الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • سوريا حدود بحرية أم حدود المصالح التركية.. سوريا إلى اين؟!

سوريا حدود بحرية أم حدود المصالح التركية.. سوريا إلى اين؟!
أحمد منصور 

في الآونة الأخيرة، عاد الحديث عن مساعي تركيا لرسم الحدود البحرية مع سوريا، وهي خطوة تأتي في وقت تفتقر فيه سوريا إلى حكومة شرعية منتخبة ودستور مستقر يحدد صلاحيات الجهات المخولة بإبرام الاتفاقيات الدولية. هذه المساعي تثير تساؤلات حول توقيتها وأهدافها، خصوصًا أن مثل هذه الاتفاقيات تُعنى بالسيادة الوطنية ومستقبل الثروات الطبيعية في المنطقة. من الطبيعي في أوقات الصراعات أن تكون الثروات في قلب النزاعات، وعلى ما يبدو أن تركيا، التي تربطها بسوريا حدود برية طويلة ومصالح استراتيجية، تسعى للاستفادة من الوضع الحالي لترسيخ وجودها في البحر المتوسط. تشير تقارير عديدة إلى وجود احتياطيات هائلة من النفط والغاز الطبيعي في أعماق البحر، تحديدًا بالقرب من السواحل السورية واللبنانية، وهي ثروات يمكن أن تغيّر المعادلة الاقتصادية في المنطقة. وفي تناول ذات الموضوع خلال السنوات الماضية، جرت محادثات سرية بين تركيا، إسرائيل، مصر، واليونان حول تقاسم هذه الموارد البحرية. هذه المحادثات، التي لم تصل إلى اتفاق نهائي، كادت تتسبب في اندلاع صراع جديد بين تركيا واليونان في عام 2020. ما زال البحر المتوسط، بما يضمه من ثروات، يشكّل ساحة تنافس إقليمي ودولي.

بالتزامن مع استمرار الفراغ السياسي السوري الذي بات كفرصة مع غياب حكومة سورية شرعية ودستور ثابت، تجد تركيا نفسها أمام فرصة سانحة لعقد اتفاقيات قد تمنحها السيطرة على جزء من الثروات البحرية السورية. ولكن هذه الخطوة تثير تساؤلات أخلاقية وقانونية:
هل يمكن لحكومة مؤقتة أو ضعيفة أن تبرم اتفاقيات تؤثر على مستقبل البلاد؟
ماذا لو جاءت حكومة سورية جديدة غير موالية لأنقرة؟
إذ من الواضح أن تركيا تسعى لتأمين مكاسبها في ظل الوضع الحالي، حيث قد تواجه تحديات أكبر إذا تغيرت التوازنات السياسية في سوريا مستقبلاً.
علماً أن الصراع الإقليمي على ثروات البحر الأبيض المتوسط ليس بجديد. ففي العقد الأخير، تحول إلى ساحة معقدة للصراعات السياسية والاقتصادية بين دول المنطقة. بينما تسعى تركيا إلى فرض نفوذها، تصر دول مثل اليونان ومصر وإسرائيل على حماية حقوقها البحرية وفق القوانين الدولية.

بناءً على ما سبق، أعتقد أن التحركات التركية قد تكون محاولة لتعزيز موقفها قبل أي تسوية سياسية أو دستورية في سوريا، ولكن هذا النهج يحمل في طياته مخاطر كبيرة. إذ قد يؤدي إلى نزاعات إقليمية جديدة، ويُثير ردود فعل دولية، خاصة من الدول التي تشترك في مصالح اقتصادية وسياسية في المتوسط.

ختامًا، هناك مسألة وطنية: مصلحة سوريا أم مصالح الآخرين؟ 
رغم أن سباق المصالح الذي انطلق بشأن رسم الحدود البحرية في شرق المتوسط ليس إلا حلقة جديدة من سلسلة النزاعات الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة، فمع كل خطوة تخطوها تركيا وإسرائيل ودول أخرى في هذا الاتجاه، تتضح الحاجة الملحة لسوريا إلى استعادة سيادتها الكاملة عبر حكومة شرعية ودستور قوي يضمن حقوق المجتمع السوري وثرواته. يبقى السؤال: هل ستتمكن سوريا من حماية مواردها في مواجهة الأطماع الإقليمية؟ أم أن الفراغ السياسي سيظل فرصة لفرض مصالح الآخرين؟

ليفانت: المعارض السياسي أحمد منصور
 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!