-
صبّاحي ودرّاجي.. أن تكون قومجيّاً
لم يكن مفاجئاً ما أعلنه الناصري حمدين صبّاحي عن تقديره لموقف النظام السوري من حضور القمة العربية القادمة في الجزائر وإشاداته الدائمة بإنجازاته في "محاربة الإرهاب"، وهو القومجي وريث الفكر الناصري وممثله الأول في مصر وفي العالم العربي، الذي ما فتئ يدافع عن الديكتاتوريات العربية رغم معاناته منها على يد من عاصرهم في مصر كالسادات ومبارك.
لا يمكن فهم طريقة تفكير هذا الصباحي وأمثاله من المدافعين عن الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية إلا بالنظر لوضعه النفسي الذي يشير بما لا يترك مجالاً للشك بأنه متخم بالمازوشية، إذ لم يمنعه اعتقاله على أيدي هؤلاء من التطبيل لأمثالهم كبشار الأسد وعبد المجيد تبّون، لا بل يمكن اعتبار موقفه التمجيدي بالأسد الذي قتل ودمّر وهجّر صورة عمّا يفكّر فيه القومجي، ولا غرابة في رغبة مكبوتة لديه بأن يفعل الجرائم ذاتها في حال وصوله للسلطة من أجل أن يضمن له وللقومجيين أمثاله حكماً أبدياً.
لا يعقل أن يكون حفيظ درّاجي المعلّق الرياضي في منظومة قناة الجزيرة على غير اطلاع على جرائم الأسد بحقّ السوريين، وقد رصدت القناة الكثير منها، لكن يبدو أن كل القومجيين ينهلون من نفس النبع الذي تسربت له نفايات القتل والإجرام والعمالة، فهذا الدرّاجي وكثير من الشخصيات والأحزاب التي تحمل شعار القومية راحوا واحداً تلو الآخر يعلنون التبعية والولاء لحاملي شعارات المقاومة والممانعة متغافلين عن جرائمهم ومتناسين أو غير مدركين أن هؤلاء أكثر من يتعامل مع إسرائيل وأول من باع واشترى بالقضية الفلسطينية، وأنه لولا التبنّي الإسرائيلي لهم لأسقتطهم شعوبهم وأولها في سوريا وليس آخرها في الضاحية الجنوبية عند صبيّ إيران هناك حسن نصر الله.
يتبادر للذهن سؤال صغير وبسيط، وقد يخطر ببال كل متابع، كيف لهؤلاء أن يدّعوا العروبة ويدعون للقومية العربية وهم يناصرون في الوقت ذاته إيران وميليشياتها الأجنبية والعربية منها ضد الشعب العربي في سويا ولبنان واليمن والخليج العربي؟ أي عروبة وقومية هذه التي يرفعون شعاراتها؟ لا بل وفوق ذلك يباركون التدخل العسكري الروسي الذي قتل عشرات الآلاف من السوريين.
لا يصدّق الشعب مثل هؤلاء، وهو على يقين بأن مواقفهم هذه تدلّ على جهل، ويعرف أن بينهم الكثير من العملاء المأجورين يقبضون ثمن هذه المواقف، ولن يسمح لهم يوماً باعتلاء السلطة، وقد سبق للمصريين أن أسقطوا صبّاحي في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، إذ لا شك بأنهم كشفوا ارتباطاته بالديكتاتوريات وتمجيده بالقتلة والمجرمين، ولن يكون حال أي قومجيّ أفضل في أي انتخابات ديموقراطية تجري في أي بلد عربي، حيث سقطت الورقة التي تستر عورتهم، وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بفضح انتماءاتهم اللا قومية واللا عربية.
يمكن فهم سبب موالاة عدد غير قليل من السوريين واللبنانيين واليمنيين لقياداتهم المحكومة من إيران الذي يقوم على أساس طائفي ونفعي، وبناء على ذلك كانوا يدهم القاتلة والمرتكِبة لكل الآثام بحق شركائهم في البلد والقومية، لكن كيف يمكن تفسير تأييد أحزاب عربية وشخصيات عربية من بلدان أخرى لا رابط طائفي لها بهؤلاء الأكثر بعداً عن الفكر القومي، وإن كان بعضهم يدّعيه ويرفع شعاراته؟
تبنّى معمّر القذافي وحافظ الأسد وصدّام حسين وغيرهم من القيادات العربية الدعوة لوحدة عربية أو اتحاد عربي، وذلك في محاولة لاستمالة الشباب العربي الذي كان مشبعاً بالفكر العروبي، لا سيما الناصري، ولإتمام الصفقة اشتروا مواقف القوميين العرب والأحزاب القومية وأغدقوا عليهم الأموال، فجعلوا منهم أبواقاً لهم، ومع تراجع المدّ العروبي بين الشباب توقّف هذا الدعم، فلم تعد هناك حاجة ملحّة لهذه الأبواق، وقد تراجعت شعبيتها للحضيض، لكن بعضها استمر بالعمالة وبيع المواقف ولو بثمن بخس، حتى لم تعد مؤتمراتهم التي يعقدونها بين الفينة والأخرى في دمشق أو بيروت وتونس والجزائر تحظى بكبير اهتمام من قيادات هذه الدول، ولا يتجاوز ما يتلقونه من دعم أجور الفنادق وتذاكر الطيران، وصور تذكارية توثق المجانيّة.
درّاجي وصبّاحي وكل القومجيين يشبهون إلى حدّ بعيد قاتلاً مجور تقدم به العمر ولم يعدأج
أجوراً تقدّم به العمر ولم يعد يجد مشغّلين له، لفظه الجميع وقد عرفوا حقيقته، لكنه ما يزال يعاند ويكابر على عجزه، يستعرض آخر فتوّته علّه يعثر على مشغّل من أي صنف، فقط يريد بعض الفتات مقابل جريمته المنتظرة، ولديه في وسائل الإعلام المفتوحة الكثير من المنافذ ليفعل ذلك، فما أسهل أن يدبّج مقالاً هنا وبياناً هناك بانتظار مهمة إجرام تُرمى له.
لا شك أن فكرة القومية العربية ما تزال قائمة ولها أنصار غير قلائل، وهناك بعض الأحزاب العربية النزيهة، وعلى هؤلاء أن يتبرؤوا من أفعال ومواقف القومجيين الرخيصة إذا ما كانوا حريصين على فكرهم وأنصاره، بعدما عرّت الثورات العربية هؤلاء بوقوفهم في صفّ الطغاة ضد الشعوب العربية، وهذا ما تسبّب بإساءة كبيرة للفكر القومي، وبات كل من يتبناه موضع شكّ واتهام.
ليفانت – عبد السلام حاج بكري
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!