الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
صدّام حسين يقود العربات إلى كردستان سوريا
همبرفان كوسه

همبرفان كوسه - صحافي كردي سوري




بعد أيّام من بدء العدوان التركيّ ضدّ مدن وبلدات "كردستان سوريا"، أظهرت صور لعربات الجيش السوريّ الحرّ وهم يتحضّرون للتوجّه إلى النقاط الحدوديّة. أظهرت تلك المشاهد صوراً ملصقة لـ صدّام حسين في مقدّمة هذه العربات في وجهتها نحو "روجآفا".




ويبدو أنّه كان لا بدّ لفصائل الجيش السوريّ الحرّ استحضار الصورة الرمزيّة لصدّام حسين في مخيلتهم، مثل ما حدث في مدينة عفرين، أثناء التحضّر لاحتلالها. كان وجود صورة صدّام حسين على عربة عسكريّة لهذه القوات توحي بأنّ بطولاته، توازي بطولة أردوغان، رغم أنّه عندما يتعلّق الأمر بالكرد، فإنّ هؤلاء المقاتلين تحضر صورة صدام حسين بشكلٍ يضاهي صورة أردوغان، ذلك أنّ صدّام يمثّل بالنسبة لهم درّة تاج القمع والقهر التي طاول الكرد، وبالتالي فإنّ حضور صورة صدّام تتمم صورة أردوغان، وكأنّنا في إزاء صورة مشكّلة من أحجار البازل.




والحال أنّ ما يجب أن نفهمه بعد تجربتين متكررتين، ومئات الشعارات في تجارب مغايرة، أنّ الجيش السوريّ الحرّ مفتونٌ بصدّام حسين ليس لأنّه كان قائداً سنيّاً واجه إيران ووقف في وجه إسرائيل، لا. اليوم، هذه الصور والتجارب تبيّن أنّ الجيش الحرّ يمجّد أردوغان لأنّه قتل الكرد وضلع في إبادة الكرد واتبع سياسة الحل الأخير في مواجهتهم. الجيش الحرّ بحث عن من يتمثّلون به لمواجهة الكرد، فعثروا عليه، ووجدوا من يدفع لهم لتطبيق تمثيلهم.




ورغم أنّ هذه الاحتلالات التركيّة المتتالية، تعبّر عن صراع كرديّ- تركيّ مزمن، لا علاقة له بالعرب، ولا علاقة له بسوريا أو العراق بكلّ محاوره من قريب أو بعيد، إلّا أنّه ربّما هذه القوات تريد أن تقول لنا عن رغبتها في تجميع كل الرموز، لاستخدامها في إبادة الكرد وتدمير جغرافيتهم.




في إزاء مشهد هذه الملصقات وهي تغطّي العربات العسكريّة، تقف أمام المشهد الأكثر واقعيّة في الثورة السوريّة، المشهد الّذي يوضّح أنّ الثورة بعد أن تدخلت فيها دولاً إقليمية، وتحديداً تركيا، صار فيها الاعتراض على أساس العصبيّة لا الفعل. بصورة أخرى، اليوم، بعض سوريو السنّة من المعارضة في اعتراض على رئيسٍ لاعتبار أنّه علويّ، وعلى اتفاق مع أردوغان على اعتبار أنّه يفعل ما بوسعه لقتل ومحق الكرد، والطوائف الثانية في صورةٍ مماثلة من ذلك. تحوّل الاعتراض في المواقف الشعبيّة والسياسيّة السوريّة على اعتبارات الانتماءات الهوياتيّة دون سواها.




وفي مطلق الأحوال، فإنّ أردوغان لا يمثّل صورة المستبدّ إلى الأبد، وقد لا يمنحه الأبد فرصته. لتُعرى هذه الجماعات، دون أن تتمكّن من العودة إلى رشدها. لكن المؤكّد أنّ هؤلاء القتلة، مباعون في أقرب صفقة تفيد أردوغان وتُطيل عمره.




سلك صدام حسين طريقاً متعرجةً طويلة حتّى أصبح الطاغيةً التي فتك الكرد؛ إذ أن وصول صدّام إلى مرحلة تنفيذ المجازر والإبادات اقتضت إلتقاطه الأنفاس أحياناً. على العكس من ذلك، اختصر أردوغان هذا الطريق، فأمسى مماثلاً لصورة صدّام حسين في ذهن الكرد. ربّما كان ثمّة رفض عراقيّ شعبيّ لما فعله صدّام بالكرد، وربّما رأوه طاغية وديكتاتور، لكن الأكيد أنّ كثير السوريين منهم هؤلاء المقاتلين، يرون أردوغان بطلاً، فقط لأنّه يفعل كلّ هذا بالكرد أولاً.




وربّما اليوم، يعيش أردوغان في غزوه على روجآفا، تجربة صدّام حسين في غزوه الكويت، أو ما نتمناه أن يكون.

رفض الرئيس الكرديّ الراحل، جلال الطالباني، التوقيع على إعدام صدّام حسين، رغم ما فعله بالكرد، لأنّه كان قد وقّع على معروض دوليّ لمناهضة عقوبة الإعدام وكان يرفض هذه العقوبة، لذلك تغيّب عن مكتبه ووقّع نائبه عادل عبد المهدي عنه، وبذلك نجا من كراهية محتملة كادت أن تطاله. أحكام الإعدام أيضاً لا تشمل محاكم قوات سوريا الديمقراطيّة مهما كان الوصف الجرمي للجناية المرتكبة، وبالتالي فإنّ عقوبة الإعدام تبدو مزدرة في الأوساط السياسيّة الكرديّة. أمّا اليوم، فإنّ كثير السوريين، ومنهم موالو صدّام حسين، رغم أنّ هذه الموالاة ليست وجهة نظر، وقّعوا على إعدام الوجود الكرديّ في سوريا.


....


 




 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!