الوضع المظلم
الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
سياسة العالم تعجزُ والسُعودية تُنجز
خالد الجاسر

ماذا لو تعايشت إيران؟ سلسلة من المقالات التي أفردناها، نُشر منها 33 مقالاً، بصحيفتنا الغراء "ليفانت نيوز"، وقد سعينا خلالها لحصر مشكلات النظام الإيراني بدول الشرق الأوسط الكبير، خاصة الخليج العربي وجيرانه، وكأن صداها قد وصل لتتعايش إيران، بعد 40 عاماً من العقوبات والضغوط الدولية، وعجزت أمامها السياسات الدولية لإخضاع طهران، حتى لم يبقَ لأمريكا وإسرائيل سوى شعرة لضرب إيران في مقتلها.

غير أن القوة الناعمة للسعودية العُظمى أنجزت وأرجعت النظام الإيراني إلى الطريق الصحيح وأحضان مُجتمعه الإقليمي، عبر بوابة التعايش، لتنجح في تبديل العنوان من (ماذا لو تعايشت إيران؟ إلى بدأت تتعايش إيران)، لكن الأهم، هل سيلتزم النظام الإيراني مستقبلاً؟ فهذه ليست المرة الأولى بين البلدين منذ عام 2016 بسبب الاعتداء الإيراني على السفارة السعودية في طهران، وقطعت سابقاً في أبريل 1988، ولا ننسى تصالح الجانبين في 2001 وانتكاسته حيثُ عُرفت باتفاقية «نايف - روحاني»، أي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله، وحسن روحاني. وهو ما يؤكد ثبوتَ النهج السعودي، وعدم الالتزام الإيراني، ليُكلل كل ذلك الفشل بوساطة صينية في مارس الحالي، يفترض بعدها عودة البعثات الدبلوماسية، وإحياء اتفاقية التعاون القديمة التي وقعت عام 1998.

بالطبع يُشكك الكثيرون في جدية طهران، التي حاولت استمالة السعودية للتصالح، عبر خمس جولات من التباحث بوساطة عراقية وعمانية، ولم تفلح في تحقيق التقدم، كونها دولة غير جادة وغير آبهة بالالتزامات الدولية، ولا حق الجار، لكن قد يكون الوسيط الصيني له دور في التأثير والتحجيم لأفعاله وأقاويله وإرهابه الذي عم داخل إيران ومحيطه الإقليمي بتدخلات مليشياته بالدول العربية وتدميرها.

لقد كان من الصعب إقناع السعودية، غير أن الوسيط ليس وسيطاً عادياً، فهو صاحب الصفقة لربع قرن بشراء النفط الإيراني، وله أثر مباشر على إيران التي تقبع تحت عقوبات دولية (أمريكية غربية) وهي الدول اللدودة للصين دولياً، ولا منفذ لإيران كما لروسيا إلا الصين ذات التوسعات الكبيرة لأسواق المنطقة التي تربطها بطريق الحرير.

بالطبع لا غير الصين في تلك المعادلة، فلا تستطيع الولايات المتحدة أو دول القارة العجوز أو حتى الحليفة الروسية ضمان الوعود الإيرانية الواهية، التي يُقابله النهج السعودي الدائم وهو أهمية احترام دول الجوار والمواثيق الدولية، وعدم التطفل أو التدخل في شؤون الآخرين، وهي فترة عصيبة عليها حالياً فالنظام الإيراني يمر بأزمة وجود داخلية صرفة، وخارجية نووية أشد تعقيداً؛ ولا تدخل من السعودية في هذا أو ذاك.. فرؤية 2030 قائمة على النهضة التكاملية، التي تطال النهوض بالمنطقة ككُل، كما قال عرّابها ولي العهد السعودي: إن المنطقة ستكون "أوروبا الجديدة".

إذاً النتيجة الواقعية أن لا خيارَ لإيران إلا التصالحُ وإلا ستقبع تحت التهديد والحرب الخارجية، لا سيما مع هيمنة طهران على أربع عواصم عربية، فالصلح أفضل لها.. فهل ستصدُق النية؟

ليفانت - خالد الجاسر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!