الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
سوريا
images (2)

إن مفهوم السياسة العالمي لا يبنى على الصداقة بين الدول بقدر ما يبنى على المصالح المتبادلة بينها وهذا هو المتعارف عليه عالمياً وذلك بعد فترة الحرب العالمية الثانية وتقاسم النفوذ بين الدول الاستعمارية في الشرق الاوسط وانكفاءها لبلدانها وترك الدول وثرواتها تحت انظمة استبدادية تقتل شعوبها وتجوعهم فيما ثروات البلاد الباطنية تستطيع ان تكفي وتغني هذه الشعوب.


بعد قيام الثورة السورية والتي بدأت تنتصر في حينها استعان النظام بثاني اقوى قوة عالمية روسيا الاتحادية وذلك بعدما بدء النظام بالانهيار كليا وهذا ما صرح به الروس انفسهم ولبوا مطلب النظام بالقدوم الى سوريا وذلك بعد طلب سابق من النظام للمساعدة لبوا نداءه الايرانيين ولكن لم يكونوا على قدر تحمل الفيضان الثائر.



شكل العلاقة بين النظام وروسيا

بدء التدخل الروسي عسكريا في سوريا عام ٢٠١٥ ساهمت بها آلة القتل الروسي بتدمير المنشأت وقتل الشعب السوري بشكل اوسع مما كان يقوم به النظام بل وبمعدات متطورة صرح الروس ان بعضها يجرب لأول مرة في الحرب في سوريا وبدء معه توسيع مناطق سيطرة النظام على الاراضي السورية وتراجع الثوار في حينه بدئت اولى عمليات تثبيت السيطرة الروسية على الارض بإنشاء قاعدة حميميم الروسية والتي تقع ضمن محافظة اللاذقية وبدء حينها الروس بتوسع على الارض مع تزايد اعداد الجنود الروس بها وجعلها نقطة انطلاق للطيران الروسي على مناطق الثوار.

هذا كله جعل للروس القدم الكبرى والثقل ليس فقط على الامور العسكرية في سوريا بل انتقلت للسياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية مما عاد للذاكرة حالات الاستعمار في عشرينيات القرن الماضي.


التصادم بين ايران وروسيا في اللاذقية

ان شكل العلاقة الظاهر بين روسيا وايران اقليميا يظهر حالة تبادل للمصالح المشتركة والعداء المشترك لامريكا في ظل عقوبات يعانيها الطرفين وذلك انتقل لسوريا بطبيعة الحال ظاهريا ولكن كان على الارض كلام آخر من عداء وسباق نفوذ وسيطرة على الثروات يبدو لروسيا بها الحظ الاكبر وخاصة بانها صاحبة الثقل الاكبر دوليا.

فبعد السماح لايران بالسيطرة على ميناء اللاذقية من قبل النظام السوري ادرك الروس سريعا محاولة ايران السيطرة على المنشآت الحيوية في الساحل فسارعت لتوقيع عقد " تأجير " ميناء طرطوس لمدة ٤٩ عاما مما أعطى هذا التعبير تجميل متهالك لاستقلالية النظام السوري وسيادته

في حين ادرك السوريين بأن الساحل اصبح دوليا وخارج حسابات الشعب السوري انتقل الحديث للتنافس الروسي الايراني على ما تبقى من موارد ويقول ( ب . ع ) ٤٦ عاما ويعمل في ميناء اللاذقية لليفانت " بدء الحضور الايراني باكرا في الميناء في مطلع عام ٢٠١٢ ولكن على مستوى خجول و بعد توقيع عقود الاستثمار اصبح الميناء بالكامل تحت سيطرة الجانب الايراني حتى بدئنا نرى موظفون ايرانيون يعملون ضمن الميناء بل على مستوى ادارته والتحكم بكل صغيرة وكبيرة به ) وعليه بدء السؤال المطروح هل ستسمح روسيا لايران بتنافس معها على الثروات ولاحقا الاستثمارات هناك خصوصا مع وجود اجماع عالمي على خروج ايران من سوريا وتقليص دورها.


محاولات تقليص الدور الايراني من قبل روسيا


لطالما ارادت روسيا الاستفراد بالساحل السوري لوحدها والحصول على كل عقود التنقيب على النفط والغاز في المياه الدافئة في البحر المتوسط والذي يعتبر غنيا بالثروات الباطنية وعليه يبدو ان روسيا تحاول ان تستفيد من كل الظروف الدولية لاستفرادها بالساحل السوري ومحاولة طرد ايران منه في حين تمتلك الكثير من النقاط والمبررات لذلك واهمها التهديد الاسرائيلي المستمر لايران ودورها في سوريا وقرب ميناء اللاذقية من المدينة المكتظة بالسكان حجة قوية للروس للحماية السكان هناك مع وجود قاعدة شعبية من طرف الموالون للنظام تميل للروس على حساب الايرانيين لعدة اعتبارات منها مذهبية واجتماعية وايضا لقرب القاعدة الروسية حميميم من ميناء اللاذقية المهدد اسرائيلية بالقصف بحجة ابعاد الخطر عن حميميم في حال اصبح هدفا للطيران الاسرائيلي.

وعليه تحاول ايران عدم ازعاج حليفها الروسي باي ملف واللحاق بها سياسيا للحفاظ على اكبر قدر من المكاسب فمن غير المستبعد ان تتخلى لروسيا عن استثماراتها باللاذقية اذا كسبت فتح طريق طهران دمشق التجاري في حين باتت عبء على الحليف الروسي الذي يبدو بانه سينضم لاحقا للإجماع الدولي ضد ايران ولكن بطريقة اكثر زكاءا للحفاظ على مصالحه مع ايران والظهور بمظهر الوسيط الدولي بين امريكا والاوربيين وايران.


مليشيات الاسد في اللاذقية بين ولاءها لروسيا اوايران


ايران حاولت التغلغل في المجتمع الموالي للنظام في الساحل اجتماعيا ودينيا عن طريق الحسينيات التي تتبع عقديا لها فبدئت بتجنيد والاشراف على تشكيل مليشيات تابعة مباشرة لها وانشاء المعسكرات وتمويلها ماليا ولوجستيا فتلك المليشيات تتسم بالاستقلالية عن جيش النظام السوري وعن قوانينه في حين تعمل روسيا على انشاء كيانات عسكرية منظمة ضمن منظومة الجيش السوري موالية بشكل تام لها بعد تبيان وضع الجيش وتشكيلاته المنهارة وعدم امكانية اصلاحها ولها عدة مسميات تابعة لها اهمها ( الفيلق الخامس اقتحام وميلشيات النمر ) بل عملت المخابرات العسكرية الروسية هناك على التقصي عن ولاءات المليشيات العسكرية الموجودة في الساحل ومحاولة تفكيك اي مليشيا تعمل لصالح ايران عن طريق اما امدادها بالمال الاكبر وضمها للفيلق الخامس او عن طريق حلها نهائيا كما حصل مع مليشيا صقور الصحراء التابعة لأيمن جابر في اللاذقية بعد تفكيكها من قبل الروس وضم ما تبقى منها ضمن الفيلق الخامس وفي حال افلات احدى تلك المليشيات من هذه الطرق تلجأ المخابرات الروسية للمواجهة مباشرة عن طريق وكلائها من مليشيات موالية لها بحجج كثيرة منها محاربة الفساد او الاتجار بالمخدرات واخرها ما حصل مع مليشيا الغيدق وقتل قائدها في مدينة اللاذقية ويقول ( احمد . ك) ٣٦ عاما مواطن من اللاذقية لليفانت ( لا يخلو احد الاسابيع من سماعنا لرصاص ضمن احياء موالية للنظام تكون بها مقرات عسكرية لمليشيات محلية موالية للنظام ويكون هذا ناتج عن مواجهات مباشرة فيما بينها مما يشكل حالة رعب وقلق دائمة لدى السكان ومحاولتهم الفرار بأنفسهم ضمن فوضى عارمة تحصل لا يعرف بها من القاتل ومن المقتول)

وعليه فان التسابق على السيطرة على الساحل بين روسيا وايران مستمر فيما يبدو بان للروس الغلبة ماليا وعسكريا في حين تقهقر ايران وتراجعها مستمر لعدة اسباب اهمها الاقتصادية والتي شكلت عبء كبير على الشعب الايراني الذي خرج اخيرا عن صمته في عدة مدن ايرانية منددا بالوضع الاقتصادي للمواطن هناك في حين ان ميزانية الدولة تذهب اغلبها لدعم ميلشياتها بالخارج كسوريا واليمن.


محمد اللاذقاني

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!