الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • شيخ عشيرة الفواعرة..من ممثل للمعارضة في سوتشي إلى أحضان الأسد

شيخ عشيرة الفواعرة..من ممثل للمعارضة في سوتشي إلى أحضان الأسد
عشيرة الفواعرة

ليفانت- نور مارتيني



تشهد البادية السورية، تحرّكات عسكرية مريبة، يرافقها تحوّل كبير في الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، من حيث تمركز القوات المنخرطة في أعمال عسكرية، وماله من دلالات ترخي بظلالها على حياة المدنيين، ممن باتوا محاصرين بين نارين: قوت يومهم، ومعتقداتهم.


ساهم في كلّ ذلك المال السياسي الذي يبتزّ به الزعماء والقادة المدنيين، ويوجّههونهم حيث يحلو لهم، بالتوازي مع اضمحلال ملامح الدولة وتلاشي نفوذها في سوريا، ما يروّج لظاهرة الانكفاء نحو الانتماء الضيّق، سواء أكانت عشيرة أم طائفة دينية، على حساب مفهوم المواطنة.



وشهدت مناطق شرق سوريا تغيّراً كبيراً في الخارطة السياسية، ساعد عليه معاودة تنظيم داعش المريبة لنشاطه، والظروف المعيشية الخانقة، والتي زادت عزلة المنطقة جرّاء وباء كورونا من وطأتها، ما أتاح الفرصة لإيران من أجل شراء ولاء بعض العشائر، ممن لهم نفوذ في المنطقة، ليقوموا بتجنيد أبناء العشائر لصالح هذه الميليشيات، في زمن يصعب فيه الخروج على إجماع القبيلة التي باتت تتحكّم برقاب الناس، وهي لعبة عمد النظام السوري إلى إدارتها بجدارة منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.


اقرأ المزيد: الفصائل الموالية لتركيا تعتقل شيخ عشيرة البوعساف


من هنا يبدو غير مستغربٍ على الإطلاق نبأ عودة شيخ عشيرة الفواعرة، ممدوح الفدعوس إلى حضن النظام بعد شهر واحد من وفاة أبيه شيخ العشيرة السابق، وسط احتفاء كبير من وسائل الإعلام التابعة لإيران وحزب الله.


يأتي ذلك بعد أشهر قليلة من إعلان انشقاق عشيرة كاملة من “ميليشيات الدفاع الوطني”، والتحاقها بالميليشيات الإيرانية تحت اسم “لواء الشيخ أكرم”. 


لعبة العشائر تدار بيد قطر.. بيانات “العكيدات” المجهولة


سبق وأن شهدت منطقة البادية السورية اضطرابات كبيرة، نتيجة تصفية وجهاء عشيرة العكيدات، وصدر وقتها بيان نسب لأحد شيوخ العشيرة،  ناشد خلاله من وصفوا أنفسهم، بأنهم شيوخ ووجهاء وفعاليات ثورية اجتماعية وسياسية وعسكرية في المحافظة “الجميع من أبناء المنطقة الشرقية الصادقين الأحرار مؤازرة إخوانهم و أهلهم في معركة تحرير الديار والانضمام إلى البركان الثائر بوجه عصابة و مرتزقة قسد الإرهابية المأجورة قسد الطغيان” حسب لغة البيان.



لاحقاً أكّد مصدر محلي في حديث لـ RT، أن ما يتم تداوله من بيانات صادرة عن قبيلة العكيدات في سوريا، ليس دقيقا ولا يعبر بالضرورة عن مواقف شيوخها.


وأفاد المصدر بأن “الشيخ مصعب (خليل جدعان الهفل) ليس له أي صفحة رسمية، وأنه عادة يظهر في تسجيلات مصورة، حين يريد إعلان موقف ما”.


وفيما يتعلّق بالبيان المنشور على صفحة تحمل اسم (قبيلة العقيدات – الموقع الرسمي)، فقال المصدر إن “القبيلة ليس لها أي صفحة، وعادة شيوخ العكيدات يتكلمون من خلال بيانات مصورة، أو عن طريق أحد أبناء القبيلة”.


عودة ممدوح الفدعوس إلى سوريا


تناقلت الوسائل الإعلامية المختلفة، مقاطع فيديو للشيخ “ممدوح الفدعوس” شيخ عشيرة الفواعرة بعد مضي شهر على وفاة أبيه “محمود الفدعوس”، الذي كان يرأس القبيلة سابقاً.


اقرأ المزيد: أحد مشايخ العكيدات الموالين للنظام ينفي وجود داعش في المنطقة


وكانت المصادر قد أفادت أن الفدعوس وصل مؤخراً إلى بيروت، ليتجه بعد ذلك إلى سوريا، وفق ترتيبات تم إعدادها سلفاً، وقد بث مقربون من الفدعوس فيديو للحظة وصوله إلى مطار رفيق الحريري في بيروت.


كما وجه الفدعوس رسالة شكر إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومحافظ حمص بسام بارسيك، لتقديم تسهيلات عودته، داعياً الجميع للعودة إلى سوريا، بحسب تسجيل نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.


جدير بالذكر أن الفدعوس كان عضواً في مجلس القبائل والعشائر السورية التابع للمعارضة، والذي انعقد في فبراير/ شباط 2019، بحضور شيوخ القبائل والعشائر ووجهائها وأعيانها، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن المصطفى.


وانتخب المجلس حينها، بحسب موقع “الائتلاف“، رامي الدوش رئيساً للمجلس، وكلاً من ممدوح الفدعوس، عامر البشير، ونواف الفرحان نواباً للرئيس، فيما لم يصدر أي بيان من قبل الائتلاف الوطني حول عودة الفدعوس، في الأسبوع الماضي إلى سوريا.


موقف عشيرة الفواعرة..ومطالب بإقصاء ممدوح


نشرت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، منشوراً باسم مجهول، جرى وفقه نقاش عودة الفدعوس إلى سوريا، وموقف أهالي القبيلة.


اقرأ المزيد: عشيرة البكير تتبرأ من قائد مجلس دير الزور العسكري


وجاء في المنشور الذي أيّد فحواه المعلقون “بدأت الثورة المباركة منذ عشر سنوات، وكان لمدينتنا حمص شرف الالتحاق مبكراً بها، ونحن كقبيلة الفواعرة من أوائل الثوار ودفعنا الثمن غالياً جداً، فكما سميت حمص عاصمة الثورة عرفت قبيلتنا لاحقاً بقبيلة الشهداء نظراً لعدد الشهداء الكبير من شبابنا، الذين قضوا في المعارك ضد النظام أو في المعتقلات .ومن جميع أفخاذ القبيلة”


.وتعليقاً على ماجرى، نصّ المنشور على أنّ “شيخ العشيرة محمود الفدعوس رحمه الله لم يرتقِ لمستوى الحدث وآثر الوقوف جانباً، وكانت المبررات أنه رجل طاعن في السن ولايستطيع فعل شيء”، مشيراً إلى أنه “تتابعت الأحداث ومع كل أسف ونتيجة التآمر الدولي على ثورتنا رجحت كفة النظام وأصبحنا نرى شيخ عشيرتنا يرافق وفد النظام إلى سوتشي كممثل عنا تارة، ثم يقيم مأدبة غداء للضباط الروس في منزله ويحتضنهم ويلبسهم العباءة دون حياء أو خجل من أحد، رغم كل مافعلوه في سوريا ويخرج علينا البعض فيسوق المبررات بأنه بين يدي النظام، ولايستطيع رفض شيء وكل مايقوم به مكرها عليه، وعند السؤال لماذا لم يبتعد ويغادر منذ البداية يأتينا الرد أنه رجل كبير لايتحمل البهدلة والتهجير وهذا الكلام غير صحيح فلو خرج لعاش عزيزاً أينما حل به الرحال”.


وجاء فيه أيضاً:  “تم اختيار ممدوح شيخا عندما كان بعيداً عن النظام وأقرب للثورة، أما أن يعود ليقف ضد تطلعاتنا فهذا مالايرضى به دين وعقل ولايقبله منطق، وهذا استهتار بمشاعرنا ودماء شهدائنا ومعاناتنا المستمرة إلى أن يشاء الله” ، وتابع: “مالهذا اخترنا ممدوح ليكون قدوتنا، ولايليق بكل من يدعي الثورية أن يرضى بذلك”.

وختم بالقول: “نحن لانجبر أحداً على موقف ما، لكن على الجميع أن يدلي برأيه بكل صراحة ووضوح وأعيد وأكرر، عار على كل ثائر أن يوافق ويصفق لعودة شيخ قبيلته إلى جانب عدوه، فمن رضي بهذا فهو مع بشار الأسد قولاً واحداً، وإلا فمن يعود إلى حضن النظام فليس له سمعاً ولاطاعة علينا ولا يشرفنا أن يكون شيخ قبيلتنا” .


طرق كثيرة تمّ وفقها استغلال الانتماء القبلي والعائلي لحصار المعارضين، من بينها محاربة من يعارض النظام عن طريق اللجوء إلى المجتمع المحلي، ما يؤكّد أن البلاد تدار بسلطة الأمر الواقع، وأن لا قرار لسوري على أرضه!


 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!