-
سر اللامبالاة في أوساط الإيرانيين هذه الأيام تجاه ما يجري في غزة وفلسطين
اللامبالاة وعدم الاهتمام الذي لم يتجنب كتاب النظام وبعض مسؤوليه الحديث عنه وتبريره فحسب بل وسعوا إلى التغطية على مسببات ذلك وطرحه كإفراز حدث لتوه ووبمبرراتهم أنفسهم بعيدا عن الحقيقة، وهنا سنبرره نحن ونوضحه.. ونقول ماذا يمكن للمرء أن يتوقع في مجتمع عاش قرابة مئة سنة من حياته المعاصرة في القهر والظلم والاضطهاد والقتل والعذاب في كافة مناحي الحياة، مئة سنة من الباطل والخداع والخروج عن القيم الإلهية والاجتماعية وتُختتم هذه المئة سنة بسلطة حكم الملالي الذين يمارسون الباطل كله باسم الدين، وشرح أوضاع الشعب الإيراني في ظل حكم ولاية الفقيه أمر يحتاج إلى سردية طويلة.، لكن الحقيقة وباختصار هي أن رفض الشعب للنظام وسلطته ووجوده وكل ما يرتبط به هي المسبب الرئيس في ردود أفعال الشعب الإيراني.
لا عجب فيما نراه ونسمعه ونقرأه حول حالة اللامبالاة وعدم الاهتمام في أوساط الإيرانيين هذه الأيام تجاه ما يجري في غزة وفلسطين، وحول قطيعة الشعب الإيراني مع نظام الملالي وسياساته ومع كل ما يرفعه من شعارات.. فقد بغى الملالي بتياريهما المُخادِعَين بغياً لا يمكن مقارنته ببغي غيرهم ولا يرى الناس في عباداتهم إلا عادة خلت من الإيمان.. الإيمان الذي لا يسمح للمرء بالظلم والبغي تحت أي عناوين أو ذرائع، وقد أحلوا لأنفسهم ومن أجل سلطانهم كل ما حرم الله فاستباحوا الدماء والحرمات وأهلكوا الحرث والنسل وكذبوا وخدعوا وغرروا.. فماذا ننتظر من ردود أفعال كافة أبناء الشعب الإيراني بدءا من عمر 14 عاما وحتى فوق 100 عام.. ماذا ننتظر، فلقد قتلوا القيم والعقائد في قلوب وعقول الناس وأكثر ما قتلوا كانت القدس وفلسطين لكثرة كذبهم وخداعهم ودجلهم باسم القدس وفلسطين طيلة أربعة عقود نصف ولا زالت ماكينة الدجل والخداع مستمرة بلا أدنى حياء أو خجل، ورغم أمر الإسلام الأقربون أولى بالمعروف لم يرَ الشعب الإيراني خيرا من الملالي وما رأوا منهم غير القتل والإعدامات والقمع والسجن وقتل الأطفال وقتل النساء والفتيات وتسميمهن، ومن لم يصنع خيرا في أهله فلن يصنعه في غيرهم، وقد رأى الشعب الإيراني كيف تعامل الملالي مع الفلسطينيين في العراق بما يتناقض مع شعاراتهم وادعاءاتهم بشأن فلسطين والقدس؛ كل ذلك وغيره دفع الغالبية العظمى من الشعب الإيراني إلى النفور من الملالي ورفض نظام حكمهم كلياً خاصة بعد العقوبات الاقتصادية المثيرة للجدل التي تفرضها الولايات المتحدة على الشعب الإيراني وليس النظام في حين تزود الولايات المتحدة الملالي بمليارات الدولارات بين الحين والآخر، وبالنتيجة وبسبب فشل الملالي في تلبية الحد الأدنى من احتياجات الشعب الإيراني بعد ذهاب الموارد العامة للدولة إلى تمويل الحرس والأجهزة القمعية في الداخل وصناعة الإرهاب في الخارج، ولم تعد تستخدم تلك الموارد لتلبية احتياجات الشعب في مجالات مثل الصحة والتعليم والعمل والتنمية بدلاً من تبذيرها على الإرهاب، والأهم من هذا كله أن الشعب يعلم بأن النظام مخادع وكاذب بشأن القضية الفلسطينية ولا يتخطى الأمر مجرد شعارات كاذبة وتمويل سخي لفصائل فلسطينية بعينها لشق الصفوف وإطالة أمد الصراع حتى يتمكن الملالي من تثبيت نظامهم وصناعة القنبلة الذرية وتركيع المنطقة برمتها.
أدرك الشعب الإيراني مخاطر سياسات النظام العدائية وتدخلاته في الشؤون الإقليمية ورفضها ويرفض تبعات النهج العدواني للنظام بحق العديد من الدول العربية التي تحولت شعوبها إلى أعداء لإيران بسبب التدخل في شؤونها الداخلية ودعم الملالي للجماعات المتطرفة فيها وقتل أبنائها وهدم اقتصادها ونشر الخراب والدمار فيها، ولم يعد خافياً على أحد اليوم ما جرى ويجري في العراق واليمن وسوريا ولبنان بفضل تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، وهنا وبعد انتشار أوبئة الملالي في المنطقة لم تعد كراهية الملالي وذيولهم ومرتزقتهم أمراً يقتصر على مشاعر الإيرانيين فحسب بل بات سائدا في جميع البلدان العربية، ولم يعد هناك خيارا أمام الشعب الإيراني سوى تغيير نظام الملالي وإزالته وفكره ونهجه من الوجود.
وعليه فإن الوضع الحالي في فلسطين يظهر أن الشعب الإيراني هو الخاسر الأول في الأمر حيث بدد الملالي الطاقات والموارد في دعم فئات بعينها في فلسطين ليس من أجل تحريرها ولا تحرير القدس كما يقول الملالي منذ أربعة عقود ونصف وإنما من أجل إدامة الصراع في المنطقة الأمر الذي يتيح له فرصة البقاء والتوسع ودعم وجوده حاكماً متسلطاً على رقاب الشعب الإيراني مهددا حياة الشعب وكرامته ووجوده ومستقبل أبنائه.. وانطلاقاً من وعيهم وإدراكهم انتفض أبناء الشعب الإيراني مراراً وتكراراً وما زالت ثورتهم قائمة رافضة لولي الفقيه ونظامهم ودفعوا أبناءهم وذويهم شهداء وسجناء ومفقودين كثمن لحريتهم وخلاصهم من دكتاتورية ولاية الفقيه الخارجة عن العرف والدين والقيم وشوهت الدين والعقائد في أعين الناس.
وعليه لم تعد حالة عدم الاهتمام واللامبالاة هي الموقف الأوضح فحسب بين الإيرانيين هذه الأيام تجاه ما يجري في غزة وفلسطين كما قال كوروش أحمدي في مقالة له في صحيفة شرق.. بل إنها حالة جلية واضحة إلى جانب رفض الشعب الإيراني للنظام كله بكلا الشعارين المخادعين "إصلاحيين ومتشديين" فكلاهما وجهان لعملة، وكل ذلك بسبب نهج نظام الملالي غير الشرعي طيلة 45 سنة عجاف، وما زال الملالي وجنودهم يأملون البقاء الأبدي في سلطتهم في إيران والتمدد بفكرهم ورؤيتهم بالمنطقة كلها.
لا علم كيف يمكن للنظام الإيراني أو لأحد أفراده التحدث عن عدم الاهتمام واللامبالاة كموقف أوضح بين الإيرانيين هذه الأيام تجاه ما يجري في غزة وفلسطين والنظام نفسه متخاذلاً مع الفلسطينيين ومتنازلاً عن شعاراته وقيمه الخاصة به في سبيل أن يبقى في السلطة متناغما مع الغرب.. إذ لم تظهر في ظل التداعيات الأخيرة في المنطقة أي تصريحات رسمية من السلطات الإيرانية تعبر عن التضامن مع الفلسطينيين وإدانة العدوان الإسرائيلي، وعلاوة على ذلك لم يتم رصد أي تحركات قوية من الجانب الإيراني لدعم غزة وفلسطين إثباتاً للمصداقية سواء في شكل مساعدات عسكرية أو إنسانية أو دبلوماسية كما يفعل الغرب وتفعل أمريكا إثباتاً للمصداقية في دعمها لسلطات الاحتلال في فلسطين، وبخصوص عدم الاهتمام واللامبالاة من جانب الإيرانيين فهي مبررة وقد أوضحنا ذلك؛ لكن ليس لدى النظام ما يبرر خداعه للشعب وإجرامه بحقه طيلة 45 سنة كما ليس لديه ما يبرر غدره بالفلسطيين وتخاذله معهم.
لو كانت للنظام شرعية حكم ودين وقيم لما كانت هناك مئات الآلاف من حالات الإعدام والاختفاء القسري وملايين السجناء والأحكام التعسفية، ولو كانوا دعاة دين فعلياً لتحملوا مسؤولية رعيتهم كاملة دون عنصرية أو تمييز ورأينا ذلك في نهجهم وفكرهم وعلى منابر المساجد إلا أننا لم نرَ شيئا من ذلك وما رأيناه ونراه ينفي شرعية ادعائهم الديني وحتى المذهبي الطائفي حيث إن أغلب ضحاياهم من الشيعة داخل إيران وخارجها، وتراجع كل شيء في عهدهم لأسوأ من السوء، وبدلاً من أن تُصبح القيم الدينية أعلى وأهم وسائل التهذيب الروحي لدى البشر باتت هذه القيم اليوم من المنفرات لدى البعض بسبب جهل الحاكم وادعاءاته الباطلة إلى حد الخروج.
المطلوب اليوم ممن يعملون مع النظام في طهران ويدعون أنهم أهل فكر ووعي أن ينفضوا غبار الباطل عنهم ويخرجوا ليقولوا كلمة حق في وجه سلطان ظالم متجبر ويقفون إلى جانب مشروعية مطالب الشعب الإيراني ومقاومته ليقابلوا وجه العزيز الكريم وهم أبرياء بحمل خفيف.. وليس الوقوف مع نظام ولاية الفقيه والتغطية على جرائمه وفشله.. وتذكروا أنكم مسؤولون جميعا أمام الله.
ليفانت - د. سامي خاطر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
لن أترشح إلا إذا السوريين...
- December 28, 2024
لن أترشح إلا إذا السوريين طلبوا مني..
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!