمة على إيران، بالفعل بعض المواطنين الذين باتوا يشعرون بأمان أقل، وبالصدد قال مواطن إيراني: "من يعطي المعلومات للإسرائيليين؟.. إنها تأتي من داخل النظام، نشعر بالأمان، ولكن بعد ذلك من يدري، ربما ينهار النظام من الداخل بشكل مشابه لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية".

ذروة الاغتيالات

ووصلت تصفية علماء وعسكريين إيرانيين يعملون في المجال النووي والصاروخي والعسكري ذروتها خلال الأشهر الأخيرة، حيث نُسبت سلسلة من الوفيات المشبوهة وأعمال التخريب في إيران إلى إسرائيل، ومن ضمنها مقتل ضابطين في فيلق القدس ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري الإيراني، وبعض العلماء الشباب العاملين في صناعة الصواريخ والمسيرات، والانفجارات الغامضة التي طالت بعض الصناعات العسكرية الدقيقة والحساسة.

اقرأ أيضاً: النظام الإيراني.. ظاهر براق وباطن أجوف نتن

وقد توسعت العمليات في شهر مايو الماضي من هذا العام، لكن رغم ذلك، لم تكن تل أبيب راضية، إذ صرح مستشار الأمن القومي للحكومة الإسرائيلية، إيال حولاتا لقناة تلفزيونية، إن إسرائيل "لم تفعل ما يكفي" في إيران خلال العام الماضي، وبعد ذلك اقترح كبار المسؤولين الإسرائيليين مراراً وتكراراً على الرئيس الأميركي وضع "الخيار العسكري" ضد إيران على الطاولة، ولكن رد الرئيس الأميركي في كل مرة "الدبلوماسية" لا تزال الحل المفضل في التعاطي مع إيران.

وعليه، يبدو أن الخرق الإسرائيلي للحدود والسلطة الإيرانية، قد بات مزعجاً لنظام الملالي ومثيراً للخشية في صفوف بعض الإيرانيين، من أن المواجهة مع إسرائيل قد تحسم، حتى قبل أن يطلق أي منهما طلقة باتجاه الآخر في حرب مباشرة، فربما تلجئ تل أبيب إلى خيار يعجز الآخرون عن تنفيذه في طهران، باغتيال مسؤول كبير تكسر به ظهر السلطة الحاكمة، وتقلب الطاولة على المرشد ومريديه.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!